قد يوحى اسمها بأنها مضرة بالصحة بما تحويه من ميكروبات وكائنات دقيقة، لكن إذا علمت أن مشروبي الزبادي واللبن الرايب، الذى يتناوله الملايين من المصريين ينتمى أساسًا إلى هذا النوع سيزول عجبك، إنها الألبان المتخمرة التى تعتبر أفضل صديق للمعدة فى كل وقت وتحديدًا خلال شهر رمضان، فجميع المسلمين اعتادوا على تناول الزبادى بعد وجبة السحور كمرطب طبيعى للمعدة، قادر على أن يقى الجسم شر العطش طوال ساعات الصيام، وعدم حدوث حموضة أو إفرازات حمضية فى المعدة.
وقد عرفت الألبان المتخمرة من قديم الزمن أنها كانت تتكون عفويا بسبب نمو الميكروبات المسببة لحدوث التخمر المميز لكل نوع منها والتى تصل إلى اللبن أثناء عملية الإنتاج.
والألبان المتخمرة اسم يطلق على أى منتج لبنى يحضر باستخدام اللبن الكامل أو الفرز أو غيرهما، باستخدام بادئات محددة على أن تظل الكائنات الدقيقة حية حتى يصل المنتج إلى المستهلك، وألا يحتوى على أى بكتيريا مرضية، كما أنها منتجات تقليدية خاصة تنتشر بالدول ذات المناخ الحار، ويرجع انتشارها بتلك المناطق لسرعة ارتفاع حموضة الحليب بفعل الأحياء الدقيقة التى تستطيع تخمير سكر الحليب وتحويله لحمض لبن وبعض الأحماض والمركبات الأخرى.
الدكتورة هدى سمير السيد، الأستاذ والباحث المساعد بقسم الألبان فى معهد بحوث الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومى للبحوث، تقول إن تناول الألبان المتخمرة خلال شهر رمضان، يعوض الإنسان عن فقدان عناصر الكالسيوم والعناصر الضرورية الأخرى لذلك يجب إدخال وصفات تحتوى على اللبن أو الحليب بشكل يومي. وأضافت أن العادات الصحية تتغير خلال الشهر الكريم، نتيجة لتغير نظام الوجبات اليومية والتى تعتمد بشكل أساسى على تناول وجبات دسمة ممتلئة بالدهون والسكريات، والتى تؤثر بشكل سلبى على بعض العناصر المهمة لبناء الجسم وخاصة الكالسيوم.
لذا تنصح الدكتورة هدى سمير السيد، بالحرص على إدخال كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين «د» وغيرها من العناصر الضرورية، فى وجبتى الإفطار والسحور، للحفاظ على صحة العظام خلال الشهرالكريم، وبذلك تعتبر منتجات الألبان وخاصة الألبان المتخمرة من الوجبات الأساسية خلال شهر رمضان.
وأشارت إلى أنه من الممكن استبدال بعض أصناف الحلويات الرمضانية التقليدية، التى يميل معظمنا إلى تناولها خلال رمضان، بالحلويات التى تحتوى على أحد مشتقات الحليب، كحلوى الأرز مع الحليب أو السحلب أو المهلبية، أو يمكن تناول كوب من الحليب على شكل مخفوق الحليب الممزوج مع الفواكه، وهو فى الوقت ذاته طريقة رائعة لتناول حلوى تحتوى على سعرات حرارية أقل، مضيفة أنه يجب أن تتضمن وجبة السحور بعض منتجات الألبان وخاصة الألبان المتخمرة مثل الزبادى أو اللبن الرائب والتى لها فوائد عظيمة، فالسحور وجبة فى غاية الأهمية خلال شهر رمضان، حيث تمنح الجسم الطاقة وتعينه على الصيام.
وأكدت الدكتورة هدى سمير السيد أن تصنيع الألبان المتخمرة من مختلف أنواع الحليب كالأبقار، الأغنام، الماعز، الجاموس، الإبل حيث تختلف هذه المنتجات عن بعضها من حيث التركيب، النكهة و القوام، وأن طبيعة الأحياء الدقيقة المسببة للتخمر، كنوع الحليب المستخدم، وطريقة التصنيع، لذلك فإن كل منطقة أو شعب يتميز باللبن المتخمر الذى يصنعه، لكنها تشترك جميعها بأن العامل المسبب للحموضة هو حمض اللبن نتيجة تخمر سكر الحليب.
وترجع أهمية الألبان المتخمرة الصحية، وفقًا للأستاذة بقسم الألبان، إلى عاملين أساسين، أولهما مكونات اللبن وما يحدث فيها من تغيرات نتيجة نمو البادئات (الكائنات الدقيقة النافعة) المستخدمة فى إنتاجها ونشاطها، أما العامل الآخر، هو الكائنات الدقيقة المستخدمة والتى يجب أن تظل محتفظة بحيويتها ووجودها بأعداد كافية فى المنتج حتى وصوله إلى الإنسان.
وأشارت إلى أن من أهم التغيرات التى تحدث فى تركيب اللبن، نتيجة نمو البادئات المستخدمة فى تصنيع الألبان المتخمرة تحويل سكر اللبن (اللاكتوز)، إلى حمض اللاكتيك الذى يعطى الحموضة والقوام المرغوبين فى هذه المنتجات، وأيضًا البادئات المستخدمة فى إنتاج الألبان المختمرة، تنتج مواد لها القدرة على القضاء على كثير من الميكروبات الضارة. وعملية التخمير باستخدام الكائنات الدقيقة المستخدمة فى تصنيع الألبان المتخمرة تكون سكريات عديدة من سكر اللبن تسهم في تحسين قوام الزبادي وزيادة نعومته..
كذلك أثبتت الدراسات الحديثة، الأهمية الصحية للألبان المتخمرة، وخاصة التى تحتوى على سلالات بكتيرية من البكتيريا المفيدة المعروفة باسم البروبيوتيك، والتى اتجهت بعض شركات المصنعة لمنتجات الألبان إلى إضافتها أثناء تصنيع المنتجات اللبنية المتخمرة، لفوائدها الصحية العديدة.