تصوّرت أن كُتّاب أدب الرعب، بضخامة بنيانهم، ولحاهم الكثيفة، قلوبهم "ميتة"، يُخيفون لا يخافون، لكن المفاجأة أن محمد عصمت، أشهر كُتّاب أدب الرعب، رغم من أنه "ذاتوي"، و"فضائي"، يُشبه "الممسوس" يفتح "باب اللعنات" على قرائه يوميًا، يطلق "التعويذة الخاطئة"، ويقول لجمهوره "أتيتكم منتقمًا"، حيث "لا مخرج"، يخشى الأطفال ويرعبه المهرجون!
موضوعات مقترحة
محمد عصمت، ابن مدينة دمياط، حقق نجاحًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من خلال أدب "الرعب"، هو مُترجِم وباحث مُتخصِّص في أدب الرعب بجميع أشكاله وأنواعه، دارس للماورائيات والظواهر الغامضة والغريبة.
بدأ الكتابة بشكل جاد سنة ٢٠١٣ برواية الممسوس التي صدرِت عن دار ن، حقّقت الرواية نجاحًا ملحوظًا دفعه لاستكمال طريقه الروائي وصولًا لـ ١٦ إصدارا حتى الآن.
سنة ٢٠١٦ قرّر البدء في ترجمة مقال يومي على الفيس بوك، والمقالات كانت تتنوَّع بين القصص الحقيقية، الأساطير الحضرية، قصص الأفلام، الألغاز المُخيفة، وحكايات الأرواح والأشباح، وجذب المحتوى العديد من المُتابعين إلى أن وصل عدد متابعيه على شبكات التواصل الاجتماعي المُختلفة ما يقترب من نصف مليون مُتابِع.
بعدها قرّر البدء في نوع آخر من تقديم المحتوى وهو الڤيديوهات، وبدأ بكتابة وتقديم برنامج (بتاع الرعب) وبودكاست (Top Six( على قناة يوتيوب بعنوان (القناة التانية) والتي تخطّت نسب مشاهداتها المليون مُشاهدة.
كتب مسلسل إذاعي من 30 حلقة بعنوان (لغز مفتوح) من بطولة بيومي فؤاد، نضال الشافعي، وكريم الحسيني. كما شارك في كتابة فيلم (The Key) من بطولة وإخراج أيمن الرفاعي.
كتب أيضًا مسرحية التعويذة الخاطئة التي تم عرضها ٣ مرات على ٣ مسارح مختلفة وكانت من إخراج الفنان أحمد الجارحي، وكتب مسلسل صوتي خاص لأبلكيشن ستوريتل، وترجم 3 مسلسلات صوتية لنفس الأبلكيشن.
كتب محمد عصمت قصة قصيرة ضمن مشروع الرعب في العالم وتم ترجمتها لـ 8 لغات لتكون أكثر قصة تم ترجمتها لعدة لغات في الأبلكيشن، هو صاحب بودكاست (قشعريرة) الموجود على أبلكيشن (podU) والذي دخل قوائم الأكثر استماعًا منذ يومه الأول.
طُبعت أعماله عشرات الطبعات، ومنها: الممسوس.. يناير ٢٠١٤.. ٢٠ طبعة، التعويذة الخاطئة ١.. يونيو ٢٠١٤.. ١٥ طبعة، ذاتوي.. يناير ٢٠١٥.. ٣٠ طبعة، صائد الذكريات.. يناير ٢٠١٦.. ١٢ طبعة، التعويذة الخاطئة ٢.. يونيو ٢٠١٦.. ١٠ طبعات، منيجيل.. يناير ٢٠١٧.. ١٧ طبعة، حدث بالفعل ١.. يونيو ٢٠١٧.. ٣٠ طبعة، الجانب المظلم.. يناير ٢٠١٨.. ١٤ طبعة، باب اللعنات.. يناير ٢٠١٩.. ١٢ طبعة، لا مخرج (ترجمة).. يناير ٢٠١٩.. ٤ طبعات، أتيتكم مُنتقمًا (نوفيلا).. يونيو ٢٠١٩.. ٥ طبعات وغيرها.
إلى نص الحوار:
= محمد عصمت تاريخ طويل من الكتابة سطع اسمك على الساحة الأدبية بين الشباب منذ فترة طويلة، كيف ومتى بدأت الكتابة؟
بدأ الأمر منذ فترة طويلة، تحديدًا منذ الصغر، لكن حينئذ لم يكُن الإنتاج الأدبي يرقى لشيء أكثر من كونه مجموعة شخابيط فتى يحلم بأن يكتب يومًا، واستمرَّ الأمر بهذه الطريقة لفترةٍ لا بأس بها من الزمن إلى أن وجدت يومًا جروبا أدبيا على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) كان ينظِّم مسابقة أدبية للقصة القصيرة، وقرَّرت المُشاركة بها، وجاء ترتيبي الـ ٣٧ من أصل ٥٠ مُشتركا!
لكنني لم أقِف عند هذه المرحلة، طلبت من لجنة التحكيم تقييمًا كاملًا للقصة التي اشتركت بها، وجاء التقييم موضحًا لي أبرز نقاط الضعف في عملي، وبدأت من فوري في العمل لمُعالجتها، ثم كتبت قصة أخرى، وعرضتها على نفس الجروب الأدبي وطلبت تقييمًا من القراء، وعرفت نقاط ضعف جديدة، واستمر الأمر كذلك لفترة من الزمن قبل أن أستطيع مُعالجة كُل نقاط ضعفي بشكلٍ مقبولٍ، قبل أن أقرِّر أنه حان وقت كتابة القصص الطويلة، ومنها للروايات القصيدرة (النوفيلا) انتهاءً بالروايات الطويلة، وكُنت طوال الوقت أكتب على صفحات الجروب وأستمِع للنقد وأتعلَّم كيف أطوِّر من نفسي.
"الجروبات الأدبية" على الفيس بوك منحت الفرصة للشباب
واسمحي لي أن أستغل هذه المساحة لأتحدّث عن دور الجروبات الأدبية في إبراز ومنح الفرصة للكُتَّاب الشباب وهو الأمر الذي أفادني أنا شخصيًا بشكل لم أكُن أحلَم به.
حين شعرت أنني تمكَّنت من كتابة الروايات الطويلة، عكفت لمٌدة عامين تقريبًا على كتابة روايتي الأولى (الممسوس) والتي تحمَّست لها دار ن للنشر والتوزيع كثيرًا وقرَّروا نشرها فورًا لتحقق نجاحًا لا بأس به فور صدورها، ومن هنا بدأت الرحلة.
= لماذا اخترت الرعب نمطًا أدبيًا لك؟
لهذا السؤال إجابتان، إحداهما رسمية أستخدمها عادةً في اللقاءات التليفزيونية أو الصحفية، وهي أن أدب الرعب نوع هام من أنواع الأدب لكنه في شرقنا الأوسط ما زال أدبًا وليدًا، وأنا كقارئ مُحِب لهذا النوع الأدبي كُنت أعاني لأجد كتابًا واحدًا أقرأه كُل فترة، لذلك قرَّرت أن أتحوَّل لكاتِب رُعب.
لكن بما أننا أصدقاء فاسمحي لي أن أشاركك الإجابة الأخرى، في حقيقة الأمر أنا (خوَّاف)، أخاف العديد من الأشياء مثل الظلام والمهرجين والأطفال الصِغار، لذلك أكتب الرعب لأواجه مخاوفي، أعترِف بها على الورق أولًا قبل أن أتحداها وأنا أكتبها، ومن ثم أتخلَّص منها حين تُصبح بين أيدي القُراء.
هذا سر بيننا لا تخبري به أحدًا
= يعيش المبدع ما يكتب بشكل أو بآخر، سواء بنفسه أو من خلال تجارب الآخرين، هل عاش محمد عصمت ما كتبه؟
على عكس الكثير من الكُتَّاب بدأت مواقفي المُرعِبة بعدما بدأت الكتابة وليس قبل ذلك، لكنها كانت كُلها بشكلٍ أو بآخرٍ مواقف قدر الله لي أن أخرج منها سالمًا لأقصها على حضراتكم، لن أنسى يوم قابلت شبح طفل ميت في واحدة من الشُقق المهجورة، أو عندما تعرَّضت للجاثوم ورأيته رؤى العين، أو حينما أخطأت العنوان لأصعد لعمارة مهجورة وأطرق باب شقة غير مسكونة ليفتح لي الباب شخص غامض ويتحدَّث معي قليلًا قبل أن أدرك أنها ليست العمارة المطلوبة وأشكره لأهبط.. قبل أن أعرف أن هذه الشقة مُحترقة تمامًا من الداخِل وأن هذا الشخص الذي كُنت أتحدّث معه هو صاحبها الذي مات مُحترقًا بالداخِل!
لكن هأنذا.. على ما يُرام، على الأقل في الوقت الحالي..
= لديك متابعون كُثر عبر صفحتك الرسمية بالفيس بوك، يتفاعلون مع كتابتك، هل ترى أن هناك علاقة بين السوشيال ميديا وشهرة الكاتب؟
ستتفاجئين تمامًا عندما تعرفين أنني عكست وصفة النجاح الشهيرة، أنا كتبت ونشرت أولًا، قبل أن أتجه للكتابة على السوشيال ميديا، وصدرت لي رواية (ذاتوي) التي باعت أكثر من ٢٦ طبعة قبل اتجاهي للسوشيال ميديا بحوالي سنتين.
في الحقيقة أعتقد أن الأمر لا علاقة له بالتفاعل الموجود على السوشيال ميديا وأن الكتابة الجيدة تفرض نفسها في أي وقت وفي أي مكان بغض النظر عن أي شيء آخر.
= أنت أبرز كُتّاب الرعب في جيلك، ما الذي يُخيف محمد عصمت؟
أخاف الظلام، وتحديدًا أخاف من القابعين في الظلام دون أن ندري عن وجودهم شيئًا، أخاف المهرجين لأنهم يظهرون عكس ما يبطنون، وأخاف الأطفال الصِغار لأنهم يرون ويسمعون ما لا نرى أو نسمع!
أخاف البشر بشكل عام لأن نسبة كبيرة منهم مؤخرًا أصبحوا مليئين بالشر، وأخشى غدًا لا أعرف بأي حال سيأتي أو سيكون!
= يقال إن أدب الرعب يفتقد إلى آليات السرد .. ما تعليقك؟
غير منطقي على الإطلاق أن نتهم نوعا أدبيا كاملا بتهمة كهذه، هذا أمر كأنك تقولين أن كُل أشجار العالم ليست عالية، بالطبع هذا مُستحيل وغير منطقي! هناك أشجار عالية وأشجار غير عالية! كذلك هناك روايات رعب تفتقد لآليات السرد مثلما توجد بعض الروايات في الألوان الأدبية الأخرى التي تفتقِد لآليات السرد.. أنا شخصيًا ٩٠٪ من رواياتي سردية، تعتمِد على السرد بشكل كبير جدًا، لكن لأن النقاد لا يقرأون لنا فبالتالي لا يعرفون ماذا نكتب، كما أن رواية (الرديف) للكاتب محمد المخزنجي والتي تُصنّف كرواية رعب نفسي، والرواية الفائزة بجائزة كتارا الأخيرة هي رواية سردية تمامًا!
= ألا ترى أن هناك عزلة ما بين نقاد الأدب وكُتّاب أدب الرعب؟
سبق وكُنت في إحدى الندوات الأدبية في معرض الكتاب (٢٠١٩) وهاجمني أحد النُقّاد هجوما قاسيا جدًا، وهاجم أدب الرعب بوحشية، وحين سألته ماذا قرأ في أدب الرعب؟ أجابني أنه لم يقرأ أدب الرعب من قبل لأن الرعب ليس أدبًا ليُقرأ.. هذا يوضح نظرة النقاد لهذا النوع من الأدب، يرفضون اعتباره أدبًا، يرفضون قراءته، ويهاجمونه طوال الوقت، بالطبع أدب الرعب ما زال أدبًا وليدًا ونحتاج لمُساعدة النقاد كي نتطوَّر ونطوِّر من أدب الرعب، لكنهم يرفضون مُساعدتنا على طول الخط.
أعمال الكاتب محمد عصمت
أعمال الكاتب محمد عصمت
أعمال الكاتب محمد عصمت
أعمال الكاتب محمد عصمت
أعمال الكاتب محمد عصمت
الكاتب محمد عصمت
الكاتب محمد عصمت
محررة بوابة الأهرام في حوار مع الكاتب محمد عصمت
محررة بوابة الأهرام في حوار مع الكاتب محمد عصمت