راديو الاهرام

أشعة الشمس للحد من جائحة كورونا ومشتقاتها

9-5-2022 | 16:52

"تظهر في أفق السماء أيها الشمس الحية، الذي يقدر الحياة، تشرق في الأفق الشرقي في الصباح وتملأ كل البلاد بجمالك، أنت جميل وعظيم ومشرق الآن فوق جميع البلدان، وأشعتك تملك كل البلاد حتى آخر كل ما خلقت"، "تشرق لهم، فأنت شمس اليوم، عظيم في رفعتك، وتُبقي كل البلدان الغريبة على قيد الحياة، وخلقت نيلًا في السماء لكي يهبط عليهم، يشكل أمواجًا على الجبال، مثل البحر لكي يرووا حقولهم، ويحصلوا على ما يحتاجون" (من ترانيم إخناتون).
 
آتون، قرص الشمس، ذلك النجم البهي الجميل الذي إذا انعدم انعدمت معه الحياة على الأرض، بل وانعدمت الأرض نفسها. 
 
يعد المصريون القدماء هم أكثر من عرف أن وجود الشمس يعني الحياة، وأنها من أساسيات إقامة حضارة بجانب نهر النيل، وبعيدًا عن عبادة الشمس من قبل مختلف الحضارات على مر العصور، فقد اعتمدت كل حضارة على الشمس في مختلف المجالات؛ نظرًا لأهميتها في حياة الأرض.
 
وعلى سبيل المثال فقد استخدمت كلا الحضارتين المصرية واليونانية أشعة الشمس لغرض الاستشفاء، أو بغرض جلسات العناية والاسترخاء تحت أشعتها الذهبية؛ حيث ربطوا بين زيادة الصحة المناعية وصحة العظام بطول فترات الجلوس تحت أشعة الشمس الصباحية.
 
في الوقت الحالي ومع تفشي وباء كورونا في البلاد وغيرها من الأوبئة الأخرى والتي لها علاقة بالجائحة الحالية، بدأ قطاع من الأبحاث العلمية مؤخرًا في أكثر من بلد، على سبيل المثال لا الحصر، الهند وإندونيسيا وإيطاليا، تتجه إلى دراسة أهمية أشعة الشمس في الحد من إنتشار هذا الوباء الجامح.
 
من المعروف أن جزءًا من أشعة الشمس (الموجات الكهرومغناطيسية) يحوي ما يسمى بالأشعة فوق البنفسجية والتي في حد ذاتها تنقسم إلى ثلاث شعب: أشعة فوق بنفسجية (أ)، وأشعة فوق بنفسجية (ب)، وأشعة فوق بنفسجية (ج). ما يصل إلى الأرض حوالي 5% من الأشعة (ب)، بعد مروره من خلال طبقات الجو العليا في حين تصل أعلى نسبة من الأشعة فوق البنفسجية (أ) إلى الأرض (ما يقرب من 95%)، على الصعيد الآخر فإن كامل الأشعة فوق البنفسجية من النوع (ج) يتم حجبه ولا يصل إلى الأرض.
 
وبالرغم من خطورة الأشعة (ج) على البشر إذا ما تعرضوا لها مباشرةً من المصادر الصناعية حتى ولو لوقت قصير، فإنها مازالت لها الفاعلية الأعلى في تثبيط فعالية الفيروسات، ومن ثم القضاء عليها، ولهذا، وبجانب استخدام الأشعة فوق البنفسجية (ج)، فقد تحدَث أكثر من بحث حديثًا حول استخدام الأشعة فوق البنفسجية الشمسية - ألف وباء - ضد الكائنات الحية الدقيقة، بالإضافة إلى مناقشات حول السلوك الموسمي في الأمراض المعدية.
 
يمكن اعتبار هذا الأمر مهمًا؛ حيث اقترحت النماذج التنبؤية الحديثة أن فيروس SARS-CoV-2 (كورونا) حسّاس للشمس، مما يوفر للباحثين القدرة على دراسة التأثيرات المحتملة للأشعة فوق البنفسجية - ألف وباء - على هذا النوع من الفيروسات على نطاق واسع.
 
وقد خلصت هذه الدراسات إلى أن من بين العوامل المناخية المختلفة، وجد أن الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس مباشرةً تلعب دورًا مهمًا في تحديد انتشار فيروس كورونا المستجد، علاوةً على ذلك، حددت الدراسات أيضًا الارتباط بين وفيات COVID-19 ومواقع الدول على خطوط العرض جغرافيًا؛ حيث وجد أن سكان المناطق الواقعة بالقرب من خط الاستواء، حيث شدة ضوء الشمس تكون في أعلى مستوياتها، يتعرضون بشكل منتظم لأشعة الشمس، وبالتالي يكونون أقل عرضة لنقص فيتامين (د)، والذي وجوده يدعم من كفاءة الجهاز المناعي، ومن ثم فإن هذا التعرض يساهم بشكل فعال في الحد من انتقال هذا الفيروس بين السكان.
 
دراسات أخرى أوضحت أن الحد من انتشار الجائحة يكون أكثر فعالية في فصل الصيف عن فصل الشتاء، لذا من الواضح أن هناك ارتباطًا مثيرًا للاهتمام بين التعرض لأشعة الشمس وخطوط العرض والمواسم وفصول العام الأربعة وحالة فيتامين (د) مع معدلات الإصابة بـCOVID-19 ونسب الوفيات والتعافي، والتي ما زالت قيد البحث. 
 
وعلى ذكر حرارة الشمس، فقد وجدت دراسة أن الحرارة المحتبسة داخل السيارات المركونة تحت الشمس، بدايةً من 60 درجة مئوية، من الممكن أن تساهم أيضًا بشكل فعّال في القضاء على الفيروسات العالقة داخل هذه السيارات.
 
وبما أن بلادنا تنعم بأشعة الشمس طوال العام وبكميات وفيرة، أجدها فرصة مناسبة لزيادة التوعية بأهمية التعرض لأشعة الشمس الصحية في ساعات الصباح المسموح بها للتعرض بدون آذى لغرض المحافظة على النسبة الصحّية من فيتامين (د) داخل أجسامنا، والتي تساهم في تعزيز مناعة الجسم للتعافي وللحد من انتشار الفيروس داخل الجسم.
 
------------------------------------------
* دكتور باحث بالمعهد القومي للمعايرة

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة