لم ولن أدعي أنني خبير اقتصادي أو إستراتيجي ولا اكتواري، ولا حتى خبير تنمية بشرية.. ولكن ما نشهده هذه الأيام هٌنا في الولايات المتحدة الأمريكية أو في باقي دول العالم من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في تشريد ما يقرُب من 10 ملايين أوكراني في دول أوروبا حتى الآن، ولا يٌعرف لها نهاية حتى الآن دفعني للكتابة عن تأثيرات هذه الحرب الاقتصادية.
ورأيي المتواضع أن هناك تداعيات خطيرة للغاية ملموسة لتلك الحرب في جميع أنحاء العالم، وتعتمد درجة الضرر بشكل كبير على المدة التي ستستغرقها هذه الحرب، التي دخلت في شهرها الثاني، وهذا الضرر يتوقف على مدى استمرارية الاضطرابات الكبيرة التي شهدتها وتشهدها الأسواق؟ وما إذا كانت صدمة مؤقتة أم أزمة دائمة؟ وهل ستؤدي في النهاية إلى حالة ركود طويلة؟ وهذه التأثيرات ستختلف قوتها باختلاف المكان والتحالفات؛ سواء شرقاً أو غرباً بالطبع ستكون العواقب الاقتصادية للحرب مأساوية بالنسبة لكل من روسيا وأوكرانيا ولكنها ستختلف بالنسبة للمناطق الأخرى حول العالم.. وعلى سبيل المثال ترتبط كل من بولندا وتركيا بعلاقات تجارية قوية ومهمة مع روسيا، وهما أكثر عٌرضة لتأثيرات الحرب مٌقارنة بالدول الأخرى..
وهٌنا في الولايات المتحدة الأمريكية وفي محاولة لتقليل آثار الحرب الدائرة في أوكرانيا على الاقتصاد الأمريكي، ومن أجل تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن الأمريكي قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي الزيادة الأولى منذ أكثر من 3 سنوات – وهي نفس الإجراءات التي قام بها البنك المركزي في مصر مع تحرير سعر الصرف للجنيه المصري مقابل الدولار – وهي إجراءات صحيحة وضرورية في مثل هذه الظروف.
والمواطن الأمريكي مازال يٌعاني من ارتفاع الأسعار بنسبة لا تقل عن 30%، وارتفاع كبير وملحوظ في سعر جالون البنزين، والذي وصل إلى 7 دولارات للجالون العادي، وهو ما أثر بشكل كبير على ميزانية الأسرة الأمريكية المتوسطة بشكل سيء للغاية، هذا بخلاف الارتفاع في أسعار كافة السلع والخدمات بنسبة 30%، وأكثر في بعض الحالات حتى أصبحت الشكوى من الأسعار أمرًا اعتياديًا جدًا وتسمعها في كل مكان..
وتوقع رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن تكون الفائدة 2% بحلول نهاية العام الجاري 2022؛ وذلك من أجل معالجة التضخم المُتصاعد وللحيلولة دون إعاقة حركة النمو للاقتصاد الأمريكي في أعقاب وباء الكورونا، وأيضًا الحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا، وكذلك الاضطرابات في أسواق النفط والغاز بسببها أو بسبب الاعتداءات الحوثية على المملكة العربية السعودية ومٌنشآتها النفطية، والتي تزامنت مع الرفض السعودي - الإماراتي للاستجابة لطلبات جو بايدن الرئيس الأمريكي بزيادة الإنتاج؛ لتجنب ارتفاع أسعار البنزين؛ بسبب الحظر الأمريكي على استيراد النفط الروسي.. إلا أن الأمانة تقتضي تأكيد أن الصورة هٌنا في الولايات المتحدة بشكل عام لا تبدو قاتمة كغيرها من الدول والمخاطر الاقتصادية تتوقف على الفترة الزمنية لهذه الحرب والتي دخلت في شهرها الثاني.
وفي حال نجحت الجهود الدبلوماسية في وقف إطلاق النار فسيكون التأثير أقل؛ سواء على الولايات المتحدة أو مصر أو غيرها من دول العالم.
وإلى أن يحدٌث ذلك سنظل "إحنا وأنكل سام" والغرب والاتحاد الأوروبي والناتو والشرق الأوسط وإفريقيا والعديد من دول العالم، سنظل في ظروف صعبة.. وللحديث بقية