الكثير شاهد برنامج الشاب الإماراتي غيث الذي يطوف حول البلدان ليسعد الناس ويساعد المحتاجين بدون أن يكشف وجهه للكاميرا، غيث اسم على مسمى، حتى ولو كان اسما وهميا ولكنه غيث للمستغيثين، وأيضًا لكل الناس حتى من لم يساعدهم حتى الآن.
فمن شاهد البرنامج أحس بمعنى جملة الدنيا لسة بخير ومازال الخير فينا، ولكن كل ما في الأمر أننا بحاجة لنرى ونشعر بذلك، فعادة ما يظهر أمامنا سواء على شاشات التليفزيون أم على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر فيديوهات سلبية تدعو للنفور ونشعر أننا نعيش في غابة كفيديوهات تعذيب الأطفال والحيوانات أي كل الفيديوهات التي تؤذينا نفسيًا وتجعلنا لا نرغب في العيش في الحياة ولا نثق في أحد ونخاف من المستقبل ومن الناس.
فكنّا بحاجة لرؤية نماذج تعيد لنا الأمل في الحياة وفي الناس، فبرنامج الصدمة جعلنا نشعر بالإنسانية ونرغب في مساعدة الناس ولا نقف موقف الإنسان السلبي، أما في برنامج غيث جعلنا نغير نظرتنا للحياة ليس فقط من أفعال الخلوق غيث، بل من يساعدهم غيث!
فكيف لفقير لا يملك إلا قوت يومه ونجده يحمد الله كثيرًا وكأنه ملك الدنيا بما فيها؟! كيف لأناس لديهم العديد من الابتلاءات كالمرض والفقر ومع ذلك تجدهم دائمي البسمة والحمد؟! كيف لأناس يملكون القليل ومع ذلك يكتفون به فعندما يعرض عليهم غيث الكثير يأخذون ما يحتاجونه فقط ويقولون من الممكن لشخص آخر أن يحتاج لتلك الأموال! كيف لأناس يحتاجون ومع ذلك يرشدون عن إناس أكثر احتياجًا منهم؟ ألم يشعر أي مشاهد قد لا يكون مُبتلي مثلهم في الفقر والمرض ولكن دائمي النقمة على الحياة ولا يحمدون الله؟!
تجد من يملك مال قارون وملك سليمان ولديه صحة ومع ذلك ناقم على الحياة بل ويتمنى الموت؟ وتجد من يملك الكثير وينظر لرزق غيره ولو كان قليلا؟ وتجد البعض يسعى جاهدًا لإلحاق الضرر بغيره لمجرد الحقد والغيرة! هل عرف البعض بعد برنامج غيث أن الرزق الحقيقي هو رزق القرب من الله، وأن الرزق المعنوي أفضل من الرزق المادي وهو الذي يجلب السعادة؟ فمفهوم الأغلبية عن الرزق أنه ينحصر في الأشياء المادية كالمال والوظيفة والزواج والأولاد والمنزل والسيارة، وهذا هو المفهوم الضيق للرزق، أما المفهوم الواسع للرزق فهو متمثل في الرضا والقناعة فبهما يشعر الشخص أنه لا ينقصه شيء ويشعر بالسكينة وراحة البال، وبدونهما يشعر أنه لا يملك شيئا ولو ملك كل كنوز الدنيا.
شكرًا غيث أنك ذكرتنا بنعم الله علينا، وأيقظت فينا الإنسان الذي كان ميتًا منذ زمن، وأثبت لنا بأن الدنيا لسة بخير ومازال هناك أناس طيبون مُحبون للخير، وأثبت لنا أن الإنسان يُحب من تصرفاته وأفعاله والدين أخلاق ومعاملات وتعامل، وأثبت لنا فعليًا أن السعادة لا ترتبط بالمال ولا الجاه بل بالرضا والقناعة والقرب من الله، وهذا ما شاهدناه في الناس الجميلة البسيطة دائمة الابتسام دائمة الحمد برغم امتلاكهم القليل! شكرًا غيث جعلتنا نُعيد النظر في الحياة والناس!شكرًا دولة الإمارات الشقيقة لإنتاج العديد من البرامج التي تعيد تأهيل الإنسان نفسيًا مثل برنامج الصدمة وغيث الذي نحتاج الكثير منها في الوطن العربي، وشاهدت هذا العام برنامج حياة كريمة وهو من البرامج الإيجابية الي تحمل أيضا رسالة هادفة ويعيد الإنسانية؛ ونتمنى إنتاج المزيد من تلك البرامج الهادفة والتي تحمل رسالة وتُعيد الأخلاق والإنسانية التي غابت عن المجتمع، ونتمنى التوقف عن البرامج التي بلا فائدة منها والتي لا تجلب غير الإهانة للمشاهدين قبل ضيوف البرنامج!
e-mail: [email protected]