توج رؤوسنا الابن البطل، لاعب الإسكواش المصري، علي عمر فرج، بشهادته الجريئة والمعبرة، عما يجيش في أعماقنا، من قهر وظلم وغرابة، عندما أشار – في بث شاهده الملايين- إلى المعايير المزدوجة للإعلام الغربي في تغطية الحروب.
المفاجأة الأكثر إثارة وإعجابًا أتت في شهادة، مماثلة، لإعلامي صيني، في حديثه، عن سياسة الكيل بمكيالين، بين أوكرانيا وفلسطين، عبر الفضائية الدولية لبلاده.
ما جاء على لسان اللاعب المصري، علي عمر فرج، عندما طلب منه الحديث عن أوكرانيا، بات معروفا للجميع، بقوله: "فجأة أصبح يسمح لنا بخلط الرياضة بالسياسة.. إذن لنتحدث عن فلسطين، التي تمر بما تمر به أوكرانيا منذ 74 سنة".
وزير خارجية فلسطين، رياض المالكي، وفي تصريحات أخيرة منسوبة له، قال: "ما كنا نحاول القيام به على مدار الـ 70 عاما الماضية، ولم نتمكن حتى من تحقيقه، نفذ في غضون 7 أيام عندما تعلق الأمر بأوكرانيا".
لمن لم يرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ما ورد على لسان المذيع الصيني، لي قونج، لمدة 3 دقائق و25 ثانية، يوم الأربعاء، 23 مارس الحالي، عبر قناة شبكة تلفزيون الصين الدولية "CGTN"، أنقل- نصا- الفقرات التالية من حديثه عن فلسطين:
" لماذا العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا تنتهك القانون الدولي، بينما الضربات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وممارسة الفصل العنصري في القدس، لا تنتهك القانون الدولي؟
لماذا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات شاملة على روسيا، حتى القطط والكلاب الروسية لم تنجُ منها، بينما أمريكا وأوروبا لم تعاقب يومًا إسرائيل؟ هل في نظر الغربيين أن الدم الفلسطيني من الدرجة الثانية، والإنسانية تُصنّف وفقًا للعرق واللون؟
منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني، اتجهت أنظار كل العالم نحو أوكرانيا، واندفع الغرب لتقديم المساعدة الإنسانية، وصواريخ ستينجر، والتعامل مع مشكلة اللاجئين.
في الوقت نفسه، رفعت الولايات المتحدة وأوروبا عصا العقوبات ضد روسيا، واستمرت التغطية الإخبارية الغربية للأزمة الأوكرانية، على مدار الساعة، من دون انقطاع، لكن عندما تعرضت فلسطين لاعتداءات الاحتلال، لم تتخذ الدول الغربية المواقف، نفسها.
وفقا للإعلامي الصيني: "كشفت الأزمة الأوكرانية -مرة أخرى- عن النفاق الغربي والمعايير المزدوجة، التي يطبقها الغرب على الشعوب بتحيز وعنصرية، وأظن أنه لو حصلت فلسطين على نصف الاهتمام والتعاطف، والدعم الذي تحظى به أوكرانيا، لما استمرت نكبة الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف قرن، أما الآن، فالقضية الفلسطينية يتم تهميشها تدريجيا، والأراضي الفلسطينية تشبه "قطعة جبن سويسرية".
لكن لحسن الحظ استمرت المقاومة، وهي "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".
من البغيض أن الإعلام الغربي ينسى أو يتناسى القضية الفلسطينية، إلا أنه لم يتردد في سرقة القصص البطولية للمقاومة الفلسطينية، من أجل كسب تعاطف العالم مع أوكرانيا، حيث فبرك مقطع فيديو ظهرت فيه "فتاة أوكرانية تواجه جنديًا روسيا بشجاعة"، وحصد الفيديو المفبرك 13 مليون مشاهدة على تيك توك. لكن الحقيقة أن الفتاة فلسطينية واسمها عهد التميمي التي تحدت جنديًا إسرائيليًا في الضفة الغربية عام 2012.
يختتم المذيع الصيني حديثه، قائلا: "كل إنسان مهما كان عرقه أو جنسيته، متساو وحياته ثمينة، يجب معاملة فلسطين وأوكرانيا بإنسانية على قدم المساواة، بدلا من معاملتها كأداة للهيمنة الأمريكية، وعلى الغرب أن يتوقف عن انتهاج سياسة "الكيل بمكيالين"!
شبكة التليفزيون الصينية لم تتوقف عند بث حديث الإعلامي "لي قونج"، بل نشر موقعها الإلكتروني رسما كاريكاتوريا للفنان العالمي، لاتووف، مرفقا بتوضيح: "بين أوكرانيا وفلسطين.. المعايير المزدوجة للإعلام الغربي في تغطية الحروب".
ذكرت الشبكة في تعليقها: "تتبنى بعض وسائل الإعلام الغربية السائدة معايير مزدوجة، فيما يتعلق بقضية الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
فبالإضافة إلى الإشادة بمقاومة أوكرانيا لروسيا، فإنهم يعاملون -عن عمد- بلدًا متحضرًا مثل أوكرانيا، بشكل مختلف عن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعندما يتعلق الأمر بالصراعات في أجزاء أخرى من العالم، يبدو أن إنسانيتهم قد اختفت بشكل جماعي".
في اليوم نفسه -الأربعاء الماضي 23 مارس- الذي بثت فيه شبكة CGTN حديث الإعلامي "لي قونج"، ونشرت على موقعها الرسم الكاريكاتيري المعبر، أكد عضو مجلس الدولة، ووزير الخارجية الصيني، وانج يي، أن القضية الفلسطينية لا يجب أن تُهمش أو تُنسى، والظلم الذي دام أكثر من 50 عامًا لا يجب أن يستمر.
ودعا الوزير وانج المجتمع الدولي إلى رفض حالة اللامبالاة من جانب دول الغرب تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن الصين لن توقف دعمها لقضية الشعب الفلسطيني العادلة.
ذكر الوزير الصيني أنه من الضروري عقد مؤتمر سلام دولي مُوسع، وذي قرار نافذ ومؤثر، بمشاركة الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وجميع الأطراف المعنية في عملية السلام في الشرق الأوسط، سعيًا لإيجاد طريقة فعالة للتوصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية.
قال: "ستواصل الصين دعوة المجتمع الدولي إلى زيادة اهتمامه وإسهاماته، والقيام بدور بناء من أجل إيجاد تسوية جوهرية للقضية الفلسطينية".
أضاف، أنه يتعين على المجتمع الدولي التمسك بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، والتمسك بحل الدولتين، والعمل من أجل الإقامة المبكرة لدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة، على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
[email protected]