في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، وازدياد عمق التحولات الإستراتيجية الجديدة، وكثرة التحديات في ظل عالم ما بعد الجائحة، سلطت القمة العالمية للحكومات 2022 التي عقدت في دبي بمشاركة ١٩٠ دولة، الضوء على مراجعة الكثير من المفاهيم والسياسات، وتحديد أهم الأولويات والتوجهات العالمية، لتشكيل رؤى مستقبلية جديدة وحلول أكثر فاعلية للمرحلة المقبلة، في ظل توتر عالمي غير مسبوق وأزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق تجعل العالم في أشد الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز الحوار والتعاون وتنسيق جهود الحكومات والدول، لصناعة مستقبل أفضل للبشرية.
فمن الشرق إلى الغرب بات مستقبل التوازنات الاستراتيجية والجيوإستراتيجية العالمية على المحك، في ظل الإرباك العالمي نتيجة الصراعات الجديدة القديمة وما نتج عنها من تضخم أثرت تداعياته على أسعار الفائدة والبترول والغاز والمشتقات النفطية الأخرى وبعض المعادن المهمة والمحاصيل الزراعية وسلاسل الإنتاج والتوريد، ناهيك عن عدم وضوح الرؤية على المديين القريب والمتوسط، بالتوازي مع استمرار التبعات الاقتصادية لجائحة «كورونا»، وتحديات التغير المناخي، كل هذه الأسباب لم تعد تترك خيارا أمام حكومات الدول سوى إيجاد حلول مبتكرة للتحديات، والنهوض بالقطاعات الأكثر حيوية التنموية والاقتصادية والاجتماعية والتأسيس لعقد جديد يتبنى التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لصناعة مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً لجميع شعوب العالم.
وفي ضوء هذا الواقع العالمي الجديد، بحثت القمة العالمية للحكومات 2022 التي تشكّل أكبر تجمع حكومي لما بعد الجائحة أهم التوجهات العالمية في عدد من القطاعات الحيوية، من خلال إجراء حوارات فاعلة يتشارك فيها أكثر من 4 آلاف شخصية من مختلف دول العالم، ونخبة من قادة الحكومات والوزراء وكبار المسئولين والخبراء ومستشرفي المستقبل وقادة القطاع الخاص وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين في الشئون المالية والاقتصادية والاجتماعية لاستشراف ورسم ملامح المستقبل ووضع سياسات وإستراتيجيات وبرامج استباقية تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة المقبلة.
وجاءت مشاركة مصر قوية خلال القمة التي مهدت الطريق لتكون منصة متفردة لصياغة وتصميم المستقبل سواء عبر التشارك في السياسات التي تقود التقدم والتنمية الحكومية أو تسريع الانتعاش الاقتصادي العالمي ومستقبل الأنظمة التعليمية والوظائف، وتمكين المرونة الاجتماعية.
فالمتغيرات العالمية المتسارعة التي نشهدها على مدار عامين تتطلب من الحكومات تعزيز عمليات استشراف المستقبل وتسريع عمليات التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والرقمنة في جميع عملياتها وتبنى المرونة والفكر الاستباقي ووضع سياسات وإستراتيجيات وحلول متطورة لمختلف التحديات وفق آليات عمل مبتكرة وغير تقليدية مما يساهم في صياغة مستقبل الحكومات، وتعزيز مسيرة التنمية العالمية.