Close ad

ثابت أمين عواد يكتب: طريق الاستدامة.. (2-3)

26-3-2022 | 03:42

"الدول الأكثر عرضة للتأثر بأزمة المناخ هي نفسها التي تعاني من غياب الأمن والفقر وضعف الحوكمة وآفة الإرهاب".. انطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.

يبدو أن البيئة على المستوى العالمي ستستهلك وقتا تعاني خلاله قضاياها من عدم الفهم والتباطؤ في التفاعل مع تحدياتها، وذلك لأسباب عديدة أهمها الإهمال في تنفيذ الالتزامات الدولية، وخاصة قرارات مؤتمر المناخ "COP  26" الأخير في جلاسجو، فلم تفِ الدول الصناعية بوعودها والتزاماتها التمويلية للدول المتضررة من التلوث والاحتباس الحراري.
 
أما على المستوى في الداخل المصري فإن للبيئة شأنًا آخر.. فيبدو أن طريق الاستدامة يسير في الاتجاه المخطط  له، حيث لم تنتظر الإرادة البيئية تنفيذ دول العالم الصناعية لتعهداتها، بالتمويل، بعد أن تعهدت هذه الدول بدفع 100 مليار دولار، حيث شرعت هذه الإرادة، والإدارة، في إطلاق المبادرات والمشروعات، والبحث عن سبل في الدوائر المحلية والإقليمية والقارية، وحشدت الجهود لدوائر معززة مثل العالم العربي والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، والتي تعتبر من المناطق الأكثر تأثرًا بأزمة تغير المناخ، حيث يتوقع الخبراء أن تشهد هذه المناطق المزيد من التغيرات المناخية الحادة من حرائق وفيضانات وارتفاع مستويات البحر وارتفاع درجات الحرارة.
 
ونظرًا لأن قطاع الطاقة هو مصدر ما يقرب من 70% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري اليوم، فقد حشدت البيئة كافة الجهود وأطلقت المشروعات، يدعمها الإرادة السياسية، وبدأت باستبدال الفحم والغاز والطاقة الملوثة للنفط بالطاقة من مصادر متجددة، مثل الرياح أو الطاقة الشمسية، بهدف إحداث تراجع لانبعاثات الكربون، لكي نصل إلى الحياد المناخي المقدر له في عام 2040.
أيضا أطلقت الحكومة "الإستراتيجية الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية" عبر العديد من المشروعات، أهمها الطاقة الجديدة والمتجدّدة، بتطبيق إستراتيجية تنمية منخفضة الانبعاثات إستراتيجية الطاقة المستدامة، ومنها محطة بنبان ووحدات الطاقة الشمسية الصغيرة ومشروعات الصرف الصحي بمصرف بحر البقر، ومشروعات تبطين الترع ضمن حياة كريمة ومشروعات النقل المستدام من المونوريل ومترو الأنفاق صديق البيئة ومشروعات النقل الجماعي والمبادرة الرئاسية إلى التحول للغاز الطبيعي في السيارات، وتنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ.
 
و"البيئة" بصدد إنشاء وحدات لتغير المناخ بجميع القطاعات، وعمل مراجعة للتشريعات ووضع فصل خاص للتغيرات المناخية بقانون البيئة، وذلك لدمج مفاهيم التغيرات المناخية فى جميع القوانين المعنية، للتواؤم وتلبية الالتزامات الدولية.
 
مازالت نتائج المؤتمر مؤتمر جلاسجو الأخير "COP - 26"  أقل من المتوقع، أيضا كان حجم الإنجاز الذي كان متوقعًا، على مدى السنوات الست الماضية، منذ "اتفاق باريس للمناخ 2015"، بل ومنذ القمة الأولى للأطراف عام 1992 بمدينة "ريودي جانيرو" البرازيلية إلى اليوم كان هامشيًا ومحبطًا، فلم تلتزم الدول الصناعية الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة، المتسبب الرئيسي في تغير المناخ وتلوث الكوكب بتعهداتها، ولم تكن جادة في معالجة هذا الملف، ومع ارتفاع مستوى المتغيرات ووراءها المخاطر الصحية والغذائية والبيئية، أعتقد أن يضع المؤتمر المقبل بشرم الشيخ نهاية لتراجع المجتمع الدولي عن الإيفاء بالتزاماته، وأن يكون المؤتمر بداية إرادة دولية جادة أكثر التزاما، بوضع الحقائق أمام القمة القادمة، وعرض حجم مخاطر التغيرات المناخية على مصر، حيث  يترجمه الخبراء بتوقعات أهمها تعرض ثلث دلتا النيل للغرق، إضافة إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية بسبب تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية، مع تآكل الشواطئ على سواحل البحر المتوسط، والتغير في طرق الزراعة ونمطها، فضلا عن تراجع إنتاج الغذاء وجودته.
 
بدأت مصر، مبكرًا وقبل "اتفاق باريس للمناخ 2015"، محاولاتها نحو تحقيق مفهوم الأمن البيئي عبر تمهيد طريق الاستدامة بتنفيذ إستراتيجية لمعالجة مخاطر التغيرات المناخية، وشملت استنباط محاصيل زراعية مقاومة للجفاف، وعززت حماية السواحل من تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر، ونفذت أحد أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية في العالم بقدرة إجمالية تبلغ 1.5 جيجا وات، باستثمارات 2 مليار دولار، ومشروعات تحلية المياه والمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحي، وآخر للطاقة المتجددة يستهدف بالوصول بها إلى نسبة 42% بحلول عام 2035.
 
حان الوقت لتعزيز الاهتمام برأس المال الطبيعي، ليصبح أضلاع النشاط الإنساني هو رأس المال البشري ورأس المال المالي ورأس المال الطبيعي، ودمج النشاط السياسي مع الاقتصادي مع البيئي، أي أن يصاغ النشاط الإنساني بإضافة البعد البيئي ليصبح رئيسيًا وفي جميع المجالات والقطاعات والانشطة والخدمات.
 
نتوقع نشاطا ملحوظا لدور المجتمع المدني البيئي وكياناته مع مؤتمر شرم الشيخ المقبل، بأن يكون له دور قوي وفاعل في كثير من المجالات في نشر وتنشيط الوعي بأهمية الحالة البيئية ومخاطر تجاهلها، وأيضًا المساهمة في "محو الأمية المناخية".
 
خلال مؤتمر جلاسكو، اقترحت بعض الدول، مبادرة لتسعير الكربون كوسيلة فعالة لحماية المناخ، وتطبيق نظام فرض سعر على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة بالمناخ، واستخدام هذه الموارد لتوفير محفزات على الاستثمار في مصادر نظيفة للطاقة، وحتى اليوم لم تفعل هذه المبادرة، ولعل مؤتمر شرم الشيخ المقبل يجد مخرجًا لتفعيل هذه المبادرة التي تسهم في تقليل حجم الانبعاثات، فضلا عن توفير مصدر لتمويل المشروعات يدعم "صندوق المناخ الأخضر" لتمويل مشروعات الدول النامية والأقل نموًا لمساعدتها، حيث تنفيذ تكلفة المشروعات قليلة الانبعاثات، تحتاج إلى تمويل معتبر.
 
[email protected] 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: