راديو الاهرام

من الابتعاد لضبط المسافات.. مصر تستعيد عمقها الإستراتيجي فى إفريقيا تحقيقًا للتنمية المستدامة

12-5-2022 | 11:01
من الابتعاد لضبط المسافات مصر تستعيد عمقها الإستراتيجي فى إفريقيا تحقيقًا للتنمية المستدامةروساء مصر ناصر والسادات ومبارك والسيسي
محمود دسوقي
الأهرام التعاوني نقلاً عن

نهر النيل العامل المشترك للعلاقات الوطيدة بالقارة السمراء عبر الزمان
د. عبدالفتاح صديق: مصر شريك أساسي في حركة التنمية الإفريقية تاريخياً 
باحثون ومتخصصون مصريين في مختلف المجالات للمساعدة في تحقيق النهضة السمراء الشاملة 

خلال الأعوام الأخيرة أثيرت تكهنات حول مدى قدرة الدولة المصرية على استعادة عمقها الاستراتيجي وتأثيرها بالقارة الإفريقية، بعد سنوات من الابتعاد والإهمال تلاها موقف صعب وجدت القاهرة نفسها فيه عقب الثورة الشعبية في 2013. ويمكن الجزم بأن مصر قد خطت خطوات واسعة تجلت في توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي عام 2019، ودشنت مشروعات مختلفة للتعاون مع دول القارة، وهي خطوات أعادت ضبط المسافات بين القاهرة وغالبية العواصم الإفريقية، والمؤكد أن الفضل الأكبر في هذا يعزى إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي أجاد تقدير الموقف وأعاد تقييم المشهد. رؤية الجمهورية الجديدة التي ولدت من رحم الرغبة الشعبية في 30 يونيو ليست عشوائية أو انفعالية في ها السياق، بل تقوم على أساس برنامج الاتحاد الإفريقي 2063، وبرنامج الأمم المتحدة 2030، وتمضي في نحو 19 مجالا حيويا على أرض الواقع، وتتمايز أنشطة التعاون بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، وبذلك تعيد مصر أمجاد تواصلها وعمقها الاستراتيجي الإفريقي السابق في عهد الزعيم جمال عبدالناصر بل منذ فجر التاريخ.

«الأهرام التعاوني» ترصد تطور العلاقات المصرية الإفريقية تاريخيًا، من خلال الورقة البحثية التي قدمها الدكتور عبدالفتاح صديق، أستاذ الاستشعار عن بعد بجامعة عين شمس، في الندوة التي عقدها مركز الشرق الأوسط بالجامعة بعنوان «مصر والتنمية المستدامة في دول حوض النيل»

وتضمنت الورقة البحثية للدكتور عبدالفتاح صديق، أن نهر النيل، المصنف أطول أنهار العالم، رغم أنه ضئيل في إيراده المائي، بالمقارنة مع الأنهار الكبرى في العالم، ورغم أن هذه الحقيقة يمكن أن تثير الأسى لدى أبناء حوض النهر الذين يشعرون بزهو كبير به بالذات في مصر، لأن الشعب المصري استطاع باستخدام مياه نهر النيل الأقل في إيراده المائي بين الأنهار الكبرى في العالم، أن يُبدع الحضارة المصرية القديمة «الفرعونية» التي شكلت المنبع الرئيسي للضمير والنظم السياسية والاجتماعية والتنظيمات الاقتصادية في العالم، وهو ما يؤكد أن عبقرية الشعب المصري هي صانعة حضارة مصر بالاستعانة بمياه النيل. 

وأوضح الدكتور عبد الفتاح صديق، أن المساحة المسئولة عن تجميع مياه النهر، تبلغ نحو ثلاثة ملايين كيلو متر مربع، ولا يزيد الإيراد السنوي المائي للنهر على 84 مليار متر مكعب ماء عند أسوان، بالرغم من أنه يتساقط عليه سنويًا أمطار يبلغ حجمها 1900 مليار متر مكعب، أي أن الإيراد الفعلي للنهر لا يزيد على 5.75% من حجم الأمطار المتساقطة عليه، وهي نسبة شديدة الانخفاض، وللنيل ثلاثة منابع رئيسية، هي «الهضبة الإستوائية، وهذه تزود النهر بـ 15 % من إيراده السنوي، والثاني هو الهضبة الأثيوبية وتزود النهر بـ 85 % من إيراده السنوي، ويشكلان معًا حوالی  20 ٪ من مساحة حوض النيل، والباقي في مناطق قاحلة أو شبه قاحلة قليلة الأمطار وتقارب مساحته عشر مساحة القارة الإفريقية إلا أن حجم مياهه لا يتناسب مع كمية المياه في هذا الحوض». 

وأوضح أستاذ الاستشعار عن بعد بجامعة عين شمس، أن مساحة البحيرات التي تزود النهر بالمياه تبلغ نحو 81500 كيلو متر مربع، منها بحيرة فيكتوريا التي تعتبر ثاني أكبر بحيرة مياه عذبة في العالم، من حيث المساحة السطحية لها، أما منطقة المستنقعات التي تعترض سبيل النهر في أقصى جنوب السودان فمساحتها 70 ألف كيلو متر مربع، وهو أطول أنهار العالم «6695 كيلو مترًا»، وهو يقطع 25 خط عرض من الجنوب حتى المصب عند البحر المتوسط، ويعاني حوض النهر من فقد المياه بالتبخر، فيكفي القول إن بحيرة فيكتوريا يتساقط عليها سنويا 100 مليار متر مكعب من مياه الأمطار، يضيع منها 99.5 % ولا يدخل منها في مجرى النهر إلا 0.5 % فقط.

وخلال الورقة البحثية، تم تناول عدة موضوعات تعطي مؤشرا عن الدور المصري في مجال التعاون والتنمية لدول حوض النيل ولإفريقيا، ومنها التطور التجاري مع دول حوض النيل، وأوجه التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وفقًا للدكتور عبد الفتاح صديق.

 

الفترة من 1952-1970م

تعد هذه الفترة، من أنشط فترات السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا؛ حيث كانت لإفريقيا خلالها أهمية بالغة للسياسة الخارجية المصرية؛ فقد كانت مصر خلال هذه الفترة المنبع المادي والمعنوي لانطلاق حركات التحرر الوطني في بعض الدول الإفريقية؛ حيث كانت مصر تعتبر أن تحرير هذه الدول من الاستعمار الأوروبي بمثابة عملية استكمال لتحرير مصر.

كما شاركت مصر بشكل فعال خلال تلك الفترة في إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية باعتبارها إطارًا عامًا وجامعًا للدول الإفريقية، حتى إن القمة الأولى لمنظمة الوحدة الإفريقية تم عقدها في القاهرة عام 1964. وكانت مصر، في بداية الستينيات، بدأت خطتها الطموحة للتصنيع، وبالتالي الحاجة للمواد الخام والسوق وخلال السطور التالية نستعرض الجهود المصرية لتحقيق التعاون مع دول حوض النيل وباقي الدول الإفريقية..

بطولات شركة النصر للتصدير والاستيراد

أنشأت مصر شركة النصر للتصدير والاستيراد، وهي شركة حكومية للتجارة مع إفريقيا عام 1958 برأس مال 38 ألف جنيه، وكان هدف الشركة الأساسي هو فتح أسواق للسلع المصرية، خاصة أن ذلك كان يتزامن مع بداية خطة طموحة لتنمية الصناعة في مصر، وإنهاء مقولة إن مصر بلد زراعي فقط، وكانت هذه المهمة لا تعد سهلة خاصة مع فرض حصار بعد العدوان الثلاثي ضد مصر، فمجرد فكرة تسويق المنتجات المصرية في السوق الإفريقية التي تقع تحت سيطرة الاستعمار الأوروبي، مثل ذلك تحديا كبيرا لذا ساندت مصر حركات التحرر من الدخول إلى هذه الدول لتغطية احتياجات السوق فيها.

وبالفعل بدأت شركة النصر، في العمل وخلال خمس سنوات كان في إفريقيا من خلالها تستطيع مصر أن تتحرك لتقديم العون للقارة السمراء خاصة لدعم حركات التحرر، وعلى أهميته إلا أن توسع الشركة في إفريقيا لم يختزل في أبعاد سياسية فقط، بل كانت له أبعاد استراتيجية، حيث إن الاستعمار كان يلملم نفسه ويصفي الرعايا الأجانب ممتلكاتهم للعودة إلى أوطانهم عن طريق بيعها بشرط قبض الثمن في أوروبا، فقد كان من غير المضمون بالنسبة لهم الخروج بأي أموال. 

ولذلك كان من بين الأفكار المصرية الاقتصادية، هو الاستثمار في بعض القطاعات ومن بينها العقارات مثل بناية شركة النصر في أبيدجان، وهي برج عملاق، ساهم رئيس ساحل العاج في افتتاحه، حيث كان يرى هذا لجذب الاستثمارات لبلاده، بعد خروج الاحتلال.

وفي تنزانيا، اشترت الشركة مقرًا من ثلاثة طوابق، فيلا في أرقى مواقع، وفي النيجر، التي خرج منها الاحتلال الفرنسي ولم يكن بها مصعد كهربائي واحد، أنشأت شركة النصر مبنى من 8 طوابق به مصعد، فمع تولي عبد الرشيد الشرماركي رئاسة وزراء الصومال، انتهج سياسة أكثر تحررية، تجاه العديد من المواقف الإفريقية، كما اتجه إلى تدعيم علاقته بمصر، الأمر الذي انعكس على علاقة الصومال بإيطاليا والشركات الإيطالية التي كانت تحتكر تسويق محصول الموز، وهو المحصول الرئيسي للصومال. 

وهنا بدأت تلك الشركات في الضغط على الصومال للتراجع عن سياستها التحررية، فامتنعت عن شراء الموز الصومالي وتركت أسعاره تنخفض بشدة الأمر الذي كان يهدد الاقتصاد الصومالي الضعيف, وكان هذا الأسلوب منتشر وواجهته الكثير من الدول الإفريقية حديثة الاستقلال، وعندما لجأ عبد الرشيد لعبد الناصر، أعلن الأخير أن مصر سوف تتدخل لشراء المحصول الصومالي، على أن تقوم في الوقت نفسه بتصدير المحصول المحلي من الموز للخارج، وبمجرد إعلان ذلك، اندفعت الشركات الإيطالية لشراء المحصول الصومالي، وألحت على الحكومة الصومالية بإلغاء الصفقة المصرية، وهنا أصبحت حكومة عبد الرشيد في موقف قوي أمام الشركات الايطالية. 

تقديم الخبرات الفنية

كانت مصر تمتلك جيشا من الخبراء والفنيين وخريجي الجامعات في مختلف المجالات، وهو ما كان يميزها عن معظم الدول الإفريقية، التي تركها الاستعمار دون أن يكون لديها الكوادر الفنية المؤهلة من بين مواطنيها، حتى تستمر في الاعتماد على خبراء الدول الاستعمارية. 

وهذا الوضع دفع مصر، لتلبية الكثير من احتياجات الدول الإفريقية من الخبراء والفنيين عند الضرورة، فقد لجأت كثير من الدول الاستعمارية إلى سحب خبرائها وفنييها من بعض الدول الإفريقية حديثة الاستقلال كوسيلة للضغط على الحكومات الجديدة ولفرض سياسات جاهزة معينة عليها، وفي هذه الحالات كانت مصر دائمًا لإنقاذ الموقف، وحدث هذا في غينيا عندما سحبت إسبانيا جميع أطبائها وخبرائها، وهنا أرسل عبد الناصر بدائل لهم من المصريين، وكذلك في نيجيريا وغينيا والكونغو برازافيل، كما لا يمكن نسيان جهود المدرسين المصريين في الصومال قبل الاستقلال وبعده، للإبقاء على صلة الشعب الصومالي بجذوره العربية.

وبجانب الفائدة الكبيرة التي حققتها المساعدات المصرية لبعض الــدول الإفريقية، إلا أنها فتحت مجالات واسعة أمام الكوادر المصرية للعمل في السوق الإفريقي، كما تم تقديم قروض إلى الدول الإفريقية، حيث قدمت مصر القروض لبعض الدول الإفريقية التي تعرضت لضغوط اقتصادية نتيجة مواقفها من الاستعمار، ومن الأسباب التي شجعت عبد الناصر على اتباع هذا الأسلوب في المساعدة كون معظم القروض التي كانت تقدم من مصر تمثلت في تنفيذ أعمال البناء والتشييد سواء في إنشاء طرق أو منشآت أو تطهير موانئ، وكلها أعمال كانت لدى الشركات المصرية القدرة والكفاءة التامة في القيام بها، كما كان هناك اعتقاد بإمكانية توسع هذه الشركات بعد ذلك، الأمر الذي يمكن أن يحقق لها عائدا في الدول الإفريقية الأخرى القادرة على الدفع بالعملات الحرة. 


تبادل تجاري مع دول حوض النيل

بالنسبة للصادرات المصرية، بلغ حجم الصادرات المصرية عام 1955 حوالي 22.2 مليون دولار، بنسبة بلغت نحو 5.3 ٪ فقط من إجمالي صادرات مصر في هذا العام، وتركزت الصادرات في دولتين فقط من دول الحوض، هما السودان بصادرات قيمتها 21.9 مليون دولار، وإثيوبيا بمقدار ضئيل قيمته 300 ألف دولار فقط، وفي عام 1960 حدث انخفاض في الصادرات الدول حوض النيل لتبلغ 13.9 مليون دولار «للسودان فقط»، لم تتعد 2.4 % من إجمالي الصادرات المصرية هذا العام، أما في عام 1965 فلم يتعد إجمالي الصادرات المصرية الدول الحوض 5.5 مليون دولار فقط بنسبة %0.95. من إجمالي هذا العام، وكانت للسودان فقط، وجاء عام 1970، ليشهد تنوعًا في الدول المتلقية للصادرات المصرية وهي، الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، كينيا، السودان، تنزانيا، وأوغندا إلا أن هذا التنوع الجغرافي لم يصاحبه قفزة في قيمة الصادرات المصرية، والتي لم تتعد قيمتها 18.3 مليون دولار.


واردات مصر من دول حوض النيل

بلغت الواردات المصرية من دول حوض النيل، 9 ملايين دولار بنسبة 1.3 ٪ من إجمالي الواردات المصرية، وكانت تحديدًا من السودان وإثيوبيا أيضًا، أما في عام 1965 فلم تتعد الواردات 8.2 مليون دولار وكانت من السودان فقط، بنسبة 0.9 ٪ من الإجمالي، وفي عام 1970، ولم تتجاوز الواردات المصرية من دول الحوض مبلغ 20.46 مليون دولار بنسبة 2.6 ٪ من إجمالي الواردات المصرية من العالم، ويتضح مما سبق أن قوة ومتانة العلاقات السياسية في تلك السنوات لم تصاحبها نقلة كبيرة في العلاقات التجارية بين مصر والدول الإفريقية عامة ودول حوض النيل خاصة، وتعود أهم الأسباب إلى الضعف في العلاقات التجارية في تلك الفترة بين مصر والدول الإفريقية، رغم قوة العلاقات السياسية عند ذلك الوقت، إلا أن معظم الدول الإفريقية تصدر المواد الخام وتستورد السلع المصنعة، بالإضافة للصعوبات التي كانت متعلقة بأوضاع فرضها الاستعمار من قبل احتكار الشركات الأوروبية لموارد الثروة في إفريقيا، كما أن خطوط نقل السلع مع إفريقيا آنذاك كان الجزء الأكبر منها يتم عبر الموانئ والعواصم الأوروبية، حيث إن خطوط الملاحة والطيران البينية داخل القارة والتي تربط بعضها البعض كانت ضعيفة ونادرة جدا.  

التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل من 1971-1980م

في بداية فترة حكم الرئيس محمد أنور السادات، استطاع أن يضمن تأييد الدول الإفريقية لمصر إثر هزيمة 1967م، فقد تضامنت الدول الإفريقية مع مصر، وحاول السادات أن يبقي على نوع ما من التعاون مع دول القارة، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية مع العديد من البلدان الإفريقية، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا للبناء على ما أسسه جمال عبد الناصر من تواجد مصري سياسي قوي بإفريقيا، الأمر الذي بدأ فيه التواجد والتأثير المصري يتآكل بالتدريج، كما حدث تراجع كبير عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، لكن لابد من ذكر أن وزير الدولة للشئون الخارجية الدكتور بطرس غالي (1977-1991) أولى إفريقيا اهتمامًا خاصًا ولم يترك دولة إلا وقام بزيارتها لأنه كان يعلم مدى أهمية إفريقيا لمصر، كما اقترح على الرئيس السادات تأسيس الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، والذي تم إنشائه بوزارة الخارجية عام 1980، بهدف تقديم المعونة الفنية للدول الإفريقية وتنمية الموارد البشرية جاء ولدعم قدرات الدول الإفريقية على تحقيق التنمية الاجتماعية في كل المجالات.

الصادرات المصرية

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل، نحو 9.40 مليون دولار، بنسبة 5 % من إجمالي صادرات مصر في هذا العام، وكانت كل من الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، كينيا، السودان،تنزانيا، وأوغندا هي الدول المستقبلة للصادرات المصرية في ذلك العام. 

أما عام 1980 فقد بلغت الصادرات دول حوض النيل نحو 13.4 مليون دولار، بنسب 3 : 4 % من إجمالي الصادرات المصرية خلال العام المذكور، واتجهت تلك الصادرات للسودان وكينيا وأوغندا. 

الواردات المصرية

وبلغت الواردات المصرية من دول حوض النيل، عام 1975، نحو 35 مليون دولار بنسبة 0.8 ٪ من إجمالي الواردات المصرية من العالم في نفس العام وكانت تحديدًا من كل من، بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، كينيا، السودان، تنزانيا، أوغندا. 

أما عام 1980 فلم تتعد الواردات المصرية من دول الحوض 26.9 مليون دولار بنسبة 0.5 % فقط من إجمالي واردات هذا العام، وجاءت كل الواردات من كل دول حوض النيل ماعدا بوروندي ورواندا.

التبادل التجاري (1980 – 2010م)

سعت مصر إلى الاتجاه نحو الدول الإفريقية، وبالفعل تمكنت مصر حينها من لعب دورٍ قيادي إقليميا؛ من أبرزها، انتخاب مصر مرتين لرئاسة منظمة الوحدة الإفريقية في عامي 1989 و1993م، كما اتجهت مصر لتقوية علاقاتها مع الدول الإفريقية خلال تلك الفترة؛ من خلال توقيع عدد من اتفاقيات التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، واستمر ذلك حتى محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1995م في أديس أبابا؛ حيث انحسر دور مصر في إفريقيا، فمبارك لم يزر إفريقيا خلال 30 سنة من حكمه غير 16 مرة فقط بينما زار الولايات المتحدة الأمريكية 47 مرة، الأمر الذي يوضح تراجع مكانة إفريقيا في هذا الوقت وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011م.

وشهدت الصادرات المصرية إلى دول حوض النيل تذبذب ملحوظ ما بين ارتفاع وإن كانت محدودة خلال الفترة (1981-2000) فمن 1981-1985 بلغت قيمة الصادرات 14.4 مليون دولار زادت إلى 20.1 مليون دولار من 1991-1995م ولكن مع الفترة من 2001 – 2005 م زادت الصادرات وتضاعفت بشكل واضح حيث بلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية خلال الفترة الأولى (2001-2005) ما قيمته 649.4 مليون دولار ثم ارتفعت فى الفترة الثانية والثالثة لتصل إلى قيمة إجمالية مقدارها 3150.5، 5060.1 مليون دولار جاءت السودان فى المقدمة بالرغم من ضآلة حجم الصادرات بالمقارنة بصادرات مصر إلى العالم ثم كينيا ويليها اثيوبيا.

حيث سجلت صادرات مصر إلى السودان، ما قيمته 4909.1 مليون دولار بما يعادل 55% من إجمالى الصادرات المصرية لدول حوض النيل بينما جاءت بنسب متفاوتة خلال الثلاث فترات فسجلت ما نسبته 66.8%، 63.8%، 48.7% على التوالى يليها كينيا والتى احتلت المركز الثانى فى جميع الفترات حيث سجلت 21.5%،18.6%،26.6% على التوالى، كما بلغت قيمة اجمالى صادرات مصر إلى كينيا خلال فترة الدراسة ما قيمته 1970.7 مليون دولار بما يعادل 22% من أجمالي قيمة الصادرات المصرية.

وجاءت الصادرات المصرية إلى إثيوبيا، بما يعادل 5.8%،5.5%،7.2% على التوالى خلال فترات الدراسة الثلاث بينما سجلت نسبة لا تتجاوز 7% من اجمالى الصادرات المصرية إلى دول حوض النيل خلال الفترة (2001-2015) ثم سجلت كل من اوغندا واريتريا نسبة لا تتعدى 4% لكل منهما كما سجلت كل من رواندا وبوروندى والكونغو نسب ضئيلة.

واردات حوض النيل (من 1981-2011م)

حجم الواردات المصرية، من دول حوض النيل والتي رغم تزايدها، إلا أن نسب تلك الواردات خلال السنوات كانت هزيلة جدًا ففي عام 1985 فبلغت 9.712 مليون دولار تمثل كينيا المرتبة الأولى في الواردات تمثل 42% من جملة الواردات ويليها في الترتيب وتنزانيا بـ 20 %، جمهورية الكنغو 19 %.

الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا

تم إنشاء الصندوق في نهاية عهد السادات عام 1980، وامتد عمله على مدى 30 عامًا خلال عهد الرئيس مبارك، واستمر عمل الصندوق على أساس صيغة تعاون جنوب - جنوب بهدف مساعدة الدول الإفريقية على تحقيق التنمية المستدامة عبر برامج التعاون الفني والبرامج التدريبية البناء قدرات الكوادر الإفريقية التي يقدمها لدول القارة في مختلف المجالات وعلى رأسها الزراعة والصحة والتعليم والأمن والدبلوماسية والقضاء والإعلام وكذلك المنح المائية خاصة في مجالي الصحة والزراعة.

ولقد أنجز الصندوق عدة مهام قومية هامة، حيث أوفد الصندوق منذ نشأته في عام 1980 ما يزيد على 3500 خبيرًا للدول الإفريقية في المجالات المختلفة، ودرب نحو 10 آلاف من الكوادر الإفريقية في مصر، وقدم المنح المالية والمساعدات الإنشائية خاصة في مواجهة الكوارث الطبيعية، فضلاً عن إيفاده العديد من القوافل الطبية للدول الإفريقية، وعمل علي تشجيع الاستثمارات المصرية في قارة إفريقيا من خلال القطاع الخاص والذي استثمر نحو بحوالي 2 مليار دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بحجم الفرص المتاحة للاستثمار في دول حوض النيل، فلو كانت الحكومات المصرية المختلفة استثمرت ما أنشأه عبد الناصر من شركات ومؤسسات مصرية في إفريقيا وبثت عليها لكان لمصر وضع آخر في حوض النيل.

ورغم ذلك، لم يكن كافيًا لخلق بيئة تعاونية للعمل الإقليمي الفاعل بين مصر ودول حوض النيل، حيث إن تلك الجهود وغيرها لم تستطع أن تتغلب على المشكلات والخلافات المائية التاريخية بين مصر ودول الحوض.

إلا أن الحكومة أعلنت على سبيل المثال في (2014) عن خطة لإعادة هيكلة وتطوير شركة النصر للتصدير والاستيراد ومازالت أعمال الهيكلة مستمرة، وهنا نذكر كلمة الرئيس يوري موسيفيني رئيس أوغندا بعد ثورة يناير 2011م عندما زار وفد شعبي أوغندا حيث قال الرئيس الأوغندي إلى أنه سبق أن قال للرئيس المصري حسني مبارك، «فلتكن مصر أرض الصناعة، ولتكن أوغندا والسودان أرض الزراعة وتوليد الكهرباء، وأنه لن تكون هناك تنمية في مصر دون أوغندا ودول حوض النيل والعكس صحيح، مشددًا على أن هذا ما أثبته التاريخ حيث إن دول حوض النيل عبارة عن جسد واحد».

كلمات البحث
الأكثر قراءة