راديو الاهرام

شريف عارف يكتب: "هيكل".. ذلك اللغز

22-3-2022 | 16:32
الأهرام المسائي نقلاً عن
" الأستاذ" هيكل عاش ومات لغزًا كبيرًا، لم يقدر أحد على كشف غموضه.


 


"الجورنالجي"، الذي ظل مؤثرًا في شعبه ومنطقته لمدة تجاوزت النص قرن، اتفق معه من اتفق، واختلف معه من اختلف، لكن حتى الذين اختلفوا معه – وربما كذبوا رواياته- لم يختلفوا على براعته، ومواهبه الشخصية التي كانت محل تقدير الجميع.. وستظل.


 


ربما أتيح لأبناء جيلي فرصًا للنقاش مع "الأستاذ" حتى منتصف عقد تسعينيات القرن الماضي، من خلال لقائه السنوي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي كان يديره الدكتور سمير سرحان، أو صالون "روز اليوسف" الذي كان يديره الدكتور مصطفى الفقى، إلا أنني لا أنسى ذلك اللقاء الخاص، الذي كان مقصورًا على البعض – وكنت محظوظًا أني منهم- لمناقشة دراسته "مصر والقرن الحادي والعشرين".


 


لا أنسى قدرته الجبارة على إدارة الحديث، وإيماءاته ولغته الجسدية وألفاظه المختارة بعناية، وربما هذا ماجعله متفردًا طوال هذه السنوات، وتجاوز لقب "الجورنالجي" إلى لقب "المفكر السياسي"، حتى تجاوز كل الألقاب، ليقول الناس "هيكل".. وكفى!


 


كان للأستاذ هيكل أسلوبه الخاص، ومصطلحات وضعها بنفسه ولنفسه، وربما ذلك ما دفع أديب مصر العالمي نجيب محفوظ للقول: "لوكتب هيكل رواية أدبية لأجلسنا كلنا في البيوت"! بينما قال عنه الراحل صلاح عيسى: "لابد وأن مؤرخي الأجيال القادمة سيحتارون طويلًا، إذا ما عن لأحدهم أن يقيم الأدوار، التي لعبها هيكل على مسرح الصحافة والسياسة المصرية والعربية، إذ من المؤكد أنهم سيضلون الطريق، بين جبال من التفاصيل وتلال من الأكاذيب ومتاهات من أدوات المكياج".


 


"هيكل.. حكايات جديدة" كتاب مهم، صدر مؤخرًا للكاتب الصحفي أيمن الحكيم، يقدم فيه بالفعل حكايات جديدة عن ذلك اللغز الكبير، وتأثيره عبر كل هذه السنوات من العمل والمعارك التي لاتنتهي، من خلال روايات "خاصة" لمجموعة كبيرة من معاصريه، من زملاء وتلاميذ.


 


في أحد فصول الكتاب، وتحت عنوان "حكايات خاصة جدًا"، يذكر المؤلف أن الأستاذ هيكل وضع قانون صكه وصاغه بنفسه، ويذكر ما كتبه "الأستاذ" عن الرئيس عبدالناصر قائلًا: أنا الذي كتبت يوم الأربعين بعد وفاة جمال عبدالناصر مقالًا عنوانه: "عبدالناصر ليس أسطورة"، أي أنني لا أؤمن بقداسات للبشر، وإنما أؤمن بإنسانية البشر، وأول مقتضياتها أن كل التجارب، قابلة للنقد، كما أن أدوار كل البشر - بما فيهم الأبطال - قابلة للتقييم.


 


وعلى ذلك، فيؤكد المؤلف أنه لا قداسة لبشر ولو كان في قيمة وتأثير وسحر عبدالناصر، وكل التجارب الإنسانية قابلة للنقد والتقييم، ولو كان لها من الاتساع والعمق والعبقرية والإبهار ما يغري بتحويلها الى أساطير لا يسري عليها قوانين البشر.


 


وفي نهاية الكتاب، حاول المؤلف الاقتراب من حقل الألغام المسمى بـ "وثائق هيكل"، فيذكر عدة وقائع حول هذه الوثائق منها مفاوضات مكتبة الإسكندرية مع الكاتب الكبير، فقد حاول الدكتور إسماعيل سراج الدين في عام 2009 أن يحصل على مجموعة هيكل، وفتح خطًا للتفاوض حولها وأبدى هيكل موافقة ضمنية، لكن الحوار توقف والوعد تبدد..!


 


كذلك حاول دكتور صابر عرب وقت أن كان على رأس دار الكتب والوثائق القومية، أن يحصل على مجموعة الوثائق الهيكلية، لكن الاتصالات توقفت، ولم تتقدم خطوة.


 


والثابت - كما يقول المؤلف - أن الكتلة الأهم والأخطر من وثائق هيكل موجودة في مكان آمن خارج مصر، وتحديدًا في العاصمة الإنجليزية لندن، وقد دفع هيكل كثيرًا لإخراجها وتأمينها بعدما أستشعر غدرًا من السلطة في عصر الرئيس السادات، فقد فوجئ هيكل بحملات من زوار الفجر يقتحمون منزله ومكتبه وكان واضحًا أنهم يبحثون عن تلك الوثائق.


 


عشرات الحكايات المثيرة يتضمنها الكتاب.. لكن الحكايات الأكثر إثارة هي تلك التى لم ترو ولم تُكتب بعد..!


 




 


 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
شريف عارف يكتب: روح لا تنام.. وبطولات لا تموت

بعد ساعات قليلة، من عبور قواتنا المسلحة للمانع المائي لقناة السويس في حرب أكتوبر المجيدة، كتب الأديب الكبير توفيق الحكيم في صحيفة الأهرام يقول: عبرنا

شريف عارف يكتب: مائة عام من "العبث"

قد يكون مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة، قد ساهم في عملية توثيق جرائم جماعة الإخوان خلال الألفية الثالثة، لكنه لم يغير شيئاً - في وجهة نظري- تجاه الحكم الذي أصدره الشعب المصري في 30 يونيو 2013