مع استمرار انتشار جائحة كورونا، وقرار منع الاعتكاف فى المساجد لمحاصرة الوباء، انطلقت عشرات الدعوات والهاشتاجات على المدونات وصفحات التواصل الاجتماعى والمواقع إلكترونية تدعو لتيسيرالاعتكاف الإلكترونى، وإحياء ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان..عن دعوات الاعتكاف الإلكترونى ومدى استجابة المتابعين لها، ومدى جواز الاعتكاف فى المنازل، وغيرها من القضايا يدور هذا التحقيق.
يرى فضيلة الشيخ أسامة السيوطى من علماء الأزهر الشريف، أن بقاء الناس فى بيوتهم التزامًا بقرار عدم الاعتكاف فى المساجد، بسبب انتشار وباء كورونا، ومن أجل السلامة العامة، جعل بعض العلماء يرون بجواز الاعتكاف فى مسجد البيت، أى فى مكان مخصص للعبادة داخل المنزل، ولكن بشروط، وهي:لا بد من وجود مكان مخصص للصلاة فقط داخل البيت، وأن يلتزم المعتكف مسجد البيت طوال فترة الاعتكاف، وكذلك يلتزم المعتكف بالعبادة فقط.
موضحا أنه فى ظل هذه الظروف، يعد الحفاظ على شعيرة الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان من الأمور المحمودة، والعمل عليها بإسقاط بعض الشروط، أولى من الإسقاط الكلى لها...
من جانبه يؤكد لنا فضيلة د. سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف سابقا، أن الأصل أن يكون الاعتكاف فى مسجد جامع تقام فيه الجمع والجماعات، وإذا لم يتيسر هذا الأمر لعلة أو لأخرى، فالإنسان يؤجر إن شاء الله تعالى بنيته، وفى الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم”من كان يعمل عملاً فمنعه منه سفر أو مرض كتب له ماكان يعمل صحيحا مقيمآ” فمن كان فى نيته أن يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان ومنع من ذلك لمرضه هو، أو لإجراءات احترازية وقائية حتى لا ينتشر المرض أكثر خلال الاعتكاف بين المعتكفين والمصلين، فأجره إن شاء الله تعالى ثابت كأنه اعتكف تمامآ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا كان الإنسان يريد أن يتحصل على بعض معانى الاعتكاف وبعض فوائده وثماره فلا مانع إطلاقا بأن يخصص له وقتا لن نسميه اعتكافا، لأن الاعتكاف إنما يكون فى المسجد ولكن نسميه خلوة، يختلى بنفسه بعض الوقت يستطيع أن يفعل ذلك ويختلى بنفسه بعض الوقت طال أم قصر فى بيته، فى غرفة، فى ركن، فى مكان ما يختلى بنفسه ويذكر الله سبحانه جل فى علاه بقدر ما يستطيع، لعله إن شاء الله أن يحصل على ما يمكن أن يكون جزءا من ثمار الاعتكاف، ولكن الاعتكاف لا يكون إلا فى المسجد.
خلوة للتعبد
ويواصل د.سالم: عندما ندعو عبر هاشتاج أو غيره على وسائل التواصل الاجتماعى لطاعة الله ومنها الاعتكاف، فيجب لو أمكن أن نسمى الأسماء بمسمياتها، فبدلا من الدعوة للاعتكاف الإلكترونى، نقوم بعمل دعوة إلى الخلوة لذكر الله سبحانه وتعالى، والانقطاع فى ليالى العشر الأواخر من رمضان، بالأخص فى الليالى الوترية للانقطاع للعبادة حتى لو كان فى المنزل، يمكن أن نقوم بهذا، لكن نسميها الاختلاء للعبادة، لأن الاعتكاف كما قلت لا يكون إلا فى المسجد الجامع، فنسميها دعوة للاختلاء للتفكير، أوالاختلاء للذكر، أوالاختلال للتعبد، أو الاختلاء لإحياء ليلة القدر وهكذا..
ويوضح أن من يغلق مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة بدعوى أنها معصية، لا تليق برمضان، فالحقيقة أن المعصية لا تليق لا برمضان ولا بغير رمضان، لكن بالتأكيد فى رمضان تكون أشد، إنما دعنا نقل إن هذه الوسائل، هى سلاح ذو حدين يمكن أن تستعمل فى الطاعة، ويمكن أن تستعمل فى المعصية، فإذا كان الصائم يستخدمها فى طاعه تعينه على الذكر والاستغفار والتسبيح وما شاكل ذلك، فلا حرج إطلاقا فى أن يستخدمها فى رمضان، بشرط ألايكون فيها مضيعة للوقت ولا تستخدم فى شىء محرم، وإذا تكلمنا عن اختلاء لبضع ساعات أعتقد لن تكون هناك معوقات سواء كان للرجل أم للمرأة، لأنه فكرة اعتكاف يوم كامل فبالتأكيد البيت له احتياجات سواء للمرأة او الرجل، فسيوجد إشكاليات كثيرة، لكن عندما نتكلم عن اختلاء لبضع ساعات فلا أعتقد أنه ستوجد مشكلة.
وعن دور التكنولوجيا الذكية فى هذا الشأن، يقول فضيلة د.سالم عبد الجليل: دعنى أقل بأن التكنولوجيا بشكل عام، أفادت عند من صحت نيته وأراد منها أن تكون وسيلة صحيحة وصحية للدعوة وترسيخ القيم والمبادئ ونشر المفاهيم الصحيحة للإسلام، فأعتقد هى من هذه الزاوية نفعت جدا جدا، فمثلافى ظل كورونا لم نستطع أن نلتقى بالناس وجها لوجه فى أماكن تتسع لأعداد بالعشرات، لكن استطعنا من خلال التطبيقات المختلفه مثل زوم وتيمز وما شابه ذلك، أن نلتقى بالآلاف فى دورات منتظمة، كما أنشأنا أكاديمية “أونلاين”، وهى لا تكلف شيئا، لا تكلفنى انا جهدا ووقتا ولاتكلف الآخرين مشقة وتكلفة انتقال وخلافه، ولاشك أن السوشيال ميديا بشكل عام أو التكنولوجيا الذكية أفادت عند من أراد أن يستفيد أو يفيد.
وفى النهاية ينصح د.سالم عبد الجليل الجميع، بأن نجعل التكنولوجيا وسيلة للتواصى بالحق، والحض على المعروف ونتفق على أن يدعو بعضنا.. بعضا إلى التنافس فى الخير والطاعات، ولا مانع إطلاقا من أن ينصح بعضنا بعضا هيا لنقرأ جزءا من القرآن، هيا لنذكر الله سبحانه وتعالى، هيا لنستغفر فى هذا الوقت من الليل وقت السحر مثلا، هيا لنتصدق فى هذه الأيام، هيا نساعد كبار السن..، كل هذه دعوات مشروعة والدال على الخير كفاعله.