منذ أيام وفي خطاب هام أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي علي تعجبه من انتشار دعوات تحقير المرأة لدرجة السماح بالاعتداء عليها أو ضربها، رغم أن حضارتنا وأخلاقنا ودياناتنا تمنعنا عن ذلك، لكن ما حدث من تدهور ثقافي وقيمي على مدى سنوات طويلة سابقة جعل كرامة وحقوق النساء في مهب رياح البداوة والتطرف والازدراء للأسف الشديد.
- اليوم على الجميع العمل لخلق مناخ أكثر كرامة للسيدات في مصر خاصة مع الدعم الكبير الذي توليه الدولة لهذا الأمر، فمجلس الشعب ومجلس الشيوخ وكل من له صوت مسموع ويد نافذة في سن القوانين يجب عليه العمل (اليوم وليس غداً).
-أهل العلم والفقه والقانون والإعلام والثقافة والفن جميعهم يجب أن يرسخوا لنظرة وسلوك ووضع يليق بجوهر الوضع اللائق بالنساء في مصر.
فكيف يعقل مثلاً اليوم أن يُسمح للرجل في مصر بتطليق زوجته غيابيًا ليهينها ويسرق حقوقها الشرعية والقانونية والمادية، وإذا كان هناك اتفاق على الطلاق لماذا يتم الغدر لتنفيذ ذلك غيابيًا تحت مظلة القانون؟!
- ليست فقط قضية الممثل الشهير التي فجرتها زوجته الأمريكية هذه الأيام وقبله الممثل الأشهر الذي فعل ذلك نفس الشيء مع زوجته اللبنانية وقت سفرها لنفس الغرض، لكن لأن ذلك يتم يوميا عشرات المرات بقرار فردي من الزوج ولا يستطع أن يقف أمامه أحد طالما أن لدينا قانون يسمح بذلك، في حين أن المرأة لو طلبت الطلاق لمائة سبب هام قد يؤذيها ويؤثر على حياتها وحياة أبنائها قد لا تستطع المطالبة به أو تنفيذه إلا بالتنازل عن كل مستحقاتها وأحيانًا مستحقات أبنائها إذا تهرب الزوج من ذلك بأي طريقة بها تحايل وحتى إذا كان هناك أذى جسدي أو معنوي يصعب الطلاق للضرر إذا لم يكن هناك شهود لإثبات ذلك وهذا بالقطع صعب تحققه.
- الطلاق الغيابي لابد أن ينتهي من القانون المصري فالمرأة ليست جارية يلقى بها متى يقرر سواء بعلمها أو بدون ذلك، المرأة لدينا ليست متاعا يشتريه الرجل ويلقي به متى شاء كما يردد السوقة وينشرون ثقافتهم بيننا رغم أن حتى أهل البادية وقبل انتشار الحضارة لم يعاملوا النساء بنفس الطريقة.
- في مصر اليوم يقرر الرجل أن يذهب خلسة لتطليق شريكة حياته دون علمها وبحكم القانون لا تأخذ حقوقها إلا بعد أن ترفع عليه قضايا وتلجأ لـ"حبال المحاكم" الطويلة وقد تقترض لدفع أتعاب المحاماة ،هذا إن حصلت بالنهاية على تلك الحقوق!
- عندما نتحدث اليوم في هذا القانون المستند على تشريع يجب علينا أن نتساءل أين دور الأزهر الشريف من تحريم كل هذا الحرام حتى لو أقره القانون ومقاصد قديمة طيبة للشريعة تم انتهاكها ولم تعد تصلح لا شكلاً ولا مضموناً للتطبيق بعد كل هذا؟
فعار علينا جميعًا أن نستمر في هذا وتستمر إهانة وسرقة حقوق النساء بالقانون دون رادع وللأسف سمعنا عن أزواج يقومون بطلاق زوجاتهم غيابيًا ويستمرون في الحياة معها دون علمها بأنه طلقها وذلك ليتزوج عليها دون قيود أو لينتهك أي حق يخصها، فبأمر القانون يطلق الرجل شريكة حياته دون علمها، قد يخبرها أو لا ويعيش معها رغم ذلك فهي لا تعلم، ومن حقه أن يعيدها إليه دون موافقتها، فأي حقوق أو كرامة أو دين في ذلك، كيف يتم استخدام المرأة جنسياً ويتم الزواج عليها دون علمها ويتم سرقة حياتها وحقوقها الاجتماعية والمادية دون حسيب ولا رقيب خاصة أن هناك في بعض الحالات يعطي الزوج للمأذون عنوانا مزورا للزوجة ولا يستطيع أن يحاسبه أحد على جريمة التزوير، وكذلك قد يعيش معها الزوج بعد الطلاق ويستغل خدمتها له ولأسرته أو يستغل أموالها إن أمكن ولا يحاسبه أحد على كل هذا التدليس!
-أي عقد في العالم يتم فسخه لا بد من وجود الطرفين المتعاقدين، فكيف يتعامل القانون المصري أن عقد الزواج هو صك عبودية يمكن حله من طرف واحد إذا أراد لتكون هنا حياة السيدة تبعاً لذلك رهن الاحتفاظ بها أو إلقائها في القمامة مع ورقة قد يمزقها الزوج إذا أراد ببساطة ؟!
- كيف تسبقنا معظم الدول العربية بقوانين لا تعترف بهذا النوع من الطلاق وتلزم الزوج بإحضار الزوجة لجلسة المحكمة لإعلامها أولاً ولضمان حقوقها المادية هي وأولادها ثانيًا.
- خطاب الرئيس في يوم المرأة المصرية هو بداية جديدة لإعادة النظر فعليًا في قوانين لم تعد تليق لا بالجمهورية الجديدة ولا بحضارتنا القديمة ولا بوعينا بذاتنا وما يناسب وجودنا وإنسانيتنا.