Close ad

أخذت طابعًا مختلفًا بسبب الحرب في أوكرانيا.. رسائل الكرملين الطائرة في ذكرى يوم النصر

17-5-2022 | 19:20
أخذت طابعًا مختلفًا بسبب الحرب في أوكرانيا رسائل الكرملين الطائرة في ذكرى يوم النصرصورة أرشيفية
إيمان عمر الفاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

ذكرى النصر فى الاتحاد السوفيتى السابق، التى توافق يوم التاسع من مايو تكتسب قدسية ورمزية خصوصا هذا العام، تأتى فى غمار الحرب بأوكرانيا، وسط توقعات مسبقة بأن يمثل هذا اليوم خط النهاية لتلك الحرب الدائرة منذ 24 من فبراير الماضى، لكن دائرة المعارك اتسعت ولم تفسح مجالا لتلك التوقعات المتفائلة. كذلك لم تسمح أجواء الطقس السيئ هى الأخرى «للكرملين الطائر» أو ما يعرف بـ «طائرات يوم القيامة» بالتحليق فوق الميدان الأحمر، وإن كانت قد شوهدت تلك الطائرة التى تسمح للرئيس الروسى بمواصلة حكم روسيا خلال حرب نووية، تمرح بسماوات موسكو مطلع مايو الجارى. فما الرسائل التى تحملها الذكرى 77 للنصر هذا العام؟ وما قصة الطائرة العملاقة المثيرة، وكيف تم اختراقها أمنيا برغم تحصينها المشدد منذ سنوات فى عملية سطو، تم وصفها بحالة طوارئ لخطورتها؟

موضوعات مقترحة

طائرة يوم القيامة التى تعود إلى الحقبة السوفيتية، جاء ظهورها هذا العام بعد اختفاء دام لأكثر من عشر سنوات، حيث لم تشارك فى إحياء ذكرى النصر بالحرب العالمية الثانية منذ عام 2010. وقد شغلت الرأى العام العالمى، سواء بظهورها الذى فسره البعض بأنه يمثل رسالة تهديد للغرب، أم بغيابها عن الأجواء الاحتفالية بيوم النصر، خلافا لما كان معلنا، لكنها تبقى سيدة يوم النصر هذا العام، فهى الغائب الحاضر بما تحمله من رمزية خاصة.

فى تصريحات لشبكة "إيه. بى. سى. نيوز" قالت كاتريونا كيلى –أستاذ الثقافة الروسية والسوفيتية بكلية ترينتى بجامعة كامبريدج - "إبان الحرب العالمية الثانية فقد الاتحاد السوفيتى السابق قرابة 27 مليون مواطن، وهى حصيلة هائلة لا تزال ذكرياتها المؤلمة عالقة بأذهان الشعب الروسى، وحرص الرئيس الروسى بوتين على إحياء تلك الذكرى بما تحمله من مشاعر وطنية جارفة بعد أن باتت تخمد خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضى، أو بالأحرى جرى توظيفها آنذاك لدعم الصراع الأيديولوجى فى إطار الحرب الباردة، لكنها اكتسبت مذاقا خاصا منذ تولى الرئيس بوتين سدة الحكم، وأخذت نطاقا غير مسبوق".

ففى عهد بوتين أصبح يوم النصر يحتل مكانة مركزية لروسيا، وبات يمثل حجر الزاوية فى نظامه، وأعاد بوتين إحياء العروض العسكرية بتلك المناسبة، وتزايد حجمها منذ عام 2014، لتصبح نوعا من استعراض للقوة العسكرية الروسية. وأضافت كيلى " إن إحياء ذكرى النصر يمثل ركيزة لمفهوم الوطنية القائمة، على تصور وجود تهديد خارجى للبلاد".

وبحسب تقرير "إيه بى سى " نيوز الشهير، أشار الخبير الأمنى المتخصص فى الشأن الروسى مارك جاليوتى، هناك نقاط تماس بين لحظة النصر التى تعود إلى 77 عاما واللحظة الراهنة، حيث أراد الكرملين أن تكون مماثلة للانتصار على النازية".

وساد اعتقاد لدى أوكرانيا والدول الغربية وكذلك خبراء مستقلون، أن الكرملين كان يأمل فى تحديد يوم النصر كموعد نهائى لتحقيق انتصار عسكرى فى الحرب الأوكرانية، أو على الأقل إعلان السيطرة التامة على منطقة دونباس الواقعة جنوب شرق أوكرانيا. لكن مسار الحرب دفع الكرملين للاقتراب من هذا اليوم بشكل مختلف.
 
جولة بالخندق الطائر

ما طوق النجاة لقيادة الدولة فى حال نشوب حرب نووية؟ سؤال وجد ضالته الفذة فى الحل العبقرى بتصميم طائرة محصنة ضد أى انفجارات نووية أشبه بمخبأ طائر أو خندق جوى. وهناك دولتان فقط تملكان هذا الطراز الفريد من الطائرات، هما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ، لديهما القدرة على إبقاء رؤساء دولتيهما والقيادات العسكرية بعيدا عن دائرة الدمار، وفى ذات الوقت التمتع بالقدرة على القيادة.
تلك الطائرات برغم كونها تعود إلى الحقبة السوفيتية، حيث حلقت أولى طائرات إليوشن إيل -80 للمرة الأولى عام 1987، فإنها باتت تحت أعين وسائل الإعلام مطلع التسعينيات من القرن الماضى.  وتم تصميمها بدون نوافذ للحماية من الأشعة، وتستطيع التزود بالوقود فى الجو، وهى مكونة من ثلاثة طوابق، ويبلغ طول جناحها 60 مترا، وتبلغ سرعتها 850 كم بالساعة.

جريمة سطو

حادث مدوى صادم وقع فى شتاء عام 2020، دق حينها ناقوس الخطر ومثل مؤشرا بأن طائرات يوم القيامة باتت محل استهداف من عناصر إجرامية، حيث أعلن الكرملين أن مجهولين سرقوا تقنيات إلكترونية من طائرة عسكرية، يستخدمها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى حالات الطوارئ الخاصة، وتداولت وكالات الأنباء نشر الخبر وفى مقدمتها وكالة "رويترز " للأنباء. وبلغ قلق الكرملين وقتها إلى حد وصف المتحدث باسم الرئيس الروسى الواقعة بأنها "حالة طوارئ".

وثارت علامات الاستفهام والدهشة، كيف تمكن اللصوص من سرقة معدات اتصالات من طائرة تخضع لأعلى معدلات السرية الشديدة؟ وطفت على السطح تساؤلات حول أمن المنشآت العسكرية الحساسة. خصوصا أن عملية السطو وقعت أثناء تنفيذ أعمال صيانة للطائرة، وكانت من طراز "إليوشن إل-80"  فى مجمع تاغانروغ العلمى والتقنى للطيران، وتم رصد دلائل على اقتحام من فتحة الشحن وسرقة 39 وحدة إلكترونية، وتكهن خبراء عسكريون روس بأن القطع قد تمت سرقتها، لأن بعض الوحدات تم تجميعها باستخدام معادن ثمينة، مثل الذهب والبلاتين. وتجاوزت قيمة المعدات المسروقة أكثر من  مليون روبل.
 
الجيل الجديد

بصيف العام الماضى 2021، أعلنت مصادر فى المجمع العسكرى الصناعى، التابع لوزارة الدفاع الروسية، إنتاج طائرة جديدة من طراز "يوم القيامة"، فى إطار سعى موسكو لتطوير وسائل الاتصالات لديها عن طريق الأقمار الصناعية، ما أدى إلى ظهور أنظمة ملاحة فضائية جديدة، مثل منظومة "جلوناس"الروسية. هذا عطفا على تطويرها معدات جديدة لمعالجة البيانات، الأمر الذى يتطلب إنشاء مركز قيادة جوى مجهز بهذه النظم والمعدات، وهو ما يتوافر فى مثل هذا الطراز من المعدات. ومن نافلة القول إن تلك الطائرات تصنع فى روسيا لرئيس الدولة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، نظرا لأنها تضمن إدارة جميع مرافق الدولة والاتصال مع القوات العسكرية والقوات النووية الإستراتيجية فى حال نشوب صراع نووي.

الطائرة الجديدة سوف تتمتع بمزايا إضافية تمنحها تفوقا بالغا على نظيرتها القديمة، حيث إن مدى الطائرة الجديدة سيتضاعف مقارنة بالطائرة السابقة، ويمكنها التزود بالوقود فى الجو، وترافقها طائرات حماية مقاتلة. ويمكن إصدار الأوامر من هذه الطائرة إلى جميع قطاعات القوات بما فيها الطيران الإستراتيجى وقواعد الصواريخ الثابتة والمتنقلة، بل الغواصات وحاملات الصواريخ النووية الإستراتيجية، فى دائرة نصف قطرها ستة آلاف كيلومتر!

ويرجع سعى روسيا لتطوير مثل هذا الطراز من الطائرات، وحرصها على امتلاك المزيد منها إلى عام 2020، حيث نشر موقع "روسيا اليوم" أنباء تفيد بأن الجيش الروسى يعتزم نقل المراكز الطائرة لقيادة القوات المسماة "طائرات يوم القيامة"، من طائرة "إيل -80" إلى طائرة "إيل -96-400 إم" من الجيل الجديد، هذا الاستبدال وفقا للخبراء سيزيد إلى حد بعيد من وقت بقاء مراكز القيادة الطائرة فى الجو. وهى مزودة بأحدث تقنيات الملاحة الجوية والتحليق الآمن ويبلغ وزنها 270 طنا، وباستطاعتها قطع مسافة 12 ألف كلم دون التزود بالوقود، وجددت روسيا تصنيعها بنسختين للشحن العسكرى ونقل الركاب.

وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية، هى التى أطلقت على مراكز القيادة الطائرة تسمية "طائرة يوم القيامة". وكان يفترض أن يتم تفعيلها فى حال نشوب حرب نووية وتدمير مراكز القيادة الأرضية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: