بينما تدور عجلة الحرب الروسية الأوكرانية فى شرق أوروبا، دأبت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، منذ حرب فيتنام فى منتصف القرن الماضي، على تدريب دلافين وأسود بحرية كجزء من برنامج طويل الأمد لتجنيد الثدييات البحرية كجنود بالجيش الأمريكى بهدف البحث عن الأشياء والعمل ككشافين فى الماء، إذ تعد الدلافين وأسود البحر أذكياء وقابلة للتدريب، وقد تغلبت حواسها الطبيعية على قدرات أى جهاز أنشأه البشر، ويستطيعون الغوص بعمق لا يصدق، فضلًا عن قدرة «تحديد الموقع بالصدى»، والتى تتيح لها اكتشاف الألغام التى يتم دفنها تحت الماء.
موضوعات مقترحة
وتتمتع أسود البحر، رفاق الدلافين، ببصر ممتاز، وسابقا ساعدوا الجيش فى العثور على المعدات المفقودة، لكن كل هذا التطور كان له أثر سلبى على البيئة، حيث باتت تلك الثدييات مهددة بالانقراض بما يؤدى فى النهاية إلى اختلال توازن البيئة، وهو نفس الخلل الذى تسببت فيه الأنشطة البشرية على الأرض والحياة البرية سواء بالصيد الجائر أو قطع الغابات أو زيادة الانبعاثات الكربونية.
يقول الدكتور عاطف كامل الأمين العام المساعد للحياة البرية بالاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية بجامعة الدول العربية، إن الأسلحة المتطورة تزايدت تأثيراتها السلبية خلال الفترة الماضية، حيث الحروب على النظم البيئية لاعتماد الأطراف المتصارعة على سياسة الأرض المحروقة ذات الآثار الكارثيّة على البيئة، إلّا أنّ أساليب الحرب الحديثة تعتبر أكثر ضررًا من كلّ ذلك، فتطوّر الأسلحة الكيميائيّة والأسلحة النوويّة جعل للنّزاعات المسلّحة آثارًا مستدامةً امتدّت لسنواتٍ طويلةٍ بعد وقف الأعمال القتاليّة.
وأضاف أنه بغض النظر عن الجوانب الأخرى التى تدمرها البيئة، مثل الخسائر فى الأرواح وتدمير البنية التحتية وغيرهما، فإن الجانب البيئى يتعرض إلى كوارث تشمل كل الجوانب التى يمكن أن تتخيلها، بدايةً من التأثير على الحياة البرية ومرورًا بتلوث الهواء والماء وحتى التأثير على الاحترار العالمي.
ولفت إلى أنه بالإضافة لتسبب الحروب فى تدمير البيئة، مثل الخسائر فى الأرواح وتدمير البنية التحتية وغيرهما، فإن الجانب البيئى يتعرض إلى كوارث تشمل كل الجوانب التى يمكن أن تتخيلها، بدايةً من التأثير على الحياة البرية ومرورًا بتلوث الهواء والماء وحتى التأثير على الاحترار العالمي، وهنالك صناعة الأسلحة وآثار الألغام والمخلفات الخطرة التى تعتبر من مخاطر تأثير الحروب على البيئة.
وأشار إلى أن الحروب تتسبب فى انهيار البنية التحتية والقضاء على المحاصيل، والغطاء النباتى مما يؤدى إلى زيادة نسبة ثانى كسيد الكربون فى الغلاف الجوي، وتدمير شبكات المياه، والموارد الطبيعية، وأيضا تلوث مصادر المياه بالنفط واليورانيوم، حيث تتلوث المياه الجوفية بالعناصر السامة بسبب تخزين الذخائر بالقُرب منها. وتلوث الهواء بالغُبار، والغازات السامة، وغازات الدفيئة والأتربة. بالتالى اختلال التوازن البيئى تدمير الحياة البرية، وانخفاض أعداد الحيوانات، والطيور بسبب الهجرة، وتحطيم موطنهم. والتَّصحر والجفاف، بسبب تدمير الغابات.
وأكد أن بعض الصناعات الحربية، وخاصة المفاعلات النووية تعتمد بشكل مباشر على استخدام الماء، وتبديله كل فترة، والماء المُستعمل يتم طرحه مرة أخرى فى المصادر المائية القريبة، مما يؤدى إلى تلويث تلك المياه بالمواد السامة والمشعة، مضيفًا أن الغبار المسمم أو الملوث فى المناطق الطبيعية التى تعرضت للاستخدام المفرط من قبل المركبات العسكرية الثقيلة، الغبار السام هو قضية بيئية حقيقية، مشيرا إلى تدمير وتدهور المناطق الطبيعية نتيجة الحروب يحدث تسارع فى عملية إزالة الغابات بسرعة بسبب قطع الأشجار بصورة غير مشروعة والتى قاموا بها أثناء الحرب. ونتيجةً لذلك، فقدت الحيوانات موائلها، وتصبح أنواع كثيرة من النباتات مهددة بالانقراض.
ويضيف الدكتور مصطفى مراد رئيس قطاع نوعية الهواء بوزارة البيئة، أن الحروب بمختلف الأدوات المستخدمة بها (التقليدية والكيميائية والبيولوجية والنووية) لديها القدرة على إحداث دمار بيئى غير مسبوق وأشهر مثال على تدمير الموائل خلال حرب فيتنام عندما تم رش مبيدات الأعشاب بكثافة عالية (المعروف إعلاميا بالعامل البرتقالي) على الغابات ومستنقعات المنجروف التى وفرت الغطاء لجنود حرب العصابات هناك حيث تم استخدام ما يقدر بـ20 مليون جالون من تلك مبيدات الأعشاب مما أدى إلى تدمير حوالى 4.5 مليون فدان فى الريف الفيتنامي.
وأكد أنه من غير المتوقع أن تتعافى بعض المناطق قبل عدة عقود، بالإضافة إلى ذلك، عندما تتسبب الحرب فى حركة جماعية للأشخاص، فإن التأثيرات الناتجة على البيئة يمكن أن تكون كارثية، منوها أن إزالة الغابات تحدث على نطاق واسع والصيد غير الخاضع للرقابة وتآكل التربة، وتلوث الأرض والمياه بالنفايات البشرية عندما يضطر آلاف البشر إلى الاستقرار فى مناطق جديدة.
كما حدث خلال الصراع الرواندي تأثر منتزه أكاجيرا الوطنى نتيجة فتحه للاجئين فى ذلك البلد نتيجة لتدفق اللاجئين وقد أدى ذلك لانقراض مجموعات من الحيوانات المحلية مثال نوع من انواع الظباء التى كانت متوطنة بهذا المنتزه. الحيوانات غير الأصلية أيضًا الركوب وغزو مناطق جديدة والقضاء على الأنواع المحلية فى هذه العملية.
وكانت جزيرة ليسانفيا بالمحيط الهادئ موطنً العديد من النباتات والحيوانات النادرة ولكن تحركات القوات أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها أدخلت لفئران التى قضت تقريبًا على أنواع مختلفة من الحيوانات القائمة بها بالإضافة الأنواع الغازية من النباتات التى طردت العديد من النباتات الأصلية. فالصراع العسكرى يؤدى قصف البنية التحتية المدنية كمثال للمصانع يؤدى إلى أنبعاث كبير للملوثات الصناعية فى البيئة مع استمرار آثارها بشكل كبير بعد حل النزاع اى أن الأمر يبدء بتلوث الهواء وقد يمتد لاحقا لتلوث البيئة المائية والتربة المحيطة. تنتج للمواد الكيميائية المستخدمة فى المعدات الحربية والحروب من ثباتها المحتمل آثار طويلة المدى من بين الأهداف الأولى والأكثر عرضة للهجوم فى الحملات العسكرية الطرق والجسور ومرافق البنية التحتية فى حين أنها لا تشكل جزءًا من البيئة الطبيعية فإن تدمير محطات معالجة مياه الصرف الصحى يؤدى إلى تدهور شديد فى جودة المياه الإقليمية والتربة لاحقا.