- البدء في استخدام وسائل التكنولوجيا الرقمية في العمل الإرشادي مع الريفيات
موضوعات مقترحة
- جهاز الإرشاد الزراعي أحد أهم الأجهزة التنموية لدوره في نشر الأفكار والممارسات الزراعية الحديثة وأحدث التقنيات إلى الريفيين والريفيات
فى عصرنا الحديث بلغت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مكانة مرموقة فى كل المجتمعات، بفضل ماترتب عليها من اندماج تام بين التكنولوجيا والمعلومات من جهة، وبين التكنولوجيا والاتصالات من جهة أخرى، والذى أحدث بدوره تحولاً ملموساً فى شتى مجالات الحياة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، كنتيجة حتمية للسرعة والدقة الفائقة فى إنتاج المعرفة وتداول المعلومات.
حيث أصبحنا نشهد اليوم ما يسمى بعصر المعلومات، فقد أصبحت المعلومة هى العملة المتداولة بين مجتمع المعرفة، وأصبح مقياس الأمية يقاس بمدى توافر البيئة الحاضنة لهذه المعلومات، وبمدى تداولهم لتكنولوجيا المعلومات والاتصال فى جميع مناحى الحياة اليومية.
وفى هذا السياق أكدت الدكتورة إيمان سراج بقسم بحوث المرأة الريفية بمعهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية بمركز البحوث الزراعية، أن التطور التكنولوجى الهائل وثورة الاتصالات والانترنت ونمو الصحافة الإلكترونية أدى إلى ظهور مصطلح "الجديد"، والذى يعنى باختصار استخدام مجموعة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التى تولدت عن التزاوج بين وسائل الإعلام التقليدية كالتصوير الفوتوغرافى، والطباعة، والصوت والفيديو، وبين الكمبيوتر كوسيلة عصرية.
صفة جماهيرية
وأضافت: كما تعد شبكة الإنترنت إحدى وسائل الاتصال الحديثة، التى ظهرت بصفة جماهيرية فى العقد الأخير من القرن الماضى وغزت الأسواق والبيوت، واتسعت خدماتها بدءاً من البحث عن المعلومات والاتصال والتواصل إلى اتخاذها كوسيلة للتعارف والدردشة، بفضل مايتمتع به من خصائص اتصالية يندر وجودها فى أى وسيلة أخرى، ماجعلها تستحوذ على حيز كبير من اهتمامات واستخدامات الشباب فى المجتمع على اختلاف سماتهم بشكل متزايد، إذ بدأ اعتمادهم عليه فى حياتهم اليومية بطريقة لافتة للنظر، ولم يقتصر استخدامه على الشباب فقط، بل امتد ليشمل جميع الفئات الأخرى من أطفال وكبار.. وحتى الكهول.
وقد ساعد على ذلك كثيراً انتشار الهواتف الذكية، والألواح الإلكترونية (التابلت) كأدوات أخف وزناً وأكثر سهولة وظرافة فى اقتنائها واستخدامها من جانب، وكذا ظهور وانتشار شبكات التواصل الاجتماعى، مثل: فيسبوك، وتويتر.. وغيرها من جانب آخر، والتى استطاعت أن تغير بشكل كبير طريقة تواصل الناس وتفاعلهم، وجميعها تيسيرات وإمكانيات لايجب تفويت استثمارها، أو إغفال استخدامها فى مجال الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية، وبصفة خاصة للمرأة الريفية كوسيلة لتنميتها والنهوض بمجتمعها.
الأجهزة التنموية
وأضافت سراج أنه يمكن استخدام تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى مجال الإرشاد الزراعى، حيث يعتبر جهاز الإرشاد الزراعى أحد أهم الأجهزة التنموية، وترجع أهميته إلى دوره الاتصالى الكبير فى نشر الأفكار والممارسات الزراعية الحديثة، ونقل نتائج البحوث إلى الفئات المستهدفة من الريفيين والريفيات، وحثهم على تبنيها ووضعها موضع التنفيذ وفقاً لظروفهم، بما يرفع مستوياتهم الثقافية والاجتماعية، وتوصيل مشكلاتهم النابعة من احتياجاتهم الفعلية إلى متخذى القرار، ممايؤدى إلى زيادة معدلات إنتاجياتهم والارتقاء بمجتمعاتهم.
ونظراً لأن الجهاز يواجه العديد من المشكلات والقضايا التى تؤثر سلباً فى قطاع الزراعة، لذا فمن شأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إذا ما تم تطبيقها بشكل مناسب ومدروس فى مجال الإرشاد الزراعى، أن تسهم فى التغلب على العديد من المشكلات الإرشادية، وتفتح قنوات اتصال واسعة ومتنوعة لخدمة قطاع الإرشاد الزراعى.
الفئات المستهدفة
وشددت على أن المراة الريفية هى إحدى أهم الفئات المستهدفة بالعمل الإرشادى الزراعى فى الريف المصرى، فالمرأة هى مدخل التنمية الأساسى والتى تتأثر بها وتؤثر فيها، فإن تكنولوجيا المعلومات والاتصال تعتبر وسيلة أساسية فى الوقت الحالى، يتاح للريفيات من خلالها التواصل، وتنمية مهاراتها الذهنية والأدائية من خلال التعلم بالمشاهدة والممارسة، learning by watching and practice ، بالإضافة إلى اكتساب العديد من المعارف المتعلقة بمختلف مناحى الحياة، لذا أصبح السعى إلى توظيف استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والاستفادة من تطبيقاتها وأدواتها فى نقل ونشر المعرفة الصحية للريفيات أمراً حتمياً، وضرورة لاغنى عنها فى الوقت الحالى.
وأوضحت سراج وجود العديد من العوائق التى تحول دون إمكانية استفادة الريفيات من وسائل وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، منها أن المرأة الريفية تعانى بصفة خاصة من نقص كبير فى فرص الوصول لتقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، على سبيل المثال هناك نقص حاد فى البنية الأساسية وشبكة الإنترنت الواصلة للمناطق الريفية، وضعف سرعتها ونقص توافر الخدمة على مستوى المنازل، بالإضافة إلى ضعف المهارات المتعلقة بالاستخدام، وعدم الوعى بأهميتها.
أكثر تخصصاً
واقترحت الدكتورة إيمان سراج تصوراً لبعض الآليات المقترحة، التى تتيح للريفيات الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ومنها العمل على ضرورة إنشاء وتخصيص أكثر من مركز فى القرية الواحدة، تكون مجهزة بأجهزة الحاسب الآلى وشبكة الإنترنت، وقد بدأ القائمون على جهاز الإرشاد الزراعى فعلياً الاستفادة من المراكز الإرشادية فى الريف بتزويدها بأجهزة حاسب آلى وشبكة إنترنت ذات كفاءة عالية.
وتصميم تطبيقات أكثر تخصصاً، بحيث تكون هناك تطبيقات متخصصة من الناحية الغذائية، وأخرى متعلقة بالنواحى الاجتماعية، وثالثة تختص بالصحة الجسدية أو النفسية، والبيئة والمسكن.
وضرورة التعاون والتنسيق بين المعنيين بالجهاز الإرشادى والقائمين عليه والمتخصصين فى مجال النظم الخبيرة، وذلك لتصميم تطبيقات سهلة الاستخدام معنية ببث الرسائل الصحية والغذائية والاجتماعية والنفسية، فضلاً عن الاستعانة بخبرات وتجارب ونتائج الأبحاث المتخصصة فى المجالات المشار إليها.
والتركيز فى اختيار الكفاءات من الفتيات اللاتى لديهن رغبة فى العمل التطوعى، وتخطيط البرامج والاستراتيجيات التى تتضمن دمج الريفيات فى برامج تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتطوير البنية الأساسية لخدمات الشبكة العنكبونية فى المـناطق الريفية.
وإعداد وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لمهندسات التنمية الريفية، لتدريبهن على كيفية تلقى الاستفسارات وبث الرسائل المتعلقة بإرشاد الريفيات فى مجالات حياتهن (الغذائية والنفسية والاجتماعية والصحية والبيئية)، وخلال مراحلهن العمرية المختلفة.
الرسائل الإرشادية
وأشارت سراج إلى بعض التطبيقات التى يمكن الاستعانة بها لتوصيل الرسائل الإرشادية للريفيات، ومنها واتس آب وماسينجر، حيث يمكن استخدامهن فى نشر وتوصيل المعارف المتعلقة بتنمية الريفيات، كإحدى أهم الفئات المستهدفة بالعمل من قبل الإرشاد الزراعى، وذلك لسهولة استخدامهما ومرونة القيود المفروضة على الاشتراك فيها، بالإضافة إلى إمكانية إتاحة تبادل المعرفة والمعلومات والأخبار، وملء وقت الفراغ، لاسيما مع صعوبة ومحدودية الفرص المتاحة للالتقاء بالآخرين خارج المنزل، وقد ظهر ذلك بشكل كبير مع بدايات انتشار جائحة كورونا وحتمية الحجر المنزلى.
ومن منطلق أن الهاتف المحمول يعتبر أحد أهم الفرص المتاحة أمام الإرشاد الزراعى، نظراً لاعتباره أكثر أدوات تكنولوجيا الاتصال الحديثة استخداماً وانتشاراً، مما يتيح استغلاله فى نقل المعلومات المتنوعة والمفيدة للريفيات (بإتاحتهاعلى نطاق واسع من خلال تلك التطبيقات)، خاصة وقد بدأت كثير من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء فى تقديم خدمات إرشادية ناجحة ومميزة من خلال الهاتف المحمول منذ فترة، وذلك عن طريق توظيف خدمة الرسائل المقروءة للمتعلمات، ولمن يجدن القراءة والكتابة والرسائل الصوتية والمصورة والفيديوهات للأميَّات، ومن لايجدن القراءة والكتابة بشكل جيد، حيث إن هناك متسعاً لمعاملة الرسالة الواحدة بأكثر من طريقة، ليجد الجميع مبتغاه فى هذه الرسائل وفق بيئته، ظروفه، وثقافته، وميوله وتفضيلاته، على أن يتم التركيزعلى كل مايتعلق باحتياجات المرأة الريفية، صحياً وبيئياً واجتماعياً وغذائياً واقتصادياً، لمالها من أثر بالغ الخطورة والأهمية، وعلى تحقيق التنمية والرفاهية والتقدم لأسرتها ومجتمعها، من منطلق أن إحداث التغيير والتنمية فى المجتمعات، يرتبط بشكل جذرى بمشاركة المعرفة ونشرها.
ذكر وأنثى
وعرضت الدكتورة إيمان سراج نماذج لمضمون بعض الرسائل الإرشادية الموجهة للريفيات،
تعريفهن بالأدوار الاجتماعية لكلا الجنسين، وأنه لافرق بين ذكر وأنثى فى القدرة على العمل والنجاح، وقدرة كل منهما على الإبداع، وتعريفهن بأهمية النظافة الشخصية، والعناية بنظافة الفم والأسنان، وتعريفهن بكيفية العناية والاهتمام بصحة المسكن ونظافته، وأثر ذلك على صحة الأسرة كلها.
بالإضافة إلى تثقيفهن غذائياً، وإمدادهن بالمعلومات المتعلقة بنوعيات الغذاء المناسب لها ولأفراد أسرتها، على حسب طبيعة العمل والمراحل العمرية لكل منهم، وتعريفهن بكيفية تخطيط الوجبات، وتحديد الاحتياجات الفعلية لأفراد الأسرة وترشيد استهلاك الغذاء، وإمدادهن بالنصائح التى تمكنهن من إدارة المنزل بشكل صحيح، وتعريفهن بطرق احتياطات الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد لكل أفراد أسرتها.