عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر الدكتورة نهلة الصعيدي في حوار الذكريات لـ «الأهرام التعاوني»:
موضوعات مقترحة
أول مرة أصوم كنت بالصف الأول الابتدائي.. ومشكلتي الوحيدة الحر الشديد والعطش حتى تعودت
الواجب علينا الدعوة لاستثمار الشهر وروحانياته في تقوية علاقة المسلم بربه وإبرازًا لشخصيته
الأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي.. واحدة من خيرة علماء أزهرنا الشريف.. حيث تشغل أستاذ البلاغة والنقد.. رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب.. عميد كلية العلوم الإسلامية الأزهرية للطلاب الوافدين.. شاركت فى الكثير من المؤتمرات العلمية الدولية والمحلية رئيسا ومقررا ومشاركا.. ولها الكثير أيضا من الأبحاث العلمية المنشورة.. لها مكانتها القيادية والعلمية الكبيرة عند فضيلة شيخ الأزهر ووكيله.. فعهدا إليها بالإشراف على معاهد البعوث (ابتدائي - اعدادي - ثانوي).. ومعاهد الأزهر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها (بنين - فتيات) بجانب عملها بالجامعة، وعضوا بمجلس إدارة الجامع الأزهر، ولجنة الشئون الأفريقية بالأزهر الشريف، ورئيسا للبرنامج الدولى لإعداد معلمى غير الناطقين بالعربية، وغيرها من المناصب الأخرى.
الصعيدي حصلت على العديد من الدروع وشهادات التقدير الدولية والمحلية.. فتم تكريمها من د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ود.أحمد الطيب شيخ الأزهر لحصولها على شهادة التميز الحكومى 2021م.. كما كرمت من الرئيس الأسبق حسني مبارك والشيخ متولى الشعراوى وشيخ الأزهر الأسبق الشيخ جاد الحق -رحمهم الله-.. إضافة لحصولها على العديد من الدورات التدريبية المهنية والتنموية والقيادية.. صفحة «رمضانيات» بجريدة «الأهرام التعاوني» تجولت فى ذكرياتها الرمضانية.. والتفاصيل فى السطور التالية.
بداية.. ما ذكرياتكم الرمضانية فى أول يوم صيام لكم؟
أتذكر أننى لم استطع فى السنة الأولى فى المرحلة الابتدائية صيام كل الأيام، فاضطررت لإفطار بعضها، إلا اننى فى السنة الثانية أصريت على أن أصوم الشهر كاملا، وكانت فرحتى كبيرة، وأجمل اللحظات عندى عندما تجتمع أسرتى على مائدة الإفطار، ورؤية مظاهر تعاون أفراد الأسرة على تجهيز مائدة الإفطار، وزيارة الأقرباء بعد صلاة التراويح التى نحرص جميعا عليها، وأيضا الاستيقاظ لتناول السحور، بل إننى فى الغالب أظل مستيقظة حتى الفجر، لكى لا تفوتنى صلاة الصبح بعد تناول طعام السحور، وأتذكر كيف كانت والدتى تحتضننى عندما أعود من المعهد وأنا صائمة، ولعب والداى -حفظهما الله- دورًا كبيرًا؛ ليكونا القدوة الحسنة لي؛ وما قاما به لتشجيعى أنا واخوتى على صوم رمضان، وتحبيبنا بالشهر الفضيل، فأدينا هذه الفريضة بكل حب وإخلاص، واكتسبنا فضائل الشهر الكريم، حيث غرسا فينا -حفظهما الله- العديد من القيم الإسلامية والتربوية، من أجل الارتقاء بنا من النواحى السلوكية والعقائدية وحتى البدنية.
وما ذكرياتكم فى قضاء يومك وأنت طفلة صغيرة وصائمة؟
من أحب وأجمل ذكرياتى التى لا تمحو من ذاكرتى مشهد رمضان وطقوسه فى المنزل، حينما رأيت والدى وأخوتى يصومون خلال هذا الشهر وأسمع مدحهم لشهر الصوم وأهميته، تكوّنت لدى رغبة فى الصيام مثلهم وأنا فى سن الصغر، ولأول مرة أصوم كنت بالصف الأول الابتدائي، ولكن المشكلة الوحيدة التى قابلتها فى هذا الحر الشديد هى العطش، حتى تعودت، ثم بدأت أصوم اليوم بأكمله وأنا سعيدة جداً لما وصلت إليه.
وبمَ تصفين لنا روحانيات الشهر الكريم والتجمع الأسرى؟
رمضان شهر الخير والعبادة والترابط والتعاضد والتكاتف والتراحم والتكافل، والظاهرة الجميلة التى يمكن أن نطلق عليها «لمة العيلة» أو تجمع الأسرة والأصدقاء فهذه العادة كانت ولا تزال، وقد تعودنا فى طفولتنا فى رمضان على سماع صوت الشيخ محمد رفعت قبل الإفطار وتواشيح الشيخ النقشبندي، وصلاة التراويح، والواجب علينا الدعوة لاستثمار هذا الشهر والروحانيات التى سوف نعيشها فى كنف الشهر الفضيل وذلك من أجل تقوية المسلم لأواصر دينه وعلاقته بربه، والتعاطف والتسامح لإبراز شخصية المسلم.
وما أهم مواقفكم الطريفة التى لا تغيب عن ذكرياتكم عند صيامك طفلة صغيرة مع الأسرة والأصدقاء؟
لعل من أكثر المواقف هى صعوبة الصيام على الصغار فى الحر الشديد، فكان الآباء والأمهات يشجعون أبناءهم على الصيام للتعود عليه بعد البلوغ، ففى ظل لهيب الصيف فى نهار رمضان، كنت أرى بعض الأطفال الصغار يبتلعون الماء عند المضمضة فى الوضوء، ورغم ذلك كان هؤلاء الصغار يسابقون الكبار على موائد الإفطار، فى إيحاء منهم إلى أنهم صائمون.
وماذا عن أهم المواقف الرمضانية التى لا تمحى من الذاكرة صبية وشابة ثم الآن شخصية علمية مرموقة بالمجتمع؟
أهم المواقف الرمضانية أن الصوم كان صعبا علينا ونحن صغار، ورغم ذلك كنا على قدر المسئولية، فكنا نستيقظ للدراسة وحفظ القرآن، وكنت أتسابق أنا وأخوتى فى قراءة القرآن، وكان قدوتنا فى ذلك آبائنا وأمهاتنا –حفظهم الله-.
وماذا عن مسيرتكم العلمية والبحثية وذكرياتكم فيها بشهر رمضان الفضيل؟
حينما تخرجت فى الثانوية الأزهرية كنت الأولى على الجمهورية فى القسم الأدبي، ونشرت الصحف صورنا، فقد عرفت نتيجتى من جريدة الجمهورية، ولا زلت أذكر كاتب الخبر وهو الصحفى «بسيونى الحلواني»، صاحب المقال الأسبوعى كل جمعة بالجمهورية، فكانت الجمهورية هى حاملة البشرى لشخصى ولأسرتي، كما هى على العهد باقية فى الاحتفاء بالأوائل، دون ميل أو هوى، لذا فإن أوائل الأزهر يحفظون للجمهورية مكاناً عالياً، ومكانة جليلة فى نفوسهم.
وكيف تصف أثر الشهر الكريم فى مسيرتكم العلمية والبحثية؟
كنت أجتهد فى رمضان تبركا فأظل مستيقظًة لبعد صلاة الفجر؛ لأعكف على القراءة والبحث العلمي، وكان من بركة الصيام أننى أنجزت كثيرًا فى رسالتى الماجستير والدكتوراه خلال الشهر الفضيل.
كيف ترين روحانيات الشهر الفضيل الآن؟
بدأت الروح الرمضانية تقل بسبب انشغال معظم الناس بالإنترنت والتلفاز على حساب الاهتمام بقراءة القرآن والانشغال بطلب العلم والاجتهاد بطلبه.
وما أوجه الاختلاف تحديدًا على مستواك الشخصى ثم الأسرة ثم المجتمع؟
انشغلت الآن بأبنائى الوافدين والاهتمام بمشكلاتهم فهم سفراء الأزهر والإسلام فى جميع دول العالم، وأصبحت مسئولة أمام الله عليهم، فنقوم من خلال المركز بعمل إفطار جماعى لهؤلاء الطلاب؛ لتقوية أواصر دينهم وعلاقتهم بربهم وعلاقتهم بعضهم ببعض.
ما أمنياتكم الآن فى شهر رمضان المبارك لك ولأسرتك ولأحبائك ولوطنك وللأمة الاسلامية والعربية؟
أتمنى التوفيق والسداد لى ولأسرتى وأحبابي، ولوطننا الحبيب وللأمة الإسلامية سخاء ورخاء وأمنا وأمانا.