ما الذي يحدث عندما يعتاد الناس على عملٍ تفعله أو تقدمه لهم، بشكل مجاني أو بشكل روتيني، أو بشكل تطوعي ثم تتوقف فجأة.. وتقول لن أستمر في هذا.. ساعتها يبدأون بالضيق والغضب والزعل والخصام.. وأحيانا بالثورة أو الصراخ عليك وعلى ما قصرت فيه نحوهم.. على الرغم أن هذا العمل كان فوق طاقتك ولم يكن فرضًا عليك ولا كان نظير رد جميل سابق.
كان هذا العمل فقط طواعية أو مجاملة أو بسبب حق الجيرة أو العشرة أو القرابة.. وفجأة اكتشفت أن عندك ظروفًا أقوى من تنفيذ هذا العمل.. أو أنك لم تعد قادرًا على تنفيذه.. عندها سيظهر المثل الشهير: "ينسى الناس كل جميلك بسبب خطأ واحد فقط".. ورغم أنك لم تخطئ.. ولكن هكذا رأى الناس وصنفوك ورموك بعيدًا.. ورغم أنك كنت متطوعًا أو مجاملًا.. إلا أن الناس على حسب ما اعتادوا عليه.
خذ عندك مثلًا ما يحدث فى كثير من بيوتنا العربية، المرأة تقوم بكل شيء وأي شيء طالما كان داخل المنزل، هي التي تقوم بتحضير الطعام وإفراغه وجلبه من السوق وتغيير فرش السراير، وعمل الشاي والقهوة للضيوف بشكل روتيني.. ثم ضع ما تعرف من أعمال المنزلية الأخرى، فكلها على عاتق المرأة فقط.
حتى يعتاد الأطفال في المنزل على أن كوب المياه يجب أن تجلبه لهم أمهاتهم أو البنات بالمنزل.. وأن توضيب فرش السرير من اختصاصهن وحدهن.. وأن كي الملابس هو الشغل الشاغل لهن.. ماذا لو امتنعت الأم أو الأخت بسبب ظرف ما؟! وماذا لو امتنعت لأنها سئمت كسل شباب البيت وكسل رجال البيت؟!
فكر قليلا قبل الإجابة!
لو دخلت إلى عمل جديد لا يعرفك أحد، وكنت ترغب في إثبات ذاتك ونفسك وتقديم صورة إيجابية.. فقمت بعمل مجهود مضاعف ولم تكتف بعمل ما عليك فقط، بل زدته إلى ما يساوي عمل 3 أشخاص.. فإن المدير فى هذا العمل سيظل يطالبك بما قمت به في بداياتك حتى آخر يوم لك فى العمل، لقد فعل هذا بناء على ما قدمته إليه في أول يوم طواعية وبدون أي ضغط منه، فاكتشف ما لديك من قدرات أو قل -إن إردت الدقة- تضحيات.. ولذلك يريد أن يستغلها لمصلحة العمل حتى يضاعف الإنتاج والنجاح.
في دراسة نشرها موقع "للعلم"، ينصح الأطباء النفسيون وعلماء الاجتماع بالتوقف عن مساعدة الناس في أربع حالات وهي: توقف عن مساعدة الناس الذين لا يستحقون مساعدتك، الذين لا يقدرون وقتك أو لا يهتمون بك.. لا تعمل مجانًا.. لا تترك للناس فرصة استغلالك فنفسك أولى منهم.. وأخيرًا ورابعًا، توقف عن المساعدة إذا لم تكن مفيدًا بمعنى إذا لم تكن قادرًا على العون فالأجدى ألا تضيع وقت الآخرين ووقتك.
ما أكتبه أو أقوله ليس معناه الامتناع عن مساعدة الآخرين، ولكن عدم الانجراف إلى مساعدتهم على حساب نفسك، ما معنى أن تلتزم بما يبعدك عن نفسك وعملك ونجاحك.
يقول الفكاهي الأميركي سام ليفنسون (1911 – 1980م): "عندما تكبر سوف تكتشف أن لديك ساعدين، واحد لمساعدة الناس والآخر لمساعدة نفسك".
والمعنى ألا تنغمس بيديك الاثنتين في مساعدة الناس وتنسى نفسك، والمعنى أيضًا لا تكون أنانيًا وتساعد نفسك فقط، وخير الأمور أوسطها، لا إفراط ولا تفريط.