حالة من الجدل والدهشة، أصابت الجميع خلال الساعات القليلة الماضية بعد تداول صور وفيديوهات لأحد أيقونات الحضارة المصرية القديمة تمثال "أبو الهول" صاحب رأس الإنسان وجسم الأسد، وهو مغلق العينين على غير عادته، وذكر البعض روايات منها أن هذه ظاهرة تنبه بحدوث كارثة كبرى، وهو الأمر الذي آثار جدلا واسعا ليس في مصر فقط بل والعالم أجمع.
موضوعات مقترحة
وهذه ليست الأزمة الأولى التي أثيرت حول أبو الهول، فقد انتشرت الكثير من الأزمات التي تتعلق بالتمثال العملاق المنتمي لأعظم الحضارات الموجودة في العالم، حيث يحرس أبو الهول هضبة الجيزة منذ آلاف السنوات وأًصبح أيقونة دارت على ألسنة وأقلام الرحالة والمغامرين عبر العصور، فهو منحوت بانسيابية في صخر الهضبة على الجانب الشرقي من الهرم الثاني ينظر نحو أفق شروق الشمس، ويطل علينا بجسد أسد رابض ورأس ملك، وظل دائما حديث الجميع في العالم.
غلق عينين أبو الهول حقيقة أم خيال
والرأي السائد حاليا حول صور غلق عينين أبو الهول، هو أن الصور والفيديوهات التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مفبركة، وأنه قام شخص بتغيير الصور بالفوتوشوب، وكل ما يتم تداوله ليس له أي أساس من الصحة.
فيما ذهب البعض إلى اعتقاد آخر، وهو أقرب إلى الخيال بأن إغلاق عيني أبو الهول يعني حدوث لعنة من لعنات الفراعنة، وإشارة من أبو الهول بقدوم كارثة كبيرة خلال الفترة المقبلة، ما آثار حالة من الرعب في أنفس البعض.
خرافات تعلقت بـ "أبو الهول"
ونفى كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، الدكتور مجدي شاكر، ما يتم تردده عن إغلاق عيني أبو الهول وأنها لعنه الفراعنة، مؤكدا أن هذا الأمر هو مجرد شائعة فتمثال أبو الهول لم تتغير ملامحه منذ آلاف السنين، وهناك الكثير من الخرافات التي انتشرت حول الفراعنة ولكن جميعها أساطير وخرافات.
أبو الهول يمثل المسيخ الدجال
ومع الرجوع للوراء قليلا، نجد أن هناك الكثير من الخرافات التي تتعلق بتمثال أبو الهول، ومن أبرزها ما ادعاه البعض من أن التمثال قد نحت ليمثل المسيخ الدجال، رغم أن حجم ووصف أبو الهول لا يناسب أبدا مع "المسيخ الدجال" علميا، وهو ما كذب تلك الشائعة.
أبو الهول وسيدنا إدريس
ومن ضمن الخرافات أيضا التي أثيرت في عام 2020، عندما قيل إن أبو الهول هو نبي الله إدريس، وأكد وقتها الدكتور زاهي حواس أنها شائعة ليس لها أي أساس من الصحة، وتخيلات بعيدة عن العلم، وأن أبو الهول يعود إلى عهد الملك خفرع وأن نحته تم كي يظهره في شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع.
مدينة مفقودة تحت أبو الهول
كما يثار دائما أن أبو الهول تحته مدينة مفقودة، وتم نفس هذا الأمر، وأنها إدعاءات لا تمت للواقع بأية صلة، ولي لها أي دليل علمي على الإطلاق، وأكد الأثريين أنه لدينا صورا للحفر الذي تم أسفل أبو الهول تبين أن "أبو الهول" صخرة صماء لا يوجد أسفلها أي ممرات.
اكتشاف شبيه لـ "أبو الهول"
في العام الماضى 2021، أثارت شائعة عن اكتشاف صخرة تشبه تمثال أبو الهول ضجة كبيرة في الوسط الأثرى، وتعقيبًا على ذلك ولأهمية الأمر خرج الدكتور مصطفى وزيرى، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، لتوضيح ذلك نافيًا هذا الكلام من الأساس، ومؤكدًا أنه لا يوجد اكتشاف لتمثال أبو الهول، وأن الصخرة الموجودة في المنطقة تم اكتشافها منذ فترة بعيدة ولا تمثل أى ملامح من ملامح أبو الهول على الإطلاق، ولا تتعدى شكلها عن أى صخرة عادية، وكل ما يثير لا أساس له من الصحة بتاتًا.
حكاية أبو الهول والملك تحتمس
ويؤكد الدكتور مجدي شاكر، أن الآثار ترتبط بشكل عام بفكرة الاستخدام في الدعاية أو الترويج لفكرة معينة أو أحداث مثل توقع حرب، وهذا الأمر موجود منذ القدم، وحدث كثير من القصص التاريخية التي كان أبو الهول طرفا فيها، حيث كان التمثال خلال عصر الدولة الفرعونية الحديثة قد غطت الرمال جسده ولم يكن يظهر منه سوى الرأس.
وكان تحتمس الرابع بعيدا عن تولي السلطة آنذاك، لكنه نسج رواية تشير إلى أنه توجه إلى رأس تمثال أبو الهول لينال قسطا من الراحة حينما كان في رحلة صيد، وحينها كان رأس التمثال هو الجزء الوحيد الظاهر منه، وقال تحتمس الرابع أن أبو الهول جاءه في الحلم يطلب منه إزالة الرمال عن باقي جسده ووعده بأن يصبح ملكا على مصر، وبموجب هذه القصة استطاع أن يتولى مقاليد الحكم نظرا لقداسة أبو الهول لدى المصريين، وتلك الرواية مسجلة على لوحة الحلم التي توجد بين قدمي أبو الهول نفسه.
والشائعات لا تتعلق بأبو الهول فقط، فقد أوضح كبير الأثريين، أن هناك الكثير من الروايات عن الآثار، فلدينا قصة أبواق الملك توت عنخ آمون، التي تم اكتشافها عام 1822 على يد عالم المصريات الشهير هوارد كارتر، وشاهدها العالم في 1923، وقد جالت مقتنيات الملك الشهير توت عنخ آمون بعض مدن العالم الكبرى منها باريس ولندن، وكانت المقتنيات مبهرة جدا للزائرين، ومن أبرزها البوق الذي يرتبط ببعض الأساطير، ومنها أنه كان سببا لاشتعال الحرب العالمية الثانية.
كما أن هناك واقعة الطفل الروسي " بوريسكا كيبر يانوفيتش"، حيث تداول مقطع فيديو له يحذر فيه العالم من حرب نووية قد تدمر كوكب الأرض، كما حدث في المريخ، حيث قال إنه كان يسكنه مع قومه، قبل أن يأتي إلى كوكبنا في العام 1996 ويولد مجددًا في صورة بشري، كما زعم أنه ينتمي إلى الحضارة المصرية القديمة، وأن تمثال أبو الهول يحمل خلف أذنه سرًا، لو خرج إلى العالم، فلن يصبح كوكب الأرض كما كان من قبل.
تفسير غلق عينين أبو الهول
وفسر كبير الأثريين الصور المتداولة، أنها جاءت في جو غائم ومن زاوية يمكن أن توحي بحالة التغير التي طرأت على وجه التمثال، أو أن تكون الصور لتمثال شبيه أبو الهول الصيني، والذي تم بناؤه كجزء من مشهد لفيلم سينمائي وهو موجود بحديقة جريت وول للسياحة والثقافة بالصين، وتكون الصور له مع إدخال تغيرات عليها من خلال برنامج الفوتو شوب.
أما التفسير الثالث أن يكون حدث تغير نتيجة لعوامل التي يعيش فيها أبو الهول، حيث إن الطيور يمكنها الدخول إلى تجويف العين على سبيل المثال وقد يتعرض شكلها للتغير، مؤكدا أن ما حدث فرصة مجانية للترويج للسياحة يمكن استغلالها بشكل إيجابي.
غموض أبو الهول
ومنذ القدم يعتبر أبو الهول مثارا للجدل والأقاويل، وذلك نظرا لغموضه وندرته في الحضارة المصرية القديمة، ويعتبر تمثال "أبو الهول" من السمات الهامة والمميزة للحضارة المصرية القديمة، والذي تم نحت التمثال في صخر المنطقة نفسها في عهد الأسرة الرابعة "2613-2494 ق.م." مما يجعله الأقدم، كانت تماثيل أبو الهول المصرية القديمة تمثل الملك بجسد أسد كإشارة واضحة لقوته، ونجد أيضا أن ملوك الدولة في عهد الدولة الحديثة كانوا يصورون بوجودهم علي شكل تمثال "أبوالهول" وهذا دليل علي أهمية وقوته في الحضارة المصرية القديمة.
ويصل طول تمثال أبو الهول الموجود في الجيزة إلى 73 مترا وارتفاعه 23 مترا، ويعد من أكبر تماثيل العالم القديم، ومازال حوله العديد من الأمور الغامضة.