Close ad

د. شيماء سراج عمارة تكتب: فاتن أمل حربي وتكافؤ فرص الأحوال الشخصية

21-4-2022 | 15:24
الأهرام المسائي نقلاً عن

نحتل وبجدارة المرتبة الأولى فى معدلات الطلاق العالمية، لنسجل حالة طلاق كل أربع دقائق وبمتوسط يومى يتجاوز 250 حالة، لنصل إلى أكثر من 250 ألف حالة طلاق خلال عام 2021 فقط، جاء 88% منها طلاق بالخلع، لترتفع نسب الطلاق فى مصر من 7% إلى ما قد يتجاوز الـ 30% خلال النصف قرن الماضي، ليصل إجمالى المطلقات فى مصر إلى 4 ملايين مطلقة، فى مقابل 9 ملايين طفل من أبناء الأزواج المطلقة، والرقم مرشح للزيادة.

لتكتظ المحاكم بقضايا الأسرة لتتجاوز حاجز الخمسة عشر مليون قضية مرتبطة بالطلاق، للتنوع ما بين الطلاق للضرر،ومطالبات بحق الولاية التعليمية والنفقة ونفقة الحضانة ونفقة الصغار ومصاريف دراسية، وأجر المسكن وقائمة المنقولات، لتختتم بقضية الخلع والحصول على التمكين من شقة الزوجية، لتقيم هى وإذ ربما يقيم معها أقاربها فى شقة الزوج التى قد تكون هى كل ما يمتلكه من حطام الدنيا بعد أن فقد كل شيء، لنصل إلى التدمير النفسى التام للزوج... وكله بالقانون.

ولما ربنا يكرمه كده ويفوق من هول الصدمات القضائية التى ألمت به والتى قد يعرف وإذ ربما لا يعرف أسبابها، ويفكر فى حقه رؤية أبنائه ويتجرأ ليحاول استضافتهم فى محاولة لمحو الصورة الذهنية السيئة التى ترسخت فى ذاكرتهم، تبدأ سلسلة من المماطلات، وكله برضه بالقانون، الذى يعطف عليه ويمنحه حق الرؤية فى مكان عام لا يختلف كثيراً عن جدران السجن، ليتحول حق رؤية الأبناء إلى عقاب نفسى مضاعف للأب، وإذ ربما عقاب أكثر حدة على الجد أو الجدة إذا ما سمحت ظروفهم الصحية بالانتقال إلى مكان رؤية أحفادهم.

لأتساءل ما مصدر تلك القوة التى تدفع المرأة إلى ساحات المحاكم؟ بالطبع قد تكون هناك حالات تستحق الانفصال وتدفع إلى المنازعات القضائية؟ لكن هناك حالات قد يكون مبررها لا يستدعى تلك التصعيدات، وهى الحالات التى يتحول فيها الأب إلى كونه المتضرر الأول، لنتساءل أين تكافؤ الفرص فى قانون الأحوال الشخصية المراعى لحقوق الأب والأم على السواء، أين حق الأب فى وجوب الرؤية والاستضافة وقتما يشاء وأينما يشاء ودون أى حواجز؟ فكما حوله القانون إلى مصدر للمتطلبات المادية لحياة أبنائه وساند المرأة إلى أقصى درجة كان عليه أن ينصفه ولو نفسياً فى وجوب حق الرؤية والانفراد بأبنائه واستضافتهم على أقل تقدير.

هل تساءلنا أو خطر على بالنا أن تلك التيسيرات الممنوحة لإمكان الانفصال والحصول على كل الحقوق، ليصل الأمر إلى لى ذراع الزوج قد تكون ذاتها هى السبب الرئيسى فى ارتفاع حالات الطلاق؟ ولا أتحدث هنا عن طول فترة الإجراءات، الذى تحكمه كثرة عدد القضايا والدعاوى المرتبطة بمحاكم الأسرة، ولكن أتحدث عن مواد قانونية بصورة مجردة.

هل فكرنا فى أسباب انتشار الانحرافات الأخلاقية والخيانة والتى أصبحت أمرًا لا يستدعى إلى الدهشة، بعد أن كنا نشعر بالصدمة إذا ما شاهدناها فى سياق الدراما، وعلاقة ذلك بارتفاع معدلات الانفصال ولن أقول طلاق فى تلك الحالات.

فبعد هذا التحليل المبسط، لا أجد ما يدعو للدهشة حينما نعرف أنه على الرغم من ارتفاع عدد السكان إلا أن حالات الزواج قد انخفضت نسبتها بنحو -11% عام 2021 مقارنة بعام 2016. وهو الأمر الذى ينذر بتحقق التحول الفكرى لدى نسبة كبيرة من الشباب تجاه فكرة الإقبال على الزواج، ليتم التراجع قبل الإقبال على تلك الخطوة التى ستكلفه كل ما يملك، وإذ ربما ما تملك أسرته لتجهيز شقة الزوجية، فهو لا يعرف ما سيخبئه له الزمن، وهو الأمر الذى ينذر بتغير وجه المجتمع ككل.

أعلم أن هناك حالات لكثير من السيدات التى تعانى الظلم والاضطهاد، والتى تحاول أن تجسدها الدراما، لكن ماذا عن الحالات المقابلة والتى قد يكون فيها الرجل هو الطرف المظلوم، فأين تكافؤ الفرص التى يكفلها القانون للرجل والمرأة على السواء، أين مراعاة السلامة النفسية للأطفال والمجتمع، أين حق الجد والجدة للأب من رؤية أحفادهم، وهم لا يستطيعون الانتقال إلى أماكن الرؤية؟ تلك التساؤلات أطرحها على أمل أن نراعى التوازن ونحقق تكافؤ الفرص بين كل أطراف المجتمع.

خبيرة اقتصادية 

[email protected] 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة