راديو الاهرام

جائحة الجوع والغذاء المستدام..

1-5-2022 | 16:02

انقضى شهر رمضان، ولم تنقض معه، متاعب الباحثين عن الطعام والغذاء المجاني بعد اختفاء موائد الرحمن ونفحات الشهر الكريم، بل تتزايد محنة هؤلاء، فالجوع ونقص الغذاء قضايا لا تنتظر أحدًا، وهي أكبر خطرًا على الإنسان دون سواها، هناك حقيقة وواقع يقول: إن "جائحة الجوع" أخطر وأشد فتكًا بالإنسان من "جائحة كورونا"، فهي تتزايد مع الوقت، تغذيها الأزمات والحروب وبؤر الصراع التي لا تعترف بالحدود الوطنية ولا الإقليمية.
 
ولأهمية الغذاء القصوى للحياة، فقد وضعت الحكومة في بلدنا، الهدف الأول والثاني من أهداف "التنمية المستدامة 2030"، وهما "القضاء على الفقر المدقع وتقليص عدد الفقراء إلى النصف، والقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية"، هدفان يتصدران أهداف التنمية التي وضعتها في عام 2016.
 
وتشكل كل من البيئة والمناخ والصحة، ثلاثة أضلاع تتحكم في الحياة، فإذا كان من الصعب الحفاظ على بيئة ومناخ آمنين، فلعلنا نتمكن التحكم في الصحة والغذاء مقارنة بالبيئة والمناخ، فالصحة أهم ما نملك، والتغذية الصحية أهم سبل الحفاظ عليها، وتأتي قبل البيئة والهواء والمياه والعوامل الأخرى، فالغذاء ومصادره ومكوناته، يتصدر التنمية المعنية واليوم والغد.
 
هناك جهود للبحث عن الطرق المستدامة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا للتخفيف من الجوع والفقر، وعلى الجانب الآخر، يعاني البعض من السمنة، والإفراط في الطعام، والمطلوب هو تغيير النمط والنظام الغذائي وإحداث التوازن والعدالة في التنمية.. فهل نغير مصادر غذائنا، وما هو الغذاء المستدام، وما هي اللحوم البديلة أو الصناعية، والبروتينات النباتية والزراعة المائية المسؤولة، هناك تساؤلات دينية ومشكلات صحية وعادات اجتماعية تتزاحم مع قوائم الطعام وأنواعه.
 
وحدة هذه القضية، تتزايد في نطاق ماذكرته تقارير متخصصة، بأن ما نسبته 40% من الغذاء المنتج عالميًا يتم إهداره، بواقع 1.3 مليار طن غذاء سنويًا بما يكفي أن يوفر الغذاء لمليار نسمة على مستوى العالم من الفقراء.
 
وليس سراً أن السنوات الماضية كانت مدمرة للأشخاص الذين يعانون من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، فقد قفز عدد هؤلاء الذين تخدمهم بنوك الطعام على مستوى العالم بنسبة 132٪ بين عامي 2019 و2020، كما كشف تقرير لـ"Food Tank"، منظمة غير ربحية أمريكية، أن هناك واحدًا من كل خمسة أمريكيين لجأ إلى المساعدات الغذائية الخيرية، بواقع 60 مليون شخص أمريكي خلال العام الماضي 2020، وهذا يحدث في أكبر وأغنى الدول المتقدمة، فكيف تكون أحوال الدول الفقيرة.
 
وبقدر ما نحتاج إلى تفكير جديد حول قضايا نظام الغذاء العالمي، فإننا نحتاج أيضًا إلى والبحث والاستثمار في الزراعة المستدامة والأغذية البديلة والاعتماد على البروتينات النباتية والأغذية البحرية، وهي قضايا محلية وعالمية في وقت واحد، يمكن طرحها أمام قمة الأطراف "COP 27" بشرم الشيخ نوفمبر المقبل.
 
وللحفاظ على حياة الإنسان وحماية البيئة في وقت واحد، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة الأمم المتحدة "الفاو"، بالتعاون مع بنك الطعام، حملة توعية للحد من هدر الغذاء، وتوفير الغذاء للمواطنين، وتقليل النفايات الغذائية بما يقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
 
وهناك جهود محلية وعالمية، لمواجهة هدر الطعام، وتضييق الخناق على المسرفين، حيث تعد الحكومة قانونًا يقضي بغرامة تبديد الطعام تصل إلى 500 ألف جنيه، وفي الصين أقرت الحكومة هناك قانوناً يسمح للمطاعم بتغريم الزبائن الذين يطلبون وجبات طعام زائدة ولا يستطيعون إنهاء وجباتهم.
 
ويمكننا تعديل عاداتنا الغذائية لتقليل الطعام الذي تشتريه مُصنَّعًا وتعبئته الزائدة، ولن تساهم فقط في الحد من التأثير البيئي، بل ستكتسب أيضًا صحتك، فيجب أن يكون الطعام "حقيقيًا" قدر الإمكان، مع إعطاء الأولوية للأغذية الصحية ذات الأصل النباتي، وهناك تناغم بين الإنتاج العالمي للغذاء والاستقرار المناخي ومرونة النظم الإيكولوجية، ويقلل من التأثيرات البيئية، كما يحافظ أيضًا على التنوع البيولوجي ويحفظ النظم البيئية.
 
لا نحتاج إلى دلائل علمية لكي نربط بين الغذاء وصحة الإنسان، وبين الاستدامة البيئية، ولكن، غياب أهداف علمية متفق عليها للغذاء الصحي وإنتاج الغذاء المستدام، أعاق جهوداً نحو بيئة جيدة.
 
ولعلنا نرفع شعار "لا نفايات غذائية"، أو "بنك الطعام الأخضر" لكي نحد ونقلل من إهدار الطعام وتبديد الغذاء، فضلا احترام مشاعر الباحثين عنه.
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: