"الهيدروجين الأخضر" بين المحلي والعالمي.. حث مؤتمر قمة المناخ الأخير في جلاسجو "cop26"، دول العالم على أهمية استخدام المياه والطاقة المتجددة في إنتاج "الهيدروجين"، وطالب، الدول المطلة على البحار والمحيطات، بالبدء في الاعتماد على "الهيدروجين" باعتباره الطاقة النظيفة الخالية من الكربون، واعتبراها وقود المستقبل الآمن للمنازل، والمواصلات، والنقل البري والبحري.
وبالرغم من أن نصيب مصر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لا تتعدى 1%، مقارنة بدول العالم، إلا أنها استجابت للدعوة الأممية، وشرعت مبكرًا وتفاعلت مع المبادرات الهادفة للوصول إلى الحياد المناخي والكربوني الآمن عبر "الهيدروجين الأخضر"، حيث وجهت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة دعوة للتصالح مع كوكب الأرض، ومع الطبيعة، ونوهت بحفز وتحريض "النواب" و"الشيوخ"، والمجتمع المدني، والمرأة، والشباب، وأيضا للمواطن، لتمهد طريق الاستدامة، للوصول إلى حياة طبيعية آمنة على الكوكب، وذلك من خلال أولى جولات "الحوار الوطني الأول حول تغير المناخ"، الذي أعدته وزارتها، في أول منطقة خضراء بمصر، وهي مدينة "شرم الشيخ".
جاءت فعاليات الحوار، التي عقدت الأسبوع الماضي، لتحرك المياه والهواء، لتراكم بدورها سحبًا تأتي بتحولات وتفاعلات في سماء مصر وإفريقيا والعالم، وكانت البدايات هي التوجه نحو مبادرة لإعادة النظر في إستراتيجية الطاقة والتنمية المستدامة، وتحديد سبل الاعتماد على "الهيدروجين" الذي لا ينتج غازات ضارة، لكي نعود بالطبيعة إلى صفر كربون، وتركيز الاهتمام، ضمن مبادرة "اتحضر للأخضر"، نحو الاستثمار في الطاقة النظيفة الخضراء.
حدث أول تطبيق بيئي نحو معادلة "صفر كربون" في مصر، منذ منتصف العام الماضي 2021، فقد شرعت مصر إلى آفاق صناعة الهيدروجين للتحول إلى هذه الطاقة، بحثا عن الحياد الكربوني، والحفاظ على معدلات التنمية المستدامة، دون انتقاص من النمو الاقتصادي في وقت واحد، والهدف هو تخليص البشرية والبيئة والنظام الإيكولوجي من كابوس الاحتباس الحراري، والتلوث والتغيرات المناخية الكارثية، ليصبح الأمن البيئي حقيقة وواقعًا.
والمعروف أن قطاع الطاقة، في مصر والعالم، يشهد تحولا وتحديًا جذريًا، فقد انتقل من الوقود التقليدي "الأحفوري" إلى الغاز الطبيعى، ثم الطاقة المتجددة، إلى الطاقة النووية، ثم إلى "الهيدروجين"، وهو التحول نحو عالم التنمية المستدامة والطاقة الآمنة، وتستعد له مصر حاليًا بالدخول إلى عالم "الهيدروجين الأخضر"، ويجهز له المسئولون عن الشأن والمناخ والبيئي عبر الإعداد الحكومي والمدني، وعكسته أولى فعاليات الحوار الوطني، استعدادًا لقمة قمة المناخ "27COP"، بتنفيذ مشروعات إنتاج واستخدام الميثانول الأخضر والأمونيا الخضراء.
وأمام كثافة القضايا البيئية وتشابكها، تستعد "البيئة" أيضًا، بتحالف الجانب الرسمي والمدني، والوطني والعالمي، لاقتصاديات الهيدروجين الأخضر النظيف، ضمن تحرك عربى إفريقي مشترك في القضايا المناخية، كما تعكف حاليًا على الإعداد لصياغة أول إستراتيجية لتمويل المناخ، بالدول العربية من لمواجهة تحدي التمويل للمناخ الآمن، خاصة وأن المياه تمثل 70% من الكرة الأرضية، لتمثل منتجًا أساسيًا للهيدروجين الأخضر الذي يعتمد على الطاقة المتجددة، والمياه المتوافرة في مصر والعالم العربي والقارة الإفريقية، بل إن هذه الدوائر الثلاث، "مصر، والعالم العربي، والقارة الإفريقية"، تشكل بؤرة الطاقة المتجددة من الشمس والهواء، أيضًا مع محيط ثري مائي مصادره الأنهار والبحار والمحيطات، تشكل الأساس والبنية الأساسية لاقتصاديات "الهيدروجين الأخضر".
وما يشهده العالم من تحولات في كافة المجالات، يعكسه مجال البيئة واستخدامات الطاقة بشكل مؤثر وواضح، يعكسه التراجع المتوقع لتجارة واقتصاديات النفط والطاقة التقليدية، حيث تتجه جهود علماء المناخ وخبراء الطاقة إلى الاعتماد على "الهيدروجين الأخضر" باعتباره طاقة متجددة آمنة ليس لها تاثيرات سلبية على البيئة كما كانت تحدثها كافة مصادر الطاقة في الماضي، حيث ينتج الفحم عوادم كربونية بنسبة 100%، والوقود الأحفوري ينتج 70% من الكربون، والغاز 20% والطاقة المتجددة والهيدروجين لا ينتجان أى عوادم كربونية، لنعود إلى صفر كربون.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا - IRENA"، نموا غير مسبوق للاقتصاد وطاقة الهيدروجين العالمي، مما سيحدث تحولات اقتصادية وسياسية، ويضفي الطابع الإقليمي على علاقات الطاقة الجديدة، وولادة مراكز وكيانات جديدة ينتج عنها تحول في الاعتماد على إنتاج واستخدام الهيدروجين النظيف، كأحد بدائل الطاقة التقليدية الحالية.
وتعكف مصر على إعداد إستراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتعتزم إطلاق الخطوة الأولى من المشروعات تقدر قيمتها بنحو 4 مليارات دولار، حيث وقعت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس و"ميرسك - AP Moller – Maersk" مذكرة إنشاء مشروع إنتاج الوقود الأخضر بالعين السخنة، لإقامة مشروع إنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن، عبر إنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات، والتوسع في مشروعات الهيدروجين والأمونيا الخضراء، وهو ما تعززه إمكانيات المنطقة الاقتصادية للقناة نقلا إانتاجًا وتسويقًا.
كما وقعت مصر والنرويج اتفاقًا لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والبنية الأساسية الخضراء في عدد من الدول الإفريقية، تشمل الكونغو، وتنزانيا، وغانا، وجنوب السودان، ورواندا، وسيراليون، وبوروندي، وجيبوتي، وأوغندا في المرحلة الأولى، بهدف توسيع نطاق التعاون ليشمل دولا أخرى في المرحلة الثانية، ويتضمن الاتفاق تنفيذ وتطوير وتمويل وبناء وتشغيل مشروعات الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر ومشروعات البنية التحتية في بعض الدول الإفريقية.
هنا.. تبدو ملامح الإعداد لقمة شرم الشيخ المقبلة للمناخ إيجابية، وراءها الموارد الطبيعية المعززة لطاقة المستقبل، تساندها الدوائر العربية والإفريقية، لتلبي الدعوة الأممية نحو الانطلاق إلى طاقة المستقبل "الهيدروجين الأخضر"..
[email protected]