يبدو أننا على وشك الدخول في معترك الأزمة الاقتصادية العالمية؛ التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية؛ وهي أزمة سيعاني منها المجتمع الدولي لفترة ليست بالقصيرة؛ مما يدعونا للحديث عن سبل لمواجهة تلك الأزمة؛ لاسيما على مستوى المستهلك.
تحدثنا في مقالات سابقة عن اتجاه عدد من التجار للتلاعب بأسعار بعض السلع المهمة؛ وما يستتبعه ذلك من ضرورة المواجهة على الصعيدين الحكومي وكذلك الفردي الخاص بالمستهلك.
واليوم أجدني أطرح رؤيتي لمواجهة تحديات تلك الأزمة؛ ببعض السبل البسيطة التي قد تؤسس لتخفيف الضغط عن كاهل الأٌسر المصرية البسيطة؛ فمن الغريب أنه في شهر رمضان المبارك؛ الذي يحض على التزهد؛ نجد الناس تستهلك فيه أكثر مما تستهلك في باقي شهور العام بمعدل قد يصل للضعف؛ دون معرفة السبب؛ مع أن المفروض أن يحدث العكس؛ وتحول شهر الصيام إلى شهر للطعام!!
لذلك كانت الأسعار ترتفع بشكل طفيف قبل بدء الشهر الكريم، ومن ثم تعاود الانضباط؛ إلا أن الأزمة الروسية الأوكرانية؛ لها شأن آخر؛ مما يجعل الأسعار تتزايد بشكل واضح؛ وهو ما سيشعر به الناس.
من هنا لابد من انتهاج طرائق استهلاكية مختلفة تمامًا عن السائدة حاليًا؛ طرائق تقوم على الترشيد الواضح والبين؛ وأعتقد أن الدولة قد بدأت حينما قللت استيراد بعض السلع الهامشية؛ لتقليل الطلب على العملة الصعبة.
وبناء عليه؛ لابد للمستهلك من سلوك شكل مغاير لما كان يحدث سابقًا؛ فلم يعد هناك ضرورة للإفراط في الشراء؛ حيث لابد أن يقتصر على الاحتياجات الأساسية؛ وأيضًا ليس هناك داع لتخزين السلع؛ لأن ذلك مدعاة لزيادة سعرها؛ لأنه يومئ بزيادة غير حقيقية في الطلب عليها.
أمر آخر؛ عدد مستخدمي السيارات الملاكي كثير جدًا؛ والنسبة الأكبر منهم تستعملها بمفردهم؛ فهل من طريقة لتقليل استخدام السيارات الملاكي؛ لاسيما لو كان يركبها فرد واحد؛ وليس أسرة كاملة؛ والتحول لاستخدام وسائل النقل الجماعي؛ ومؤخرًا؛ شهدنا وجود وسائل مواصلات متطورة؛ ذات وسائل رفاهية؛ قد تكون بديلًا جيدًا لأصحاب السيارات الخاصة؛ يتبقى هنا؛ إيجاد وسيلة ما لتعريف الناس بها؛ وبمميزاتها؛ ومن جانب تال؛ أن تتولى الدولة إطلاق مجموعة من الحوافز للقطاع الخاص لزيادة تلك النوعية من المواصلات.
أما ما يتحقق من ذلك فهو الوفرة المتوقعة في المحروقات؛ التي ارتفعت أسعارها عالميًا بشكل كبير للغاية؛ والدولة لم ترفع سعرها محليًا بنفس القيمة؛ بما يعني أن الترشيد فيها؛ يعني بشكل واضح الترشيد في قيمة دعمها.
أختتم بمثل بسيط للغاية يوضح كيفية الترشيد؛ عدد لا بأس به من المواطنين يتعامل مع رغيف الخبز برعونة شديدة للغاية؛ فيأكل جزءًا و يرمي الباقي في سلة القمامة؛ غير عابئ بشيئين؛ أولهما؛ أنه يهدر عامدًا الغذاء بلا مبرر مقبول؛ وثانيهما؛ أنه بتلك الكيفية يهدر أمولًا كثيرة نحن في أشد الحاجة لها.
بات علينا جميعًا؛ التفكير في طرائق نتمكن من خلالها؛ من التوجه نحو الترشيد؛ لاسيما أن من بيننا بسطاء للغاية يحتاجون ما يمكن أن يهدره غيرهم برعونة؛ ولا يجب أن تستمر ثقافة الهدر لما تمثله من كارثة محققة؛ مآلها خسارة غير محتملة.
لذلك الحديث عن مفهوم فقه الترشيد أضحى ضرورة يجب التعامل بها؛ لإدارة مواردنا بالطريقة المثلى؛ ليستفيد الأشد احتياجًا من الأكثر يسرًا.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]