أقر مجلس النواب مؤخرًا مشروع القانون الذى تقدم به النائب كريم السادات وأكثر من 10 أعضاء بالمجلس بخصوص الفحص الطبي الشامل قبل الزواج، وتمت إحالته إلى لجنة مشتركة من لجان الشئون الصحية، والتضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة، والشئون الدستورية والتشريعية، ويتضمن مشروع القانون إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات طبية للحصول على شهادة طبية ونفسية واجتماعية، بهدف التنبؤ بوجود أمراض وراثية أو مناعية قد تنتقل إلى النسل مستقبلا، أو الأمراض المعدية التى تنتقل بين الزوجين، وذلك للحد من خطر الإصابة بالأمراض الوراثية المنتشرة من خلال الكشف عن حالة الشخص الحامل للمرض الوراثي لدى الأفراد من المقبلين على الزواج، وزيادة التوعية بأهمية الفحص الطبى قبل الزواج، بالإضافة إلى التعرف على المشكلات النفسية التى قد يعانى منها أحد الطرفين والتى تعد من الأسباب الرئيسية للطلاق والمشكلات الزوجية فى الآونة الأخيرة.. فى السطور التالية تفاصيل أكتر عن مشروع القانون ورأى الشباب والمتخصصين فيه..
آراء الشباب
فى البداية تحدثنا مع عدد من الشباب عن آرائهم فى هذا المشروع الجديد فيقول أحمد حسين 29 سنة "مهندس مدنى" ومتزوج ولديه طفلان: أعتقد أن هذا المشروع خطوة مهمة لإصلاح المجتمع وسوف يساهم بشكل كبير فى تقليل الخلافات والمشكلات الزوجية التى تنشأ بعد الزواج عندما يتفاجئ أحد الزوجين بمعاناة الطرف الآخر من مشكلة صحية كان من المفترض أن يعرفها من قبل الزواج.
وتشاركه فى الرأى نورهان فوزى 33 سنة "مضيفة طيران" حيث ترى أننا فى احتياج شديد لهذه الفحوصات وخصوصا الاختبارات النفسية والتى تحدد مزايا وعيوب كل شخص ومواصفاته الشخصية وإن كان يعانى من أى مرض نفسى يتطلب العلاج وبالتالى يساعد كل شخص فى مراجعة حساباته وأخذ القرار بشكل عقلانى بدلا من الإعتماد فقط على الحب والإعجاب والأمور السطحية التى أصبحت سببا رئيسيا لخراب البيوب فى السنوات الأولى من الزواج.
وتؤكد منى أمير 30 سنة "مدرسة لغة ألمانية" ومخطوبة أنها سعيدة بزيادة الوعى فى المجتمع وبمطالبة أعضاء مجلس النواب بإجراء هذه الاختبارات الهامة والتى قد تساهم بشكل ملحوظ فى الحفاظ على الأسرة والتقليل من معدلات الطلاق نتيجة لوضوح الرؤية من قبل الزواج وإطلاع كل طرف على الحالة الصحية والنفسية للطرف الآخر من قبل الزواج وبالتالى يبنى كل طرف رأيه بالرفض أو القبول معتمدا على أسباب منطقية منها الصحية والنفسية وبالتالى لا يصطدم أى طرف بعيوب أو مشكلات صحية أو نفسية فى الطرف الآخر.
بينما تتمنى فريدة مقلد 31 سنة "مديرة موارد بشرية بإحدى الشركات الخاصة" أن يتم تطبيق هذا القانون بدقة وعدم السماح لأى شخص بالتلاعب من خلال تزوير شهادات صحية دون الخضوع لتلك الفحوصات الهامة للطرفين، وأن يكون هناك عقاب شديد وغرامات باهظة على كل متهرب من تلك الاختبارات التى تعد أمرا هاما ليس فقط للزوجين ولكن للمجتمع ككل.
ويؤكد النائب كريم السادات مقدم المشروع أن هذا القانون يهدف إلى تحسين وضع المجتمع بعد انتشار ظاهرة الطلاق، فالفحص الشامل يشمل الشق الصحي والاجتماعي والنفسي، وطبقا للمواد من المادة 15 وحتى المادة 19 تناقش أنه لن يتم عقد القران إلا بتلك الشهادات، وفى حالة وجود مرض معين أو مشكلة أو مرض وراثى أو خلافه فمن حق الطرفين أن يأخذوا قرارهم لكن المجتمع ليس فى حاجة لمشاكل إضافية من هذا النوع. ويضيف أن تكلفة الاختبارات للطرف الواحد 500 جنيه أى التكلفة للعروسين 1000 جنيه مع العلم أن التكلفة الفعلية لتلك الاختبارات أعلى من ذلك بكثير.
ويوضح السادات أن القانون سوف يضم بندا يخص ذوى الهمم. ويضيف أنه سيتم عمل حملات توعية جنبا إلى جنب مع القانون لأنه فى مصلحة المقبلين على الزواج قبل أى شخص آخر فهدفنا إصلاح المجتمع ككل، ويؤكد أنه سوف يتم توقيع عقوبات على أى طرف يخل بالقانون سواء من العروسين أو المأذون فى حالة إتمام الزواج بدون الشهادات الصحية الموثقة بالسجن عام وغرامة 50 ألف جنيه.
وتشير زينب مهدى "أخصائي نفسي وأسرى" إلى أن هذه خطوة رائعة ومهمة جداً لأننا أصبحنا نعانى مؤخرا من العديد من المشكلات الزوجية والتى عادة ما تنتهى بالطلاق، فالمقبلون على الزواج يحتاجون الى الكشف النفسي والعقلي أيضا لأنه يشمل الأمراض النفسية والعصبية وهذا أمر فى غاية الأهمية لأنه يكشف كل ما يتعلق بالمواصفات الشخصية، وتضيف أنه من أهم الاختبارات النفسية التى يجب أن يخضع لها المقبلون على الزواج هى الاختبارات المتعلقة بالكشف عن الجوانب الخفية فى الشخصية، لأن اختلاف الأنماط الشخصية تعد هى السبب الأساسي لمشكلات ما بعد الزواج، كما أن العنف والجرائم التى تحدث بين الأزواج تنتج عن "الفصام" الذى يعد مرضا عقليا وليس نفسيا، فالكشف العقلي مهم أيضا لأن هناك أمراضا تقف فى المنتصف ما بين الأمراض النفسية والعقلية، وبالتالي لابد أن تكون ضمن الكشف الطبى الشامل للمقبلين على الزواج. وتشدد على ضرورة أن تتم مصارحة الطرفين بالمشكلات النفسية التى يعانى منها أحد الطرفين حتى يكون كل طرف على علم بالمواصفات الشخصية لكل شخص وجوانب القوة والضعف حتى يقرر كل طرف إن كان قادرا على التأقلم مع تلك الشخصية أم لا، فهناك الشخصية السيكوباتية والشخصية والتحليلية والشخصية الفصامية والاكتئابية والوسواسية وخلافه فكل هذا لا يظهر إلا باختبارات شخصية، وتتمنى أن يتم تطبيق هذا القانون بدقة شديدة وبصراحة ووضوح شديدة حتى تتضح الرؤية للطرفين.
وتشير زينب إلى أهمية أن يخضع أى شخص تظهر لديه مشكلة نفسية فى تلك الاختبارات للعلاج مع ضرورة إضافة برنامج نفسى متكامل لسيكولوجية الزواج فيما بعد لأن الكثير من المقبلين على الزواج يعتقدون أن الزواج مجرد خروج وفسح وينسوا تماما الضغوط الحياتية وكيفية التعامل مع ظروف وضغوط العمل وأسس تربية الأبناء فيما بعد، وأن يتم تطبيقه بشكل سليم وليس نظريا، فيكشف كل طرف أشياء كانت بعيدة تماما عن أفكارهم وتخيلاتهم، وتقديم نصائح للطرفين يجعلهم يشعرون بالتخطيط والتنظيم والدراسة بما يتوافق مع الظروف المادية والنفسية.
ويؤكد محمود العبادى "المحامى بالاستئناف العالي ومجلس الدولة" أن هذا القانون تأخر كثيرا، لكنه سيكون بداية مبشرة للحد من قضايا الطلاق والخلع وما يتبعها من قضايا تتعلق بالنفقة والحضانة وخلافه، وذلك لأنها سوف تقلل من معدلات الطلاق بشكل ملحوظ نتيجة لإطلاع كل طرف على الكثير من الأمور التى كان يتعمد البعض إخفائها والتي ظلت لسنوات من أهم أسباب المشكلات الزوجية ومن ثم الطلاق. ويؤكد أن هذا القانون يعد إجباريا وليس اختياريا وبالتالي يتم توقيع عقوبة على أى مأذون يقوم بتوثيق عقد الزواج دون وجود شهادات صحية موثقة ومختومة بختم الدولة تفيد بخضوع كلا الطرفين لهذه الاختبارات. ويضيف أن هناك من يطالبون بجعل هذه الاختبارات "اختيارية" وليست إجبارية، لكن إذا تم جعلها اختيارية فلن نجد سوى أعداد قليلة جدا تهتم بتلك الاختبارات وبالتالي جعلها إجبارية يؤكد الرغبة الشديدة لأصحاب القرارفى الحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع ووضع حلول جذرية للغالبية العظمى من المشكلات الأسرية التى تنتهى بالطلاق فى معظم الأحيان.
ويشدد العبادى على ضرورة تشكيل لجان مهمتها مراجعة البيانات بشكل دقيق حتى يتم رصد أى مخالفات أو محاولات للتلاعب أو تزوير تلك الشهادات أولا بأول حتى لا تكون هناك أى فرصة أمام ضعاف النفوس من المقبلين على الزواج أو من المأذونين أو الأطباء فى أن يساهم فى تزوير هذه الشهادات.