من حقنا جميعًا أن نشارك القلق على حاضرنا ومستقبلنا، كما هو واجب علينا أن نشارك في رسم خطواته، وبديهي أن "مستقبل مصر" يظل في خطر إن لم نوفر أمننا الغذائي، أولم نتبع الأساليب العلمية الحديثة لاستدامة الإنتاج الزراعي، بعد أن زحفت المباني العشوائية على الدلتا، وقلصت مساحة المزروع برغم تنامي أعداد السكان، ننادي بصوت جهوري ليسمعنا الجميع "مستقبل مصر" الآمن لن يتحقق دون توفير فرص عمل للشباب، وتوفير بيئة آمنة مستقرة للعمالة البسيطة فتركهم بدون دخل مثل ترك قنبلة موقوتة ليستغلها أعداء الوطن.
قرأت مقالًا لخبير اقتصاد يتحدث عن "مستقبل مصر" يعتمد على إعطاء الفرصة للقطاع الخاص ليشارك في التنمية مع توفير بنية تحتية تمكنه من إنشاء مشروعات زراعية وصناعية تدر دخلًا وتوفر فرص عمل، ويؤكد آخر عن حق أن "مستقبل مصر" في تقليل الواردات التي تستنفد احتياطي النقد الأجنبي، وتربك أسواق المال عند أي مستجد عالمي يؤثر على حركة التجارة العالمية وسلسلة الإمدادات الغذائية، مثلما يحدث الآن في الأزمة الروسية - الأوكرانية، "مستقبل مصر" أيضًا يتحقق استقراره في إحداث توازن بين الإنشاءات العمرانية والتنمية الاقتصادية التي تواكب أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠..
كل ما سبق هو ما ينادي به خبراء الاقتصاد والسياسة والإعلام والحقوقيون، مطالب نتفق عليها جميعًا المؤيد قبل المعارض الوطني، وليس الخونة الذين يحاولون تغييب وعي المواطنين بنشر الإحباط والتراخي وإغفال كل الإنجازات التنموية التي تقودنا اليوم لنرى ما حلمنا به لعقود طويلة..
آمال حلمنا بها ونراها اليوم تتحقق بإرادة سياسية وبخطوات علمية مدروسة منذ مد الطرق والكباري والبنية التحتية؛ لنصل لافتتاحات في مشروع هو بحق "مستقبل مصر"..
هذا العنوان "العبقري" الذي أطلق على المشروع الزراعي الأضخم الذي تنفذه الدولة بإشراف من القوات المسلحة، وتشارك فيه أكثر من ٨٠ شركة خاصة بين استثمار مباشر أو بنظام المشاركة أو حق الانتفاع، علـى امتداد طريـق مـحـور روض الفرج - الضبعة الجديـد، وهو الطريق الذي أنشأ ضمن المشروع القومي للطرق بطول ۱۲۰ كم وعمق 60 : 70 كم، ويبعد 30 دقيقة من مدينة السادس من أكتوبر، وانطلق منذ خمس سنوات في صمت لنرى اليوم جني ثماره.
لنفاجأ أن الرئيس قرر وكلف بأن يكون مشروع مستقبل مصـر قاطرة مصر الزراعيـة وبـاكورة مشروع الدلتا الجديـدة لتحقيـق الاكتفـاء الـذاتي وتصـدير الفـائض، حيث إن المساحة المسـتهدف استصلاحها مليون وخمسون ألف فدان من إجمالي مساحة الدلتا الجديدة ٢.٢ مليون فدان، كلمات لم تعد من قبيل الجمل الإنشائية؛ بل واقع معاش نتفقده وتنقله المحطات التليفزيونية على الهواء مباشرة خلال افتتاح المرحلة الأولى على مساحة ٣٥٠ ألف فدان، احتفال ليس بإطلاق المشروع؛ ولكن بجني ثمار المحاصيل، قمح وبنجر سكر وخضراوات وفاكهة ونباتات عطرية.. سنابل ذهب وعيدان خضراء تكسو أراضي كانت صحاري ممتدة على مدد الشوف.
مشروع مبهج ومفرح و مفاجئ لأي إنسان طبيعي أيا كان انتماؤه، أن يتم مشروع قومي بهذا الحجم وبهذه السرعة وبهذا الاستشراف لواقع عالمي غير مستقر، وليس فيه مكان لمن لا يملك قراره، ولن يملك قراره من لا يملك حماية أرضه وحماية مقدراته وتحقيق أمنه الغذائي..
مشروع باسم المستقبل ويديره شباب الغد يتقدمهم شباب مثل الورد، منهم مقدم طيار بهاء الغنام المسئول عن المشروع والحاصل على ماجستير ويدرس للدكتوراه في التغير المناخي والظروف البيئية، يحفظ عن ظهر قلب -بلا ورقة ولا مرجع- تفاصيل كل متر عن المشروع الذي يعتمد على أحدث الدراسات العلمية وأبحاث عن طبيعة التربة بالتعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حيث يتم دراسة مكان الآبار وتحديد أماكن الزراعات وأفضل الأنواع وتوفير البذور والوقاية ومكافحة التصحر والأجمل أن المشروع يتخذ من العلم سبيلًا أيضًا لتوفير المياه وعدم الاكتفاء بخزانات المياه الجوفية وهي 3 خزانات (الأيوسين – المايوسين المغرة) وهي امتداد لمنطقة وادي النطرون؛ وذلك بحفر الآبار الجوفية، مع الوضع في الاعتبار المسافة البينية بين الآبار للحفاظ على الخزانات الجوفيـة وعـدم السحب الجـائر منها، وتحقيق معايير التنمية المستدامة، لذلك يجري دخول مصدر مياه سطحي بمد "ترعة مستقبل مصر "بطول 41 كم لإمداد المشروع بطاقة 10 ملايين م3/يوم لزراعة حوالي 700 ألف فدان إضافية، ويعد معالجة مياه الصرف الزراعي وإعادة تدويرها واستخدامها للري مـن أكبر التحديات في مشروع الدلتا الجديدة.
كما يتم إجراء تحاليل دورية لقياس ملوحة المياه لتحقيق الاستغلال الأمثل من المحاصيل الزراعية.
هنا الأولوية لزراعة سلع إستراتيجية مثل القمح وبنجر السكر وخضراوات، وإنتاج فدان البنجر مثلًا ينتج في المتوسط من ٤٠ إلى ٤٥ طنًا، بآلات حصد مميكنة يتم إنتاج مولاس وعلف وإرسال البنجر لمصانع الدلتا العامرية وغيره لإنتاج السكر، حيث تم زراعة ٦٥ ألف فدان بنجر في موسم ٢٠٢١،٢٢، والموسم القادم ١٠٠ ألف فدان فإذا كنا نستورد نحو ٧٠٠ ألف طن سكر من الخارج فالمشروع هدفه تقليل الاستيراد من الخارج والسعي للاكتفاء، وبالفعل نجحنا في تخفيض ما كنا نستورده من الخارج بعد أن وصل إلى مليون و٥٠ ألف طن سكر سنويًا، ويسعى مستقبل مصر إلى الاكتفاء الذاتي من السكر عند انتهاء استصلاح مليوني فدان.
مستقبل مصر حريص أيضًا على التوسعات الاقتصادية التي من شأنها تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، فتم البدء في إنشاء منطقة صناعية على ثلاث مراحل طبقًا لأولويات التصنيع تتضمن ثلاجات بطاطس وصوامع تخزين الغلال..
مستقبل مصر يعمل فيه في هذه اللحظة ١٠ آلاف شاب في فرص عمل بشكل مباشر و٣٥٠ ألف فرصة عمل غير مباشر تصل إلى مليون فرصة عمل عند اكتماله في ٢٠٢٤ في كل مراحل الزراعة والنقل والتصنيع والإنشاءات مع الاهتمام بتدريب أوائل كليات الزراعة؛ ليحق لنا أن نفخر أننا عشنا ورأينا مستقبل مصر يخطط له وينفذ كما كنا نحلم ونتمنى.
وإذا كنا ننادي بحقنا القلق على مستقبلنا، فمن واجبنا اليوم أن نحتفي بخطوات عظيمة تتحقق فيها آمالنا ونرى فيها مصر في أبهى صورها.