في حياة الأمم مواقف تاريخية وبطولات محفورة في الذاكرة الوطنية، وفي تاريخ مصر الممتد عبر القرون والأزمان ذكريات تجسد إرادة هذا الشعب وعزيمة تلك الأمة..
ففي 25 أبريل عام 1982 تجلت الإرادة المصرية في أبهى صورها، ونجحت مصر في تحرير كامل أراضيها في سيناء ليكون هذا اليوم شاهدًا على ملحمة وطنية ومجسدًا لإرادة هذا الشعب وجيشه العظيم الذي حقق معجزة النصر في العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عام 1973 بقوة السلاح، ثم توجت مصر هذا الإنجاز العسكري التاريخي بانتصار دبلوماسي استردت به طابا المصرية عام 1982، لتبقى هذه الذكرى الخالدة شاهدة على قدرة وعظمة هذا الشعب ومصدر إلهام لتضحيات وبطولات جيش مصر العظيم..
ولعل الاحتفال هذا العام بذكرى تحرير سيناء يكتسب أهمية كبرى، إذ إنه يأتي وقد تحررت هذه البقعة الطاهرة من دنس الإرهاب التي أرادها أن تكون معقلا لقوى التطرف والظلام، فإذا بجيش مصر يسطر ملحمة جديدة على هذه الأرض ويستعيدها من براثن هذه القوى الإرهابية، بعد معارك دموية مع هذه العناصر راح ضحيتها شهداء أبرار من أبطال الجيش والشرطة قدموا أرواحهم من أجل تحرير هذه الأرض المقدسة لينضموا إلى سجل الشرف الوطني، مع أولئك الأبطال الذين عبروا قناة السويس وحرروا سيناء من المحتل وروت دماؤهم الطاهرة تراب هذه البقعة الغالية من أرض مصر في انتصار العاشر من رمضان السادس من أكتوبر.
نعم سيناء اليوم تحررت من الأشرار، وأصبحت واحة للاستثمار، 700 مليار جنيه أنفقتها دولة 30 يونيو في معركة التنمية بهذه الأرض؛ حيث تمت إقامة نحو 350 مشروعًا تنمويًا وضعت بها الدولة سيناء على خريطة التنمية، ما بين أنفاق عملاقة وطرق ومحاور وزراعات بمئات الآلاف من الأفدنة، بالإضافة إلى تطوير شامل لكافة المرافق والخدمات التي تؤهل سيناء لتكون إقليمًا تنمويًا شاملًا.
ولم لا وتمتلك هذه الأرض الطيبة المقدسة مقومات اقتصادية وجغرافية فريدة تؤهلها لجذب المواطنين ورؤوس الأموال، فهي تجمع مقومات الزراعة والصناعة والسياحة والتعدين.
قبل سنوات قليلة كان الخوف يسكن سيناء.. لا يمكنك كمواطن مصري أن تتحرك فيها بحرية، عناصر مسلحة تتخذ من جبالها ووديانها مقرات تنطلق منها لارتكاب الجرائم الإرهابية وعمليات التخريب الممنهجة لإسقاط الدولة المصرية حتى إنهم في يوم من الأيام توهموا أن يجعلوا منها ولاية في إمارة الإرهاب الداعشية، بدعم من جماعة الإخوان التي وجدت في هذه العناصر درعًا يحقق مخططاتها التآمرية..
ألم يوجه الرئيس المعزول محمد مرسي أثناء حكمه بضرورة "الحفاظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين" في واقعة اختطاف 7 جنود مصريين في سيناء، وثبت بعد ذلك أنه كان على اتصال بالخاطفين؟!
.. تتذكرون أيضًا حين وقف القيادي الإخواني محمد البلتاجي في اعتصام رابعة مهددًا الدولة المصرية بالإرهابيين في سيناء، وربط بين عودة الرئيس المعزول وتوقف الإرهاب في سيناء ضد الجيش والشرطة؟..
أليس كان هناك اتفاقًا غير معلن باستقطاع جزء من أراضي سيناء ومنحها للفلسطينيين في صفقة تسوية للقضية الفلسطينية بمباركة مرسي وأعوانه، الذين شرعوا بالفعل لتنفيذ هذا المخطط بالسماح للأجانب بالتملك في سيناء؛ وهو المخطط الذي أجهضه الرئيس عبدالفتاح السيسي حين كان يتولى وزارة الدفاع بقرار حظر التملك للأجانب في أراضي سيناء.
شواهد كثيرة وأدلة مثبتة تؤكد أن سيناء كانت في طريقها للسقوط الكامل في يد جماعات الإرهاب، بدعم الإخوان الذين باركوا هذا المخطط وساندوا تلك المؤامرة.
..وإذا كانت سيناء أرض المعجزات ومهبط الرسالات فإن ماحدث بها معجزة كبرى بكل المقاييس، فقد تم سحق الإرهاب وإفشال المخططات التآمرية، وتم تحويلها إلى واحة للتنمية والنماء، ويأتي احتفال هذا العام وسيناء باتت آمنة في حضن الوطن.. أرض طيبة أبية..
ولعل كلمة الرئيس السيسي التي وجهها اليوم إلى الأمة بمناسبة ذكرى تحرير سيناء حملت من الرسائل ما يؤكد أن مصر بجيشها العظيم تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من استقرار هذا الوطن.
وأقتبس من كلمة الرئيس قوله: "أتوجه بالتحية والتقدير إلى رجال جيش مصر المرابطين على كل شبر من أرض الوطن، والذين يستيقظون كل صباح على تجديد عهد الولاء لله والوطن، متأهبين دومًا للدفاع عن أمة وضعت ثقتها المطلقة فيهم وفي قدرتهم على الحفاظ عليها".
حفظ الله مصر وجيشها العظيم