عثمان بن حاج عمر، المعروف عنه فى تونس، أنه يعمل وهو المعروف أيضا فى أوساط النشطاء السياسيين والنقابيين، بالمبدئية العالية والصدق والتواضع وسلوكه الديمقراطى المرن، حتى إنه ألف السؤال: هل البعثيون مثلك يا سى عثمان؟ فهو شعبى لا يفرق فى علاقته بين الأستاذ الجامعى وعامل النظافة فى الكلية، يقدر العلم والمعرفة لدرجة الهوس، وكثيرا ما تدمع عيناه لبؤس الناس مبادرا بحملات مساعدة الطلبة كلما ألم بأحدهم مصاب،كما تطوع فى صفوف المقاومة الفلسطينية، إبان العدوان الصهيونى على لبنان سنة 1982 صحبه الرفاق محمد العش وأحمد العبيدي، والمرحوم الصادق الهيشري، ومكثوا هناك أكثر من شهر فى الجنوب والبقاع اللبنانيين وعلى خطوط التماس مع جيوش الكيان الصهيوني، ولم يعودوا لتونس إلا عندما قرر الفلسطينيون استجابة للضغوطات الدولية الجائرة وقف القتال، ثم الخروج من لبنان والقدوم إلى تونس.
موضوعات مقترحة
وهو حاصل على بكالوريا رياضيات سنة 1975 وعلى الأستاذية فى الهندسة الكهربائية، وعلى شهادة الكفاءة للتدريس من دار المعلمين العليا للتعليم التقنى بتونس فى 1979. وعلى الأستاذية فى القانون اختصاص إدارة ومالية عمومية سنة 1994 من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، وعلى شهادة الدراسات المعمقة فى القانون العام (دكتوراه المرحلة الثالثة) سنة 1996 من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، كما أعد دكتوراه أولى (لم يناقشها فى القانون الدستوري، بعنوان (السلطة التأسيسية فى بلدان المغرب العربى مفهوم الدولة) ويعد حاليا أطروحة دكتوراه ثانية بعنوان (السلطة الترتيبية لرئيس الجمهورية فى دستور 1959).
< ما رؤيتك المستقبلية لتونس فى ظل الدعم العربى والشعبى ودعم دول الجوار ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسى لتونس؟
تونس، جديرة بما هو أفضل على جميع المستويات، وتونس تعرفون أنها بحكم انسجام شعبها العرقى والدينى والمذهبي، عرب مسلمون وموالك، هى الأقرب إلى فكرة العروبة، ومن هذا الإحساس نحن نحب كل العرب، ونفرح لفرحهم ونتألم لما يصيبهم من سوء، بصدق، وأكيد أن للشعب المصرى مكانة خاصة فى قلوب عامة التونسيين.
وتونس، الجمهورية، الحداثية المجددة لا تفرق بين مملكة وإمارة وجمهورية، تحترم الجميع ولا تتدخل فى شئون أحد، وتتداعى لكل القضايا الوطنية والقومية العربية، بكل ما تملك من جهد وعاطفة صادقين.
ومن هذا المنطلق، نحن نرى أن هناك بعض التقصير العربى اليوم فى مساعدة تونس فيما تمر به، صحيح نشعر أن الإخوة المصريين والجزائريين قلوبهم معنا، فما تتعرض له تونس فى علاقة بالصناديق الدولية يصل حد الإهانة، من أجل الحصول على بعض المليمات لتمويل الميزانية، التى تركتها حكومات النهضة خاوية. إن حرص الرئيس السيسى على دعم مسار 25 يناير فى تونس، وكذلك حرص الرئيس تبون، نابع من الأخوة المصرية - التونسية، والجزائرية - التونسية، ويقابله نفس الحرص من الشعب التونسى على نجاح مصر واستقرار الجزائر، لكنه يجب أن يلقى صداه لدى بقية الدول العربية، خصوصا إخوتنا فى دول الخليج، وأن يترجم بمساعدات اقتصادية، هبات واستثمارات وقروض طويلة الأمد ذلك، أن ما يقع فى تونس يهم العرب، وينعكس عليهم إن سلبا أو إيجابا لقرب الشعب التونسى من كل شعوب الأمة.
< هل ترى أن وصول الحركة إلى الحكم وصل صداه إلى دولة عربية أخرى؟
وعندما أراد تسليم مقاليد الحكم للإخوان بدأ بتونس، ووصلت نار الإخوان إلى مصر وسوريا وليبيا، لذا يجب على العرب مساعدة تونس، وهى تخلع الإخوان ويجب عليهم الاستثمار فى استقرار تونس، وتشجيع شعبها حتى لا ترتبط إزاحة الإخوان فى تونس، بمزيد من الفقر وتدهور ظروف المعيشة للشعب، فعلى بقية الدولة العربية، خصوصا مصر والجزائر والسعودية، أن تكون لها إستراتيجيات بديلة تنقذ الوطن والمواطن.
< ما رؤيتك لالتفاف الشعب التونسى حول مؤسسات تونس؟
يحظى الرئيس التونسى قيس سعيد بمنسوب عالٍ من الثقة لدى غالبية الشعب التونسي، لذلك فهو يدعمه ويدعم ما يتخذه من إجراءات خاصة كتجميد البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء. قد يعتبر البعض أن هذه المؤسسات هى من مكاسب الثورة، ولكن تبين أنها مكاسب شكلية ليس لها أى محتوى ديمقراطي، فرأينا كيف عجز البرلمان عن مواجهة عجز الحكومة وانخرط هو نفسه فى صراعات، ما أنزل بها الله من سلطان، وكذلك كيف أصبح المجلس الأعلى للقضاء وسيلة لحماية القضاة الفاسدين، وللتستر على الفاسدين والإرهابيين والقتلة، إن تمسك الشعب بهذه المؤسسات يظل مؤكدا، لكن بالمؤسسات وليس بالتركيبة الحالية، هذه التركيبة التى صعدتها النهضة للتحكم فى هذه المؤسسات وتوظيفها لخدمة أجدها.
< ما رؤيتك لمستقبل خريطة الطريق التى طرحها الرئيس قيس سعيد فى 25 يوليو الماضي؟ وكيف يمكن أن تتحول هذه الخريطة والخطوات التى تتعلق بها إلى نقاط لاستقرار تونس وإشاعة السلام والازدهار وعودة الأمان مرة أخرى؟
ما طرحه الرئيس من خارطة طريق، يعتبر معقولا ومقبولا، وهو كفيل بإصلاح المنظومة الدستورية والنظام السياسى من جهة، ومن أخرى المنظومة الانتخابية، وهذا هو هدف إجراءات 25 يوليو، لكن هذا النجاح رهين شرطين واجبى التحقق بصفة متلازمة، الأول هو تنقية المشهد السياسى والحزبى، وذلك بفتح الملفات الحقيقية للفساد ولأحزاب المال الفاسد ولإعلام التسويق والتزييف . لا يمكن أن نذهب للانتخابات فى 17 ديسمبر المقبل، والحال على ما هى عليه، لقد نجحت النهضة خلال العشرية السوداء الأخيرة بالتغلغل فى مفاصل الإدارة والدولة، بل وابتنت لنفسها دولة داخل الدولة، واصطنعت طائفة من الشخصيات والأحزاب يعملون كاحتياطى لها، وأن تشترى الذمم بواسطة مال سياسى متدفق وبواسطة سياسة اللوبى وبواسطة مظلة من الدعم الاستعمارى لها، وهى التى تعمل بالوكالة عن هذه الجهات، فدون تفكيك لشبكات المصالح هذه وشبكات الإرهاب والتسفير، ستبقى الحال على ما عليه، وثانيا يجب أن يساعد العرب الحكومة التونسية على إيجاد مصادر لتمويل الميزانية، والاستجابة لبعض المسائل الاجتماعية الملحة مثل مشكلة البطالة والطاقة والأسعار.
< ما توقعاتك المستقبلية لحركة النهضة؟ وهل ترى أن حركة النهضة تركز على الدعاية السلبية ضد الدولة؟ أم ستركز على المظاهرات والخروج فى الشوارع؟ أم ستركز على تقليب الرأى العام الخارجى وتحديدا ما يسمى بالمجموعات الليبرالية والتقدمية سواء فى أوروبا أم الولايات المتحدة الأمريكية؟
ليس أمام حركة النهضة، إلا الإرهاب والاستقواء بالأجنبي، فقد تعمد إلى القيام ببعض الاغتيالات والرئيس نفسه مستهدف، وذلك من لمزيد تعفين الأوضاع والدفع بالتونسيات والتونسيين إلى محرقة الاقتتال، وهى خبيرة فى ذلك، ومستعدة له ومن جهة أخرى عمدت النهضة تجاه الرأى العام الدولى والقوى الدولية إلى سياسة المظلومية، وقدمت نفسها زورا وبهتانا أنها حامية للديمقراطية، فقد عمد قادتها إلى الاستقواء بالأجنبى، ووصلت بهم نفسهم المجرمة إلى حد المطالبة بحجب المساعدات الاقتصادية لتونس، بل بحجب حتى المساعدات الطبية، وطلب أحد قادتها من الولايات المتحدة بالتوقف عن تقديم مساعدة من اللقاحات ضد كورونا، بل فيهم من وعد حتى بالتطبيع مع الكيان الصهيونى، لأن دعم تونس الاقتصادى والمالى من الدول العربية كفيل بمساعدتها على النجاح ونجاح تونس ممكن سهل جدا.
< وكيف يمكن التخلص من أثار هذه الحركة؟
إن إحباط جرائم حركة النهضة وتنظيم الإخوان بصفة عامة، مثله مثل إحباط الطائفية ومقاومة الاستعمار والصهيونية، ليس من المهمات التى يمكن أن تضطلع بها دولة عربية بمفردها، لذلك على جميع الشعوب العربية والدول العربية دعم تونس الاقتصادى والسياسى، ومواجهة ما تتعرض له من ضغوط أمريكية وأوروبية فى هذا المجال، كما أن تقدم الحل السلمى فى الشقيقة ليبيا واستقرار الأوضاع فيها لفائدة حكومة مدنية جامعة، من شأنه أن ينهى حلم الإخوان، وأن يسهم فى معالجة ما خلفه حكمهم من تصدع للدول، كاد يعرف بالنسيم المجتمعى نفسه، إن استقرار ليبيا قد يساعد من جهة أخرى على تحسين المعادلات الاقتصادية مع تونس، ويساعد فى حل مشكل البطالة ولو جزئيا والله الموفق.