راديو الاهرام

داعية بالأوقاف يوضح كيفية استقبال شهر الصوم: التوبة في رمضان تمنح المسلم نفحات الله ورحماته

31-3-2022 | 12:15
داعية بالأوقاف يوضح كيفية استقبال شهر الصوم التوبة في رمضان تمنح المسلم نفحات الله ورحماتهاستعدادات شهر رمضان
حاوره - أحمد نورالدين
الأهرام التعاوني نقلاً عن

مجاهدة النفس والنية الصالحة من أسباب عون الله للعبد وتوفيقه

موضوعات مقترحة

بلوغ شهر رمضان نعمة عظيمة يفرح بها المؤمنون وحُق لهم ذلك بقول تعالى: ‭{‬قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون‭}‬، وهو موسم عظيم من مواسم التجارة الرابحة مع أكرم الأكرمين، مع الغنى الحميد سبحانه وتعالى يده ملأى ولو أن الخلق جميعًا جِنهم وإنسهم قاموا في صعيد واحد فسأل كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عند الله شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.

وإذا كان التجار يستعدون للمواسم التي تضاعف فيها الأرباح، فحري بالعبد الموفق أن يستعد لهذا الموسم العظيم الذي تضاعف فيه الأجور بغير حد ولا مقدار، حتى يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم.

حول كيفية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان الفضيل يحدثنا فضيلة الداعية الشيخ أحمد محمد من علماء الأوقاف. 

يقول فضيلته: الواجب على المسلم فيه التوبة والإنابة من جميع الذنوب، فالتوبة تتجدد في رمضان حتى يتعرض المؤمن لنفحات الله ورحماته، قال تعالى: ‭{‬فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ‭}‬، وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ [ قال: «إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النهارِ، وًيبْسُطُ يَدَهُ بِالنهارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، وعن الأغر المزني قال: قال رسول الله: «يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة»، فلقد آن أن تخشع القلوب لذكر الله وما نزل من الحق قال تعالى: ‭{‬أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ‭}‬، فإذا كان الله تعالى لا يرد تائبا فتب إليه فانه غفور رحيم، كما ينبغى التحلل من جميع المظالم، فعلى المسلم وهو يستقبل شهر رمضان أن يستقبله ويستعد له بالتحلل من جميع المظالم، بأن يرد تلك المظالم إلى أصحابها، وأن يطلب منهم المسامحة والصفح، فعن أبي هريرة عن النبي [ قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم من قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه»، وبتصفية القلب من علائق الدنيا، ففي استقبال رمضان يصفي المسلم قلبه من علائق الدنيا، ويقبل على عبادة الله تعالى بحب ورضا حتى يشرح الله صدره للإسلام والإيمان، قال تعالى: ‭{‬أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‭}‬، ومن تصفية القلب الصدق مع النفس ومع الناس وحب الخير للجميع، والبعد عن أمراض القلوب من غل وحقد وحسد وكبر وغيبة ونميمة وغش وغيرها، فعن عبد الله بن عمرٍو، قَال: قِيل لرسول اللَّه: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ. فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ. لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ».

يضيف فضيلته ، بأنه يجب الحرص على مجاهدة النفس في العبادة، وكذا في استقبال رمضان يستعد المسلم لمجاهدة نفسه من الشيطان والهوى والشهوات والشبهات، ويقبل بجد واجتهاد وإخلاص وإتقان على الصوم والصلاة وقيام الليل والصدقة، وليعلم أن عزه وشرفه في تلك المجاهدة، فعن سهل بن سعد أن النبي [ قال: «أتاني جبريل، فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس»، وكذلك تعلم ما لابد من هم من فقه الصيام وأحكامه وآدابه والعبادات والاعتكاف والعمرة وزكاه الفطر وغيرها.

كما ينبغى على المسلم استغلال رمضان بالأعمال الصالحة والنية الصادقة، فإن النية الصالحة من أسباب عون الله للعبد وتوفيقه، قال تعالى:‭{‬إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‭}‬، وقال تعالى:‭{‬ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا‭}‬، فدلت هاتان الآيتان على أن النية الصالحة سبب لتوفيق الله لعبده، فحري بالعبد المسلم أن يعقد النية على فعل الخيرات في رمضان والاجتهاد في ذلك، فكأنه يقول بلسان الحال: لئن أدركت رمضان ليرين الله ما أصنع.

وقال تعالى: «فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم»، وقال تعالى»ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عده»، هذا إلى جانب كثرة الدعاء، قال الله تعالى:‭{‬وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‭}‬، قال ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية: وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخلِلةً بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، فاحرصوا على الاجتهاد في الدعاء في رمضان، فحري بمن أدمن قرع الأبواب أن يُفتح له.

ويشير فضيلة الشيخ أحمد محمد إلى أنه على المسلم أن يكتب ويضع خطته لشهر رمضان، فالخطة الإيمانية والعلمية والدعوية اكتب فيها مثلا: سأقرأ من القرآن في كل يوم عدد تحدده من الصفحات، وفي مجال الدعوة كذا، وفي مجال وفي الحديث وغيرها من العلوم الشرعية، اقرأ من الكتب كذا وكذا، واعلم أنك إن صدقت النية سيعينك الله تعالى، مع التخطيط والترتيب لبرنامج يومي للأعمال الصالحة، كالجلوس في المسجد، والجلوس مع الأهل، وكثرة الصداقات، والعمرة والاعتكاف، والدعوة وغيرها من الأعمال الصالحة، فلا يدخل عليك هذا الشهر وأنت في شتات من أمرك فتحرم خيرا كثيرا.

وقال: حاول أن تشتري المطلوب للعيد من الآن من هذه الأيام أو في بداية رمضان حتى لا تشغلك عن الطاعة في هذا الشهر الكريم فيمر منك دون أن تستثمره، واعلم إن رمضان أياما معدودات، فسرعان ما تذهب الأيام، ولا يبقى إلا شرح الصدر وثواب العمل الصالح والعكس، فمن ضيعها فلا يبقى له إلا أوزارها فاحذر، فعن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله: احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال آمين، فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه، قال إن جبريل عرض لي فقال بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين، فلما رقيت الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين، فلما رقيت الثالثة قال بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت آمين»، وفعل الخير كإكرام المحتاجين وكفاله الأرامل والمساكين. 

ويحذر فضيلة الشيخ أحمد محمد من مخالفة حبيبنا النبى [ فيقول: احذر أن تخالف نهج الحبيب، فلا تفعل فعلا حرام، ولا تسبب إنسان ولا تؤذي أحدا وإذا سبك أحد أو شتمك فلا تضرهم بشيء، وتذكر قول النبي: يقول اللهم إني صائم» فإنها تستبعد دخول الشيطان بيننا فلا ترد عليهم هذا السب والشتم حتى تأخذ ثوابا جزيلا من الحسنات من الله سبحانه وتعالى، مع المحافظة على جميع الصلوات في جماعة، وصلاة التراويح في المسجد، ويفضل المسجد الذي يختم القرآن، إضافة لحضور مجالس العلم في المساجد وغيرها، والحرص على الاستفادة منها وسؤال العلماء، وقيام الثلث الأخير من الليل، والإكثار من التصدق وإفطار الصائم وزكاة الفطر، وعمل ايجابي نافع كل يوم تستغل فيه كل دقيقة من أوقات الشهر، ولا تضيع وقتك أمام الفضائيات وفي متابعة الأفلام والمسلسلات، وفتح صفحة بيضاء مشرقة مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة، ومع الرسول بطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، ومع الوالدين والأقارب والأرحام، والزوجة والأولاد بالبر والصلة، ومع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبدًا صالحًا ونافعا، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله «خير الناس أنفعهم للناس»، جعل بيتك بيتاً ربانياً، فيشعر فيه أهل بيته بقيمة الشهر فيجمعهم على القرآن فيختمونه معا، وتعمل لوحات بفضائل الشهر تعلقها داخل المنزل، وتعقد الدروس العلمية لأهل بيتك، وتصطحبهم إلى المسجد للصلاة ودروس العلم، فاللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة