Close ad

مخاوف من حرب بعد العدوان على «الأقصى».. إسرائيل تفجر «براكين النار»

25-4-2022 | 19:04
مخاوف من حرب بعد العدوان على ;الأقصى; إسرائيل تفجر ;براكين النار; اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى
العزب الطيب الطاهر
الأهرام العربي نقلاً عن

قوات الاحتلال لم تراع حرمة المسجد أو الشهر الكريم وتواصل الاعتداءات على الفلسطينيين

موضوعات مقترحة

التخطيط بدأ فى فبراير والتنفيذ على الهواء مباشرة.. ورسائل قوية للتيار الصهيونى المتشدد

السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: منع الفلسطينيين يؤدى إلى نتائج خطيرة

يبدو أن سلطات الدولة القائمة بالاحتلال، تدفع الأمور فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بالذات القدس، دفعا باتجاه إشعال حرب، لو تأججت بفعل تفاقم عدوانية هذه الدولة، قد تفضى إلى تفجير للأوضاع، على نحو لا يمكن السيطرة عليه، وهو ما تجلى بوضوح فى عملية الاقتحام الممنهجة، التى قامت بها قوات الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك، فلم يكد المصلون ينتهون من أداء صلاة فجر الجمعة قبل الماضية، حتى انقضت عليهم هذه القوات بالمئات، تمطرهم بالقنابل الصوتية والهراوات والأعيرة المطاطية وغاز الفلفل، من مسافات قريبة، فضلا عن الشتائم والدفع والضرب، لمحاولة إخلاء الأقصى من المصلين، ولم تكتف بذلك، إنما اعتلت عناصر شرطة الاحتلال على المسجد القبلى، وكسرت نوافذ الزجاج ليطل منها قناصتها الذين أخذوا فى إطلاق النار من مختلف أنواع الأسلحة، اندلعت على إثر ذلك مواجهات عنيفة بين المصلين.

وقوات الاحتلال، التى لم تراع حرمة المسجد أو حرمة الشهر الكريم، فيما تصدى المصلون لهذه الاعتداءات بالحجارة والألعاب النارية، واللافت للنظر، أن اقتحام هذه القوات لباحات الأقصى تجددت ثلاث مرات فى الفترة الصباحية، فضلا عن القيام باعتداءات شديدة على النساء، والأطفال وكبار السن خارج المسجد، وهو ما تم توثيقه عبر مقاطع فيديو بثتها المصادر الفلسطينية، التى تحدثت عن استعدادات مبكرة لسلطات الاحتلال لهذا الاقتحام، بدأت منذ شهر فبراير الماضى، وذلك فى سياق التصعيد الذى تدفع إليه، إلى جانب المستوطنين، للقيام بأعمال استفزازية فى «الأقصى» خلال شهر رمضان، عبر تقديم القرابين فى عيد الفصح اليهودى، الذى بدأ الجمعة قبل الماضية، ويستمر لمدة أسبوع، مصحوبا بتهديدات من مختلف مستويات القيادة بدولة الاحتلال، سياسيا وعسكريا - وإن كان «بينى جانتس»، وزير الدفاع يتبنى نزوعا حمائميا، فى إطار عملية توزيع الأدوار، بين النخب القيادية الإسرائيلية - وتحميل الفصائل الفلسطينية مسئولية ما تعرضت له أراضى 1948، من أحداث أصابت هيبة أمن الاحتلال.

لقد سعت الدولة القائمة بالاحتلال، إلى فرض معادلتها فى التصعيد ضد الفلسطينيين، على الرغم من كل الاتصالات واللقاءات السرية والعلنية، التى جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية، لضمان مرور شهر رمضان بهدوء، حتى لا تعود مشاهد الاشتباكات فى القدس والضفة، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال رمضان الفائت، بيد أن سلطات الاحتلال لم تتجاوب مع هذه الجهود، وسمحت لقواتها ومستوطنيها باستفزاز الفلسطينيين، لاسيما فى المساحة التى تحتوى مشاعرهم الدينية والوطنية، متمثلة فى القدس والمسجد الأقصى، متجاهلة الحقيقة التى تقول إن الأقصى هو مسجد لصلاة المسلمين، وحدهم وليس للمتطرفين والتلموديين الذين يقتحمونه يوميا منذ العام 2003، ما عدا الجمعة والسبت فى محاولة لتقسيمه زمانيا ومكانيا.

والشاهد أن هذه السلطات تتعامى عن أن “الأقصى”، الذى يمثل ثالث أكبر المساجد المقدسة للمسلمين، بعد الحرم المكى فى الكعبة المشرفة، والحرم النبوى فى المدينة المنورة، يشهد أكبر هالة من القدسية، على مدار العام خلال شهر رمضان، فعشرات الألوف من الفلسطينيين من الضفة، وطبعا من القدس، فضلا عن مناطق 1948 يفدون إليه لأداء صلاة التراويح، وكثيرون منهم لا يغادرونه حتى صلاة الفجر، وفى نهاية الشهر الكريم يقترب عدد المشاركين فى الجمعة الأخيرة منه من نصف مليون شخص، غير أنه فى الأعوام الأخيرة، ارتفع منسوب المعوقات التى يضعها الاحتلال، على نحو لم يعد مسموحا معه لمئات الألوف، من الوصول إلى المسجد إلا للإناث الفلسطينيات، وللذكور تحت سن 12 عاماً وفوق سن الخمسين فقط، أما دون ذلك فإنهم يخضعون لتصنيفات أجهزة الأمن، التى ترفض منح التصريح بالصلاة لمن لديهم سوابق أو ملاحظات أمنية، وإذا ما أخذ فى الاعتبار أن أكثر من مليون فلسطينى، اعتقلوا لفترة ما من حياتهم داخل سجون الاحتلال منذ العام 1967، الذى احتلت فيه القدس والضفة الغربية، فإن دائرة الاشتباه ستبدو متسعة، بما يحول دون الوصول إلى الأقصى، فى حين أن ثمة امتيازات عديدة تقدم لليهود، لاسيما المستوطنين المتطرفين منهم، الذين يسمح لهم بإقامة الصلوات فى باحة حائط البراق، بحسبانه جزءا من هيكل سليمان المزعوم، ولا يكتفون بذلك بل يصعدون إلى باحات الحرم المقدسى الشريف، بدعوى أنه بنى على ركام الهيكل.

والغريب فى الأمر أن المؤسسة الدينية الرسمية فى دولة الاحتلال، تمنع غير اليهود من دخول المسجد الأقصى، تحت دعوى أنه يحظر عليهم أن يدوسوا على الأرض، التى دفن تحتها أقدس الأماكن، فى إشارة إلى هيكل سليمان، غير أن تيارا جديدا فى الصهيونية الدينية، ينزع إلى تغليب السياسة على الدين، يعمل على تغيير هذا المفهوم، وهو يتسع فى تأثيره ونفوذه الواسع داخل المجتمع الإسرائيلى، لاسيما عندما تكون الحكومة التى تدير الأمور ضعيفة، مثل حكومة نفتالى بينيت المكونة من ائتلاف هش، والتى على الرغم من صبغتها اليمينية المفرطة، فإنها تنزع إلى الرضوخ وتقديم التنازلات لهذا التيار، الذى أضحى له تمثيل مباشر فى حكومات دولة الاحتلال، فضلا عن امتلاكه مساحة واسعة من التأثير، داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية، وبلغ به الأمر حد تشكيل ميليشيات مسلحة تعمل فى المناطق المحتلة.

هنا تكمن خطورة هذا التيار شديد التطرف، الذى بات يتحكم فى مختلف مؤسسات دولة الاحتلال، بل أصبحت أجهزة الأمن تكرس قدراتها لحمايته، وتوفير الغطاء الرسمى لاعتداءاته على الفلسطينيين ومقدساتهم، وهو ما يظهر بشكل جلى فى الاقتحامات اليومية للحرم المقدسى، وفى إنتاج مخططات مهووسة، مثل إعادة بناء الهيكل فى موقعه التاريخى - وفق زعم ممثلى هذا التيار- أى فى مسجد قبة الصخرة، وإن أبدت حكومة الاحتلال قدرا من التحفظ تجاه هذه المخططات، على صعيد الخطاب السياسى، لكنها عمليا تعمل على تحقيقها، من خلال توفير الغطاء السياسى لها، مثلما تجلى فى الاقتحام الأخير للأقصى المصحوب بالاعتداءات الواسعة على المصلين والمرابطين.

لا شك أن ثمة رسائل مبتغاة من وراء هذا الفعل التصعيدى، وبهذا القدر من العدوانية التى حرصت سلطات الاحتلال، على بثها على الهواء مباشرة، أولها - وفق خبراء فلسطينيين - هى من اليمين الصهيونى لليمين المتطرف، وتتمثل فى أنه قام بقمع المصلين الفلسطينيين الذين احتشدوا على هذا الشكل بفعل التحريض، الذى أطلقه المستوطنون المتطرفون، الذين هددوا على مدى الأسبوع المنصرم بذبح القرابين فى ساحات الأقصى، ومع ذلك فإن الفلسطينيين سيظلون مرابطين به، حتى آخر يوم من الشهر الكريم، بدليل أنهم سرعان من قاموا بتنظيفه من آثار الفعل العدوانى لقوات الاحتلال.

أما الرسالة الثانية، فمؤداها أن ما قامت به قوات الاحتلال فى الأقصى مخطط ومدروس، ومنسق بين كل الأجهزة الأمنية، على نحو ينطوى على محاولة تهدئة وتطمين المجتمع اليهودى، من خلال إظهار قيام مئات الجنود وبزى عسكرى خلال عملية الاقتحام وإطلاق النار، بأنهم يقومون بواجبهم والدور المنوط بهم، فى تحقيق أهداف المشروع الصهيونى الاستعمارى الاستيطانى.

وفى هذا السياق، يرى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن قوات الاحتلال الإسرائيلى، تُمارس عدواناً خطيراً على الشعب الفلسطينى، وعلى حقه في إقامة الشعائر داخل الأقصى في شهر رمضان المبارك، وأن الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين، تُمثل استمراراً لمسلسل التجاوزات والاستفزازات الإسرائيلية، فبينما يجري التسامح مع اقتحامات مستمرة لعصابات المستوطنين والمتطرفين، فى الوقت الذي يمنع فيه الفلسطينيون من أداء الشعائر، بما يهدد بإشعال الموقف على نحو خطير.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: