الاهتمام بالبيئة شكَّل شغفًا خاصًا لديها منذ طفولتها، وبخاصة أنها مرضت بأحد الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي، فأصبحت ترصد السلوكيات الضارة بيئيا من حولها، آملةً في أن تسهم في الحد من التلوث، وحفزها والدها على ذلك إذ رأى فيها تطلعا إلى التفوق الذي كانت أولى ثماره حصول بحثها عن التلوث البيئى والازدحام السكانى وعلاقتهما ببعضهما وتأثير ذلك على السكان على المركز الأول بالإدارة التعليمية بالمرحلة الإعدادية.
موضوعات مقترحة
إنها الباحثة المصرية آية محمد التي تطوعت في هيئات كثيرة لها اهتمام بالبيئة، حتى اتجهت إلى التخصص العلمي بدخولها كلية العلوم قسم النبات وتخصصها في علوم البيئة حتى حصولها على الماجستير في علوم البيئة والتنمية من جامعة (ليدز) البريطانية كأول مصرية تحصل على هذه الدرجة، كما أنشات مشروعا لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية وفقًا للمواصفات والمعايير القياسية المعمول بها، وحصل مشروعها على المركز الثاني على مستوى الجمهورية للمشروعات البيئية وإعادة التدوير، وكُرمت في العديد من المسابقات والمؤتمرات الخاصة بريادة الأعمال.
آية محمد، البالغة من العمر 31 عامًا التقتها (نصف الدنيا) في هذا الحوار، تم تكريم مشروعها في مسابقة (هدفي لأنجح رائدات الأعمال في الوطن العربي)، وكانت المصرية الوحيدة التي تشارك إلى جانب أربع مشاركات أخريات من جنسيات عربية مختلفة، ومثَّل مشروعها مصر أمام أبرز رواد الأعمال والمستثمرين في العالم في مؤتمر The Dubai Summit 2019.
- مسيرتك منذ نشأتك تشهد شغفًا شديدًا بعلوم البيئة، كيف كانت الرحلة؟
نشأت بمنطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية لأسرة بسيطة وظروفى المعيشية صعبة وبفضل الله ووالدى الراحل ووقوفه بجانبى استطعت التغلب على هذه الصعوبات والتفوق دراسيا، وكان والدي دائما ما ينادينى منذ صغرى بالدكتورة آية فأعطانى حافزا، فمنذ طفولتي كنت أهتم بدراسة مشكلة التلوث البيئي بالمنطقة التي نقطن فيها، وكان لذلك أثر على الصحة العامة للسكان بالمنطقة رأيته فى أسرتى وبعض أقربائى وجيرانى، فكنت أريد أن أقدم شيئا يغير هذا السلوك، فمنذ سن صغيرة بدأت القراءة عن البيئة والازدحام السكاني عن طريق المكتبة وقراءة الكتب المتخصصة عنها، وعرفت أكثر عن هذا المجال وأحببته وأحسست أننى أريد عمل شىء عندما أكبر فى عملى ودراستى بأن أسهم فى حل هذه المشكلات، فتقدمت فى المسابقات المختصة في البيئة، وكان أول بحث شاركت فيه عن التلوث البيئى والازدحام السكانى وعلاقتهما ببعضهما وتأثير ذلك على السكان بمنطقة شبرا الخيمة، وحصلت على المركز الأول بالإدارة التعليمية بالمرحلة الإعدادية.
- وهل كان فوز بحثك عن البيئة بمثابة الموجه نحو التخصص في علوم البيئة؟
عندما كبرت أصبت بمرض الحمى الروماتيزمية بالمرحلة الثانوية، وحصلت على مجموع 90% فى الثانوية العامة مما أهلنى إلى الالتحاق بكلية العلوم جامعة عين شمس لدراسة علم البيئة وعرفت عنه أكثر وأحببته وتخصصت فيه وتخرجت بتقدير جيد، وحصلت على تمهيدى الماجستير بكلية العلوم عن البيئة، ولم أستطع وقتها استكمال الماجستير لزواجى ثم أنجبت ابني الوحيد، ما زاد من مسئوليتى المنزلية، ولكنى كنت أسعى إلى الحصول على الماجستير في البيئة والتنمية المستدامة، وعرفت أن الجامعات البريطانية تركز على هذا المجال، فتقدمت للحصول على منحة شفينيج التى تعطى لعدد قليل من الطلبة القادة على مستوى العالم ولديهم سيرة ذاتية ممتازة ولديهم إنجازات ومشاركات اجتماعية، وكنت قد تطوعت فى هيئات كثيرة أفادتنى عند ترشحى للمنحة، وحاليا أحضِّر رسالة الدكتوراة.
- وما المخلفات التى يهملها كثير من الناس ومن وجهة نظرك يمكن استغلالها فى إعادة التدوير؟
مخلفات البلاستيك، والألومنيوم إضافة إلى المخلفات الحديدية فكل هذه مواد صلبة، معروف أن مصر فيها نسبة كبيرة من المخلفات الصلبة ونسبة إعادة تدويرها تكون قليلة، لكن الآن تتم إعادة تدوير كل أنواع المخلفات، فوزارة البيئة ممثلة فى جهاز شئون البيئة تركز حاليًا على إعادة تدوير ويدعمون المشروعات والمبادرات التي تعمل في هذا الإطار.
- وهل هذه المخلفات نستطيع إعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى؟
بالطبع كثير من المخلفات نستطيع إعادة تدويرها ولكن هناك نسبة ضيئلة تصعب إعادة تدويرها وهذا يرجع إلى حالة المادة نفسها.
- هل ترددتِ فى بدايات دخولك هذا المجال؟
لم أتردد أبدا في خوض هذا المجال، لكنى لاحظت أن الذين يعملون فى هذا المجال يحاولون أن يخيفونى بأننى بنت ومن الصعب أن أتخصص فيه، لأنه خاص بالرجال والشباب، لأنهم فى بعض الأوقات يتسلقون الجبال ويذهبون إلى مناطق وعرة، فضلا عن التعامل مع طبقة غير متعلمة.
- هل مشروع تدوير المخلفات مجدٍ ماديا؟
بالطبع ويعتبر ثروة، وهناك مقولة تقول «مخلفات الإنسان كنز» ومن المفروض أن نستغلها لكونها تعتبر ثروة.
- وكيف نعمل على تحفيز المواطنين بمشروعات إعادة التدوير؟
الدولة حاليا تنشئ مصانع فى كثير من المحافظات لتدوير المخلفات، وأيضا للعلم هناك نقاط كثيرة لتجميع المخلفات بالمحافظات لكن الموضوع يحتاج إلى تفعيل أكثر وتشجيع المواطنين على التجميع، ويجب على الدولة أن تستغل وتقدم حوافز للمواطنين على هيئة مكافآت وأيضا غرامات مثلما يحدث فى ألمانيا عندما يقوم الفرد بتسليم مخلفاته فى أقرب نقطة قريبة من محل سكنه ويحصل على نقاط، ولا بد أن تنفذ مصر هذا البرنامج مع بعض الشركات الناشئة التى تنقل التجربة بمصر، ويكون هناك دعم من وزارة البيئة لها.
- وما عوائق المشروع من وجهة نظرك؟
يحتاج إلى رأس المال بسبب الماكينات المستخدمة فى إعادة التدوير.
- وما دور الدولة فى مساعدة الشباب؟
قبل ذلك لم يكن هناك تركيز كبير فى المشروعات الناشئة والشركات التى تعمل فى إعادة التدوير، ولكن فى الفترة الأخيرة بدأت الدولة ممثلة في وزارة البيئة بأن يكون هناك تعاون مع بعض الشركات الناشئة أو أن يكون هناك تحفيز لأصحاب المبادرات وهم يحتاجون إلى معرفة الكثير وأن تكون هناك قنوات اتصال مع رواد الأعمال.
فالجهود التي تبذلها وزارة البيئة للاستفادة من المخلفات كبيرة، ولم نجد هذا الاهتمام في السابق، خصوصًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يولي الملف البيئي أهمية خاصة ضمن رؤية مصر 2030.
- هل هذا المشروع يسهم في إيجاد فرص عمل؟
بالطبع سيخلق فرص عمل كبيرة.
- حدثينى عن مشروع إعادة تدوير المخلفات الخاص بك؟ وما الجوائز التى فزت بها؟
هو مشروع لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية التي نجمعها ثم نعقمها وفقًا للمواصفات والمعايير القياسية المعمول بها، ومن ثم إعادة تدويرها من خلال ماكينة مخصصة، وبالفعل نجحت من خلال شركتي التي أسستها مع عدد من زملائي في إنتاج أكياس الملش المعروفة في مصر بالفيلم الزراعي، لتحسين خواص التربة وحمايتها من تغير درجات الحرارة والاحتباس، والآفات الضارة بالتربة مثل الحشرات والديدان وغيرها، ويغني المزارعين عن استخدام أي أسمدة، كما يقلل المنتج من احتمالية الفقد في مياه الري والمحصول.
وفي عام 2017 شاركت في إحدى المسابقات التي نظمتها السفارة البريطانية بالقاهرة، بفكرة المشروع (Recyclizer) الخاص بإعادة تدوير مخلفات البلاستيك، وحصلت على المركز الثاني على مستوى الجمهورية للمشروعات البيئية وإعادة التدوير، إلى جانب دعم مالي صغير لتطوير الفكرة، وبالفعل أخذت خطوات جادة للتطبيق وأنتجنا نموذجًا أوليًّا، وكُرمنا في العديد من المسابقات والمؤتمرات الخاصة بريادة الأعمال.
كما تم تكريم المشروع في مسابقة هدفي لأنجح رائدات الأعمال في الوطن العربي، وكنت المصرية الوحيدة التي تشارك إلى جانب أربع مشاركات أخريات من جنسيات عربية مختلفة، ومثلنا مشروعاتنا أمام أبرز رواد الأعمال والمستثمرين في العالم في The Duabi Summit 2019 وحصلت على عروض استثمار كثيرة للمشروع خارج مصر لكني لم أقبل لأنى أحببت أن نكمل نجاحنا هنا في مصر.
-وكيف تم ترشيحك لجائزة العلوم البيئية؟
جائزة العلوم البيئية تمنحها إحدى الشركات المصرية كمبادرة اجتماعية لتشجيع العالمات السيدات في مجال البيئة والتكنولوجيا الحيوية، وتطوير مشاريعهن، وهي المرة الأولى التي كان سيتم تكريمي فيها داخل مصر، وكان من المقرر استدعاء بعض العلماء الحاصلين على جائزة نوبل، ومنذ أيام أبلغتنا الجهة المنظمة بإلغائها لأسباب لوجستية.
- ما شعورك بعد حصولك على هذه الجوائز؟
فخور بمصريتى، وكل الشكر لوالدي الذى حققت له شيئًا بسيطًا بأن يرانى ناجحة ويكون فخورًا بى، ودائما كانت مقولته لى بأننى (رأس ماله)، ولزوجى لوقوفهما معى وتشجيعي.