في كل يوم وساعة يدعونا الله، ويفتح لنا أبواب القرب والود والقبول، له بالطبع أيام أقرب من أيام وأفعال أقرب من أفعال وكلمات أقرب من كلمات، يرشد أرواحنا بوصايا ورحمات جميعها لوصل واتصال وود ومحبة، نمد له يدنا كطفل يثق تمام الثقة في حب وقوة ورحمة ولي أمره وحياته، هل يخطر ببال الطفل أن هناك أمنية له قد ترفض أو معجزة يصعب على الولي تحقيقها.
نتخيل كثيرًا أننا ندعو الله لكنه يدعونا، بآلاف الطرق ويرسم لنا الطريق لمعرفة أنفسنا ومعرفته، يدعونا بصلوات وزكاة وصيام وود ومحبة وعطاء لكل مخلوقاته.
وصوم رمضان وغيره عشرات طرق بشهور الصوم في مختلف الأديان والعبادات التي يتقرب بها الناس منذ الأزل لخالقهم، تجبر الإنسان على التخلي عن غذاء الأرض ليصل لغذاء السماء المحتاجة إليه قلوبنا وأرواحنا لتستريح من معاناة أو شقاء الانغماس فيما يرهق أرواحنا ونلجأ لمصدر المدد والنور والراحة والرحمة.
غذاء آخر نحصل عليه بتركنا للغذاء وتركنا لكل ما يفطرنا من شجار ونميمة وأذى، غذاء يقدمه لنا الله سبحانه وتعالى وجميعنا في أمس الحاجة للتغذية الروحية كاحتياج الغصن إلى الأصل الذي يغذيه باستمرار.
- نقترب أكثر نصلي نسبح نثق بالخالق القدير، ومهما كانت الظروف التي نمر بها سيتحول الحزن لفرح والغضب لرضى والحاجة لاكتمال واستغناء، بعد ترك ما يستهلكنا وطلب المدد من الروح الباقية للباقي، فكيف يكتمل نقصنا وتكتمل أرواحنا التواقة للراحة في إجازتنا السنوية التي حددها الله لنا في توقيت يعلمه ليمدنا فيه بما نحتاجه.
لن نضيع الآن وقتنا بالتفكير في الفشل أو النقص، لكن سنعتبر كل خطأ أو فشل دروسًا نتعلم منها نجعلها درجات نرتقي بها نحو الوعي، فخطواتنا في الحياة كخطوات سلم صنعت درجاته من الفرح والحزن، من الفشل ومن النجاح، وكل هذا يخدم رحلتنا ويرفع درجاتنا.
فالإنسان في خضم مشقاته لا يحتاج أكثر من ملجأ، مكان يختبئ فيه، مكان لا يقدر أي أحد أو أي شيء فيه أن يمسه بالأذى، في التعب نستمد اللطف والراحة من مالك الملك، في المرض نطلب الصحة أو الصبر من فيض الصبور، في نقصاننا نتطلع للكامل.
يدعونا الله للمحبة والخير والرحمة والعطاء، يقول لنا اعطوا كثيرًا، تقبل يارب عطاء قلوبنا ونفوسنا ومحبتنا "إللي هي" قبس من عطائك وفيض كرمك.
نقف بهدوء وسلام وطمأنينة ونتواصل بقلوبنا مع إله العالمين ونتجرد من كل ما يشغلنا لنصل إلى قربه ووده وروحه التي إذا اتصلنا بها وجدنا جنتنا حتى لو كنا وسط حروب الأرض.
العنوان والفكرة اقتباس عن كتاب أعدته سيدتان أرادتا أن تظلا مجهولتين وأن تدعيا "مستمعتين"؛ وهما سيدتان مسيحيتان صدر كتابهما بداية باللغة الإنجليزية، وتمت ترجمته فيما بعد للغة العربية.