لم ينته العالم من تبعات الإصابة بكوفيد 19 ومتحوراته ؛ حتى استيقظ على كارثة أخرى وهي الإصابة بجدري القرود؛ والتي بدأت تتسلل وتزداد يوما بعد يوم؛ والتي جعلت الكثير يتساءل ما هو سبب الإصابة ؛ فكان الرد أنه مرض يصيب الأشخاص الذين يمارسون الشذوذ وهي كلمة جعلت الجميع يعود للتساؤل هل كل من يصاب بجدري القرود سيوجه له الاتهام بالشذوذ ؟
موضوعات مقترحة
وجاء رد المتخصصين أن مجرد إصابة شخص بجدري القرود فانه يصبح بيئة متنقلة لنشر الفيروس لكل من يصافحه أو يتعامل معه؛ وإن هذه الحالات مرتبطة عادة بالسفر الدولي أو استيراد الحيوانات المصابة بالجدري؛ ولكن رغم ظهور جدري القرود يمكن للمطهرات المنزلية الشائعة أن تقتل الفيروس.
و تحقق السلطات الصحية في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا في تفشي حالات الإصابة بجدري القرود مؤخرًا، وهو مرض فيروسي نادر كان يقتصر عادة على إفريقيا
ولكن الآن تم اكتشاف حالة إيجابية في إسرائيل وحالتين في لبنان؛ و أبلغت ألمانيا يوم الجمعة عن أول حالة إصابة بالفيروس ، لتصبح أحدث دولة أوروبية تتعرف على تفشي المرض إلى جانب المملكة المتحدة وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا والسويد؛ إلى أن أعلنت منظمة الصحة أنها تتوقع رصد المزيد من حالات الإصابة بجدري القرود، في الوقت الذي توسع نطاق المراقبة في البلدان التي لا يوجد فيها المرض عادة.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنه حتى يوم السبت، تم الإبلاغ عن 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه بإصابتها بجدري القرود من 12 دولة عضو لا يتوطن فيها الفيروس، مضيفة أنها ستقدم مزيدا من الإرشادات والتوصيات في الأيام المقبلة للدول حول كيفية الحد من انتشار جدرى القرود.
ظهور جدري القرود في أمريكا وأوروبا
وقد أكدت الولايات المتحدة وأستراليا هذا الأسبوع أيضًا حالاتهما الأولى ، حيث يحاول الخبراء تحديد السبب الجذري للارتفاع الأخير
في حين تم ربط بعض الحالات بالسفر من إفريقيا ، يعتقد أن الإصابات الحديثة قد انتشرت في المجتمع ، مما يزيد من مخاطر تفشي المرض على نطاق أوسع
الشذوذ الجنسي مصدر رئيسي لنقل عدوي جدري القرود
يقول الدكتور ماهر محمود استشاري الأمراض الجلدية أن غالبية حالات الإصابة الجديدة في بريطانيا كانت بين المثليين؛ و ذلك حسب ما صرحت به المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والعدوى ووكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إنهم يحققون في مجموعة من الحالات ، بما في ذلك الحالات بين الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم رجال يمارسون الجنس مع رجال او ممن يتعاملون مع الحيوانات بممارسات غير اخلاقية ، وقد حثوا الرجال المثليين وثنائيي الجنس على وجه الخصوص على أن يكونوا على دراية بالنتائج التي تحدث نتيجة الممارسات الغير أخلاقية ؛ ومن هذه النتائج أي طفح جلدي أو آفات غير عادية.
ولذلك ولتفادي الانتشار حثت لندن و مدريد المثليين على سرعة تلقى لقاح ضد المرض
وفي المملكة المتحدة وحدها ، تضاعفت الحالات منذ تحديد الحالة الأولى في 7 مايو ؛ حيث يوجد في البلاد الآن 20 حالة إصابة مؤكدة بجدرى القرود ، على الرغم من وجود مخاوف من احتمال وجود العديد من الحالات التي لم يتم اكتشافها.
في عام 2021 ، تم تشخيص إصابة شخصين مسافرين من نيجيريا إلى الولايات المتحدة بالمرض ، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
بداية ظهور جدري القرود
وتابع استشاري الأمراض الجلدية، أنه قد تم العثور على جدرى القرود في الغالب في غرب ووسط إفريقيا، ولكن شوهدت حالات إضافية في أوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة، وأجزاء أخرى من العالم في السنوات الأخيرة.
وقال مركز السيطرة على الأمراض إن هذه الحالات مرتبطة عادة بالسفر الدولي أو استيراد الحيوانات المصابة بالجدري.
وأكدت إسبانيا يوم الخميس سبع حالات إصابة بمرض جدري القرود في مدريد وتحقق في 22 حالة أخرى. أكدت إيطاليا أول حالة إصابة لديها ؛ وأعلن مسئولو الصحة العامة الكنديون أنهم يحققون في 17 حالة يشتبه في إصابتها بجدري القردة في مونتريال.
أعراض جدري القرود
قال الدكتور ماهر محمود استشاري الأمراض الجلدية إن هناك فترة حضانة تتراوح من سبعة إلى 14 يوما عادة ما تكون الأعراض الأولية شبيهة بالأنفلونزا ، مثل الحمى والقشعريرة والإرهاق والصداع وضعف العضلات ، يليها تورم في الغدد الليمفاوية ، مما يساعد الجسم على مكافحة العدوى والمرض
الميزة التي تميز الإصابة بجدري القرود عن تلك الخاصة بالجدري هي تطور الغدد الليمفاوية المتضخمة
يأتي بعد ذلك طفح جلدي واسع الانتشار على الوجه والجسم ، بما في ذلك داخل الفم وعلى راحتي اليدين وباطن القدمين
و يظهر الطفح على شكل دوائر حمراء مليئة بسوائل لامعة سرعان ما تتقشر و تختفي خلال أسبوعين أو ثلاثة.
كيف ينتشر جدرى القرود؟
يقول الدكتور ماهر محمود عضو الأكاديمية الأوربية للأمراض الجلدية إن الاتصال الجسدي الوثيق بالفرد المصاب هو سبب انتشار فيروس جدري القرود.
لذلك يمكن احتواؤه بسهولة نسبيا من خلال تدابير مثل العزلة الذاتية والنظافة الشخصية.
والعدوى يمكن أن تتطور بعد التعرض "لجروح في الجلد ، أو الأغشية المخاطية ، أو مخاط الجهاز التنفسي ، أو سوائل الجسم المصابة أو حتى ملامسة الأدوات الملوثة
و قال الدكتور محمود ماهر عندما تلتئم الآفات ، يمكن أن تتساقط القشرة ؛ التي قد تحمل فيروسا معديا على شكل غبار يمكن استنشاقه.
و أكد أنه يمكن أن يكون جدري القرود عدوى خطيرة ، حيث بلغت معدلات الوفيات الناجمة عن هذا النوع من فيروسات جدري القرود حوالي 1٪ و مع ذلك ، في العالم المتقدم ، سيكون من غير المعتاد رؤية أي شيء أكثر من عدد قليل من الحالات في أي تفش ، ولن نشهد مستويات انتقال على غرار كوفيد.
و يمكن للمطهرات المنزلية الشائعة أن تقتل فيروس جدري القرود ، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض.
من أين نشأ جدري القرود؟
أضاف استشاري الأمراض الجلدية: أطلق أسم جدري القرود بهذا الاسم في عام 1958 عندما حدث تفشيان لمرض شبيه بالجدري في مستعمرات من القردة التي تم الاحتفاظ بها للبحث ، حسبما ذكر مركز السيطرة على الأمراض.
وقال إن مرض جدري القردة ما زال مجهولا رغم أن القوارض الإفريقية يشتبه في أنها تلعب دورا في انتقال العدوى.
وذكر الدكتور ماهر محمود إن أول حالة معروفة من جدري القرود لدى البشر سجلت في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال فترة من الجهود المكثفة للقضاء على الجدري
علاج جدري القرود
قال الدكتور ماهر محمود لا توجد حاليا علاجات مؤكدة وآمنة لجدري القرود، على الرغم من أن معظم الحالات خفيفة.
وقد يتم عزل الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالفيروس في غرفة ضغط سلبي وهي مساحات تستخدم لعزل المرضى؛ ومراقبتهم من قبل متخصصي الرعاية الصحية باستخدام معدات الحماية الشخصية.
ومع ذلك، فقد أثبتت لقاحات الجدري فعاليتها إلى حد كبير في منع انتشار الفيروس.
وتقدم دول بما في ذلك المملكة المتحدة وإسبانيا الآن اللقاح لأولئك الذين تعرضوا للعدوى للمساعدة في تقليل الأعراض والحد من انتشارها.
ماهر محمود