من القليوبية والشرقية والغربية، من المطرية والإسماعيلية والدقهلية، من الجيزة وبورسعيد من كل ربوع مصر ومحافظاتها خرج ١٦ شابًا بنفس الملامح المصرية لونتهم شمس سيناء بلون واحد، يحمون ترابها في مقر خدمتهم العسكرية في إحدى نقاط رفع المياه ضمن خطة الدولة لتوصيل مياه صالحة للشرب للقرى والنجوع للتجمعات البدوية المتفرقة لكل أهلنا في سيناء، يشاركون في المشروعات القومية التي تغير وجه الحياة، يسقون الطير والحيوان والنساء والأطفال والعجائز والرجال..
هم ولاد الأرض الطيبة ممن لا تشغلهم أخبار شائعات الأزمات الاقتصادية، ولا يتابعون تريند زواج وانفصال فنانة، يعملون في تجرد يساهمون في رسم خطوات تكفل حياة كريمة لأهلنا، ليس فقط بتوصيل المياه لتجمعات متفرقة، وتلبية احتياجات أهل سيناء لكن أيضًا لجعلها سلة الغذاء في مصر، كهدف إستراتيجي لتنمية مستدامة في حلقة من حلقات الحياة؛ سواء بتوصيل مياه النيل عبر ترعة السلام، أو الاستفادة من محطة معالجة مياه بحر البقر، إلى تحلية مياه الآبار وإنشاء محطات لتحلية مياه الآبار بوسط سيناء، إلى إنشاء محطة تحلية مياه الآبار وخزاني مياه ببئر العبد، يبنون مشروعات من التي تنفع وتمكث في الأرض.
ليخرج عليهم من ينتفع بعملهم ممن يشربون من أيديهم يهاجمونهم، رغم كونهم من قوات تأمين جهود التنمية لمحطة من محطات رفع المياه بعرب سيناء، تخصصهم فني بحت مسئولين عن محطة من محطات روافع المياه، فربما مروا منهم قبلها بساعات واستسقوا الجنود الواقفة في الخدمة فسقوهم قبل أن يعودوا وبنفس اليد التي مدت لهم بالحياة ليقتلوهم..
فأي خسة وأي نذالة وأي هدف حاولوا إحداثه تلك العناصر الإجرامية من جرذان الإرهاب العملاء، هل دفعتهم رغبة في إحداث أثر إعلامي بعد تعرية مخططاتهم ومموليهم خلال الفترة السابقة بشكل كامل أمام الشعب المصري، فجاءت محاولاتهم البائسة لاستهداف رمز للحياة، ولم يجرؤا على استهداف نقاط أمنية أو عناصر قتالية من قوات مكافحة الإرهاب التي أدخلتهم الجحور وأوقفت عملهم الإجرامي لشهور طويلة.
لكن ما لم يحسبوه أن جرمهم مضاعف وأن السحر سينقلب على الساحر، فوحدت جريمتهم قلوب الجميع وأمسى الناس يعزون بعضهم البعض كأن الشهداء من كل بيت، وخرج الشعب المصري بكافة طوائفه بصوت واحد يستنكر ويلعن من امتدت يده بخسة ليهاجم إحدى نقاط رفع المياه والتي لا غنى عنها للحياة في الأماكن المرتفعة للتجمعات البدوية، وإذا كان الألم يعتصر قلوبنا علي ١١ بطلًا من أبنائنا استشهدوا وإصابة خمسة آخرين، إلا أن هذا الحادث البغيض لن يجعلنا نتراجع خطوة عن رفض كل يد تمتد لترهب الشعب المصري أو تضغط على القيادة السياسية في نفس إطار حملة الشائعات الاقتصادية والتي تستهدف إثارة بلبلة بين المواطنين، لتكون رسالة المصريين واحدة: إرهابكم لن يزيدنا إلا إصرارًا على الالتفاف خلف قيادتنا ودعم جهود جيشنا وجرائمكم لن تثنينا عن استكمال ما بدأناه من جهود تنمية ومن تطهير كامل أرض سيناء منكم.
أما أسر الشهداء فأقول لهم المصاب مصابنا جميعا وقلوبنا معكم وأبناؤكم أبطال استشهدوا وهم يدافعون عن حقهم في الحياة، ولن يترك جيشنا ثأره، أولادكم ارتقوا ليكونوا شهداء للوطن أحياء عند ربهم يرزقون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وحق فيهم قول الله تعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ".