قال العلماء إن من يرغب في الشفاء من الاكتئاب عليه بفعل الخير، والذي يتمنى أن يُطيل الله في عمره، لابد أن يكون محبا لمساعدة الآخرين، وأجمعوا على أن أقوى لجام يكبح شراسة الشر المتأجج في العالم هو حث الناس داخل المجتمعات على العطاء، وأثبتوا أن رؤية الأشخاص لفعل الخير ينتقل إليهم كالعدوى.
وقد يساورك بعض الشك في هذا الحديث، غير أن دراسة مشتركة بين جامعتي كيمبردج الألمانية وجامعة كاليفورنيا الأمريكية أظهرت بالدليل العلمي أن فاعلي الخير لهم أثر معدٍ، بمعنى أن رؤية سلوك الشخص المعطاء يحث الجميع على محاكاته، وأوصت الدراسة أن تحويل المجتمع الدولي إلى مكان أكثر أمنا مرهون بالتوعية في نشر العطاء.
ومن طرائف هذه التجارب النفسية ما كشفته عن مساعدة الطفل ذي الأربعة أشهر لشخص بالغ في فتح الباب، مما يشير إلى أن فطرة الإنسان متأصل فيها حب الخير، وتفسر من ناحية أخرى أن الأناني والعدواني وليد بيئة فاسدة.
ورجح عالم الاجتماع جان جاك روسو تلك الحقيقة، ويرى أن الإنسان يبقى لطيفا ونقيا طالما كان بمنأى عن سوء المحيطين به، وما ينطوي عليه من ظلم وجشع.
وأطلق علماء النفس التطوري على هذا الشأن بمصطلح "الخير الفطري" لدى البشر.
وفي إحدى حلقات برنامج "العالم المثير للأطفال الرضع" علي قناة B.B.C، عرضت بالتجربة ميول الأطفال الرضع إلى الخير وحب الإيثار، وقدرتهم على التمييز بين الصواب والخطأ في سن صغيرة ولاحظوا من خلال تجربة أخرى براعتهم على التمييز في الشهر السابع من الولادة.
ولذا كانت من حكمة الرسول "صلى الله عليه وسلم" سابقة العهد حين لخص هدف رسالته السماوية بحديثه "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وكان أعلاها حب الإيثار، وهو القائل: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
وتتجلى ثوابت الإسلام في حرمة القتال في الأشهر الحرم من كل عام، حتى يتيح للنفس البشرية فرصة التخلص من نوازع الشر، ومن أسمى فضائله كذلك اختصاصه بشهر رمضان، وقالوا كان الرسول أجود ما يكون في رمضان، وأصبح العوام من الناس في زمننا هذا يطلقون عليه رمضان كريم.
أما الآثار النفسية الإيجابية التي يجنيها الإنسان من فعل الخير فلا تعد ولا تحصى حسب تجارب العلماء، وأولها شعور فاعل الخير بالرضا والتفكير بصورة سليمة، وهو ناتج عن إفراز هرمون الأندورفين، والفائدة الثانية تمكنه من العيش عمرا أطول عن الرافضين للعطاء، وحدد العلماء نسبتها بنحو خمسة سنوات.
Email: [email protected]