Close ad

د. ناجح إبراهيم يكتب: الأبطال الثلاثة

17-4-2022 | 15:25
الأهرام المسائي نقلاً عن

البطل الأول د/مجدي حسن

  • كان أستاذاً للباطنة كلى بطب إسكندرية، يحسن إلى المرضى الفقراء، يكرمهم غاية الإكرام، لا يأخذ من مريض فقير ولا يتيم شيئاً، يعاملهم برقة وكرم وعلم وكأنه تقاضى منهم الآلاف، في غاية التفاني مع طلابه في الماجستير والدكتوراه، ما أرسلت له يتيماً ولا فقيراً إلا ورد له أجر الكشف.
  • مع كثرة اختلاطه بالمرضى أصيب بمرض كورونا في أبشع صورها وأكثرها ضراوة، مكث شهرين كاملين في العناية المركزة وهو يحارب الفيروس كي يستطيع التنفس، ثم مكث بعدها شهراً كاملاً في عنابر المستشفي، كانت إصابته عاتية أذهلت زملاءه، خرج من المستشفي لا يستطيع الحركة نتيجة وهن العضلات إثر كميات الكورتيزون الكثيرة التي تناولها، خضع للعلاج الطبيعي شهرين كاملين، أصبح يسير بصعوبة علي عكاز، أغلق عيادته وأنهي ملفها الضريبي لأن إيجارها كان باهظاً.
  • أستاذ بكلية الطب وليس لديه عيادة تمليك، انخفض وزنه أثناء مرضه إلي 45 كجم، بدأ يسترجع وزنه وقوته تدريجياً، بعد عودته من المستشفي بقليل توفيت زوجته بعد أن عانت سنوات من القاتل الصامت"سرطان البنكرياس"، كانت الصدمة كبيرة فهي توأم روحه وشريكة حياته وعنوان كفاحه، يردد دوماً أمام من يذكر مآثره "لم أفعل إلا الواجب، إنها زكاة العلم، أنا راض عن ربي وقدره، هذه ضريبة الواجب.
  • إنه الأستاذ الدكتور/مجدي حسن أستاذ الباطنة بطب إسكندرية وهو نموذج حديث لكفاح الأطباء ومعاناتهم نهديها لأصحاب الإعلان وغيرهم ممن لم يعرفوا ما بذله ويبذله الأطباء المصريون الذين يعملون في أصعب الظروف لكي يقوموا بواجبهم المهني والإنساني نحو مرضاهم.

البطل الثاني د/الأحمدي وأساتذته

  • حكى أ.د/الأحمدي السمان أستاذ طب العيون بجامعة سوهاج وأحد رموز الإحسان الإنساني والعطاء الطبي العظيم قصته اعتراضاً علي الإعلان التليفزيوني الذي يظهر طبيباً رفض الكشف علي مريض لأن سرواله ممزق، مع أن كل الأطباء في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات كان معظم مرضاهم كذلك، وما زال بعضهم كذلك، وبعض الأطباء يتبرع لهؤلاء ويشتري لهم ملابس كاملة، يروى د/الأحمدي.
  • "أول امتيازي وكنت شغال نساء وتوليد وكان نوباتجي معانا نائب أمراض نساء رمز للشياكة والأناقة والرقي، دخلت حالة ولادة ودخلت مع الدكتور النائب وقعد الدكتور يولد الحالة، القعدة اللي كل طبيب يعرفها وإذ فجأة المريضة تتبرز علي الدكتور والغائط يغرق الدكتور والفرش والفوط، وكشك الولاده اللي كان عندنا في مستشفانا القديم وهو لا يتعدي ٣ أمتار في٣ أمتار يمتلئ بالغائط والدكتور الأنيق الشيك بسرعه يتدارك الموقف ويغير الفوط والعمال بحركة سريعة تمسح الغائط، لمحني الدكتور بطرف عينه وأنا متفاجئ بالموقف ولمح تراجعي وهو في سرعة وثبات يعاود الجلوس وكأن شيئًا لم يكن وتولد الحالة وتقوم بالسلامة، وبعد ما ولدت الحالة نظر إلي الدكتور وقال معاتباً عليّ تراجعي، ليس علي المريض حرج، المريض لو تبول عليك أو تبرز عليك، ده غصب عنه، احتسبها عند الله أنت الكسبان وهي دي شغلتنا وهو ده عملنا وافتكر طول حياتك في هذه المهنة، ليس علي المريض حرج، هو ده الطبيب الواجب حصانته واحترامه.

البطل الثالث حسن خميس

  • كان أولاده ينادونه بالبطل، لأنه كان بطلاً في الحرب، والسلام ومع أسرته وأشقائه وأولاده والناس، ولد في منطقة أبو قير في الأربعينيات كان والده أحد مقاتلي البحرية، وكان غاية في الكرم رغم كثرة أولاده، وضيق حاله، وورث هذه الصفات لجميع أولاده ومنهم بطلنا.
  • مكث مجنداً في الجيش 7 سنوات فحضر معظم حروب مصر، كان في سلاح المهندسين وكان مشهوراً في فك طلاسم أعقد الألغام، وكانت الصاعقة المصرية تصطحبه في عمليات خلف الخطوط الإسرائيلية لفك الألغام، ونال وساماً عسكرياً لأنه فك أشهر لغم إسرائيلي وقتها وأحضره سليماً من الضفة الشرقية للقناة.
  • كان نعم الأب لخمسة أولاد، وفاة ابنه الشاب فجأة وهو جالس معهم ودون مقدمات - وكان أبرهم بوالديه - أحدث له صدمة كبيرة خاصة أن هذا الابن كان من صناع الخير وكانت له أجندة كلها تواريخ صناعة الخير.
  • عزم من يومها أن يكرس الجزء الأكبر من ماله للفقراء حتى عرفته المنطقة كلها بأيتامها وفقرائها ومعوقيها، يذبح بين الحين والآخر الذبائح ويوزعها عليهم، أراد أن يقلد ابنه وشقيقه الأكبر محمد خميس الذي تولي الإنفاق عليه وعلي أشقائه بعد وفاة والده.
  • كتب لشقيقه الأكبر شعراً يمدحه فيه وعلقه مع صورته في مكتبه، تكفل بأولاد شقيقة زوجته بعد وفاة والدهم وساواهم بأولاده حتى تخرجوا معهم ولم يفرق بينهم.
  • كانت صلة الرحم شغله الشاغل فكان يجمع أسرته الكبيرة دوماً علي الطعام إما في بيته أو في مطعم، رغم أنه ليس الشقيق الأكبر، وكأنه تحمل المسؤولية عنهم.
  • أصابه سرطان البروستاتا وأخطأ الجراح في جراحتها فجعله في ختام حياته في بلاء ما بعده بلاء إذ فقد التحكم في البول فتعكر صفو حياته، ولكنه رضى عن ربه ومولاه.
  • مات جاري البطل المحسن حسن خميس منذ عدة أيام فحزنت عليه كل المنطقة.
  • غياب الأبطال المحسنين من الحياة يجعلها لا طعم لها ولا روح فيها، سلام علي المحسنين، والرحماء وأهل الوداد.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة