"أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب"، خير مثال في وصف تهنئة بايدن للمسلمين بشهر رمضان، وقال إنه فرصة للتسامح والرأفة، واستطرد قائلا: هي سمات يجب أن تسود بين المجتمعات، وفي المقابل نراه لا يحرك ساكنًا أمام الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة تجاه الفلسطينيين، ويقف موقف المراقب نحو اقتحام وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد لباب العامود بالمسجد الأقصى، وتحريضه للمستوطنين على انتهاك مقدسات المسلمين.
ومهما كانت الأمنيات الوردية على لسان قادة العالم للمسلمين، فهي عبارة "ضحك على الدقون" لأنهم يشتركون مع سلطات الاحتلال في المقصد الحقيقي، وهو رضوخ الفلسطينيين وتخليهم عن الصلاة في المسجد الأقصى.
وفي سبيل ذلك يدفع الجيش الإسرائيلي خلال هذه الأيام بالمئات من جنوده نحو الأقصى، ولكن أبناء فلسطين لا يرضون بديلا عن الصلاة وأداء مناسكهم بمسجدهم الأقصى، برغم ما يواجهونه من حملات اعتقالات وسقوط الشهداء من بينهم.
ويطالبهم قادة أمريكا في نفس الوقت أن يكبحوا جماح مشاعر الغضب في صدورهم، لكي ينالوا رضاهم، وإذا حاولوا الدفاع عن مقدساتهم وأنفسهم فلهم الويل والثبور، ولذا هاتف بايدن نفتالي رئيس وزراء إسرائيل، وتعهد بوقوف الولايات المتحدة بقوة إلى جانب إسرائيل، وتقديم كل المساعدات المناسبة لمواجهة تهديدات أصحاب الحقوق.
ولم يرغب بايدن سماع صوت العقل ويأمر سلطات الاحتلال بوقف ممارساته الاستفزازية بحق الشعب الفلسطيني، ويبدو أن بايدن كان له مغزى آخر من استشهاده خلال تهنئته للمسلمين بالآية القرآنية في سورة الزلزلة: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ"، أن يستقبل الفلسطينيون اعتداءات الإسرائيليين بابتسامة عريضة، حتى يحصدان خيرات أمريكا، التي يتجرعونها من أيدي جيش الاحتلال صباحًا ومساءً على مدار عقود.
وتهنئة بايدن بضرورة نشر التسامح بين المجتمعات، يمكن أن نأخذها بنية حسنة، أنها محاولة منه لإقناع قادة إسرائيل أن صلاة الفلسطينيين لا تشكل تهديدًا مسلحًا، والنيات الحسنة لا تستطيع وقف آلة الموت والحرب.
ونشاهده يلتزم الصمت، ويغض الطرف على الأساليب القمعية بحجة الحفاظ على الأمن، ويعلم علم اليقين أن سياسة إسرائيل تجريف شعب فلسطن من كل شبر على أرضه ومقدساته، وبناء عليه فإن بايدن "بياع كلام".
وبما أن تهنئة بايدن للمسلمين للاستهلاك العالمي، فقد خرج على منواله وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس يهنئ المسلمين، وتمنى لهم أداء مناسكهم من صلاة وصيام مع محبيهم، ولم يستكمل عبارته بقوله: ولكن خيرا لكم ألا تصلوا في المسجد الأقصى.
Email: [email protected]