راديو الاهرام

مارينا صلاح لن تكون الضحية الأخيرة!

14-5-2022 | 11:57

نعم.. لن تكون مارينا صلاح هي الضحية الأخيرة للأخطاء الطبية القاتلة التي تحدث بين الحين والآخر، وتترك غصة وحزنًا في قلوب المصريين، لماذا؟ لأننا لم ننتبه لكلام الرئيس السيسي بوجود فجوة حقيقية بين سوق العمل والخريجين، وستظل هذه الأخطاء الكارثية تتكرر، ليس في الطب وحده ولكن في مختلف المجالات، طالما ندفع بمئات الآلاف من الخريجين غير المؤهلين لسوق العمل سنويا، وطالما أن التعليم لا يزال يعتمد على الحفظ لا الفهم وتنمية القدرات والمهارات الذاتية للطلاب.
 
وللأسف المشكلة تزداد تعقيدًا أمام إصرار بعض أولياء الأمور بالدفع بأبنائهم للالتحاق بما يسمى بكليات القمة، دون أن يكونوا مؤهلين لذلك، لذا يجب أن تتغير نظرة المجتمع للتعليم وفقًا لحاجة سوق العمل، ووفقًا للمتغيرات الدولية والتخصصات الجديدة، حتى يكون لدينا في النهاية أطباء ومهندسون ومبرمجون محترفون، وغيرهم من الخريجين الممتازين في مختلف المجالات.
 
وقد سبق ولفت الرئيس السيسي أنظار المصريين لهذه القضية الشائكة، بضرورة أن يجهزوا أبناءهم للوظائف التكنولوجية الجديدة التي تتطلبها سوق العمل، بدلا من تخريج آلاف الطلاب من كليات مثل الآداب، وليس لهم مكان في سوق العمل، ولم يقف الرئيس عند هذا الحد، بل تطرق إلى تجربة عملية أجرتها الحكومة على أرض الواقع، حيث تلقت وزارة الاتصالات طلبات 300 ألف خريج لتدريبهم على تقنية المعلومات والبرمجيات، ضمن برنامج تأهيلي لخريجي الهندسة والحاسبات والمعلومات، لكن لم يجتز الاختبارات سوى 111 فقط.
 
إعادة النظر في التعليم بكافة مراحله ومناهجه ومخرجاته، باتت ضرورة ملحة، في ظل التغيير المتسارع في سوق العمل محليًا وعالميًا، فهناك تخصصات عفا عليها الزمن، يجب وعلى الفور التخلص منها أو على الأقل حصرها في أضيق نطاق ممكن كالآداب، وهناك تخصصات جديدة تحتاج إلى قفزات هائلة لكي نلحق بركب التقدم العالمي فيها، ومنها ريادة الأعمال - هندسة البرمجيات - نظم المعلومات - تحليل البيانات - أمن الشبكات - العلاج الجيني - الروبوتات - الطاقات البديلة - إنترنت الأشياء - التجارة الإلكترونية، وغيرها الكثير.
 
الجمهورية الجديدة واجهت هذا الوضع المتردي بخطوات عملية على أرض الواقع، حيث سارعت بالتوسع في الجامعات التكنولوجية، بما يخدم هذه التخصصات الجديدة، وفي نفس الوقت تقدم لسوق العمل خريجًا مناسبًا مسلحًا بأحدث ما توصل إليه العلم الحديث في تخصصه، كما تقوم بإجراء دراسات لمعرفة احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، والاتجاهات الدولية للتوظيف، مقارنة بعدد الخريجين وتخصصاتهم، بما يصب في النهاية في مسار تحول الجامعات والكليات والتخصصات والبرامج الجامعية نحو الوظائف الجديدة التي تحتاجها سوق العمل محليًا ودوليًا.
 
التطور التكنولوجي المتسارع، سيفرض واقعًا جديدًا، لابد أن نكون مستعدين له، وسيكون للتكنولوجيا المتطورة الكلمة العليا في غالبية الوظائف الحالية والمستقبلية، فالمصنع الذي كان يقوم بتشغيله مئات العمال والمهندسون، يتم تشغيله الآن والتحكم فيه وصيانته، من خلال غرفة إلكترونية واحدة، يديرها ويشرف عليها عدد محدود من العاملين، قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، كما أن السفن التجارية العملاقة، يمكن أن تبحر الآن حول العالم، بواسطة الأقمار الصناعية، من خلال تقنية التحكم عن بعد، وغيرها الكثير.
 
ولمواكبة التطور العالمي، الذي يسير نحو المستقبل بسرعة البرق، يجب أن تتغير نظرة المجتمع كله، بداية من الأسرة نحو التعليم، وأن يدرك أولياء الأمور أن ما يسمي كليات القمة، باتت بلا مستقبل أمام التخصصات الجديدة، والتي ربما يصل عائدها الشهري لعشرات الآلاف من الدولارات، كما يجب أن يكون الشغل الشاغل لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالى، اكتشاف وتنمية وصقل مهارات وقدرات الطلاب، وابتكار مناهج جديدة وطرق تقييم حديثة، بما يواكب المدارس والجامعات العالمية، وأن تكون الأولوية للتدريب العملي للطلاب طوال سنوات الدراسة.
 
وساعتها فقط سيكون لدينا خريجون على أعلى مستوى في مختلف التخصصات، مسلحون بالعلم والمعرفة، قادرون على تحمل المسئولية في كافة ميادين العمل، وليس خريجين يحملون شهادات لا تسمن ولا تغني من جوع، وليست مطلوبة لسوق العمل، وما أكثر حاملي شهادات الليسانس - البكالوريوس - الماجستير والدكتوراه، التي يبحث أصحابها عن فرصة عمل، هي أصلا "مش مطلوبة".
 
[email protected]

كلمات البحث
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة