Close ad

مهدي مصطفى يكتب: نهاية حتمية للثورات الملونة

20-3-2022 | 17:58
الأهرام العربي نقلاً عن

فى زمن قريب جدا ستتوقف عجلة الحرب الأوكرانية - الروسية، ثم تتوقف معها الثورات الملونة، ستصبح من الماضى على مختلف تسمياتها، لن يتكلم خبير سياسى أو مؤرخ عن تلك الحقبة إلا استعراضا تاريخيا، للتدليل على أنها لم تكن لا ربيعا ولا ياسمينا.

وصلت المأساة الملونة إلى الذروة فى أوكرانيا، البلد الغنى بعد أن حوله جنون الفوضويين إلى ميدان رماية للقتل، وجعل من سكانه مهجرين ولاجئين.

سيسأل الناس فى أوروبا، هل مكتوب علينا أن نكون القارة الوحيدة المتخمة بالحروب المستمرة؟

حرب الثلاثين عاما، حرب عالمية أولى، حرب عالمية ثانية، حرب فى البلقان، حرب فى أوكرانيا، الأخيرة قد تصل إلى ربوع القارة العجوز، إذا ما قرر أحدهم الضغط على زر سلاح نووى فى نوبة جنون.

وسيسأل الناس أيضا ما فائدة الولع بالثورات الدامية إذا ما تخلف عنها عصر الإرهاب والحروب؟

 حتما سيصل السؤال إلى جوهر وظيفة الثورات الملونة، الخاضعة لتدريبات عقلية نظرية، يخترعها بعض الفوضويين، وهم جالسون وراء مكاتب مكيفة فى هذه العاصمة أو تلك؟

 الحرب الأوكرانية- الروسية اشتعلت يوم أن دفعوا الناس إلى الميادين فى قلب العاصمة الأوكرانية كييف قبل ثمانى سنوات، حين صدق الناس ما يسمى بالربيع الملون، وحين نجح بعض المنظرين فى إخراج الناس إلى الشوارع من مساكنهم الهادئة، ليكتشفوا أنهم تحولوا إلى مهجرين ولاجئين.

كيف تحول بلد غني، يسمى مخزن العالم الغذائي، ومخزن الخامات العظيم، ونهاية الخط الأوراسى - الإستراتيجى إلى هذه الحالة المأساوية؟ هل الحرب الروسية مسئولة وحدها عما يجرى وما سيجري؟

الإجابة الفادحة جاءت على لسان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، حين قال إن الحرب مستمرة منذ أيام، ولم نسمع إلا وعودا تقول إنا معكم، دون فعل على الأرض!

 كان زيلينسكى يعتقد أن أوروبا وحلف الناتو سيشتبكان مع روسيا على الأراضى الأوكرانية، أو يطبقان مناطق حظر جوى فوق أوكرانيا، كما جرى فى البلقان أو العراق أو ليبيا!

الشاهد أن هذه المسألة من المستحيل أن تحدث مع قوة نووية عالمية مثل روسيا، وكل ما يمكن عمله هو ما يجرى بالفعل، من حصار اقتصادي، ومقاطعة ثقافية، وحتى كراهية عرقية، وهذا لن يستمر طويلا، ولن يستمر إلا فى وسائل الإعلام، وعلى ألسنة الخبراء الإستراتيجيين كعمل إضافي.

ولعلهم يرتاحون قليلا من عناء التحليل، فالمسألة الأوكرانية التى هى من مخلفات الربيع الملون سيتم حلها سريعا، ستحظى روسيا بجزء مما تريد، وسيحظى الغرب بنصيب من ترتيب النظام الجديد، بينما أوكرانيا نفسها سوف تكتشف أنها كانت ضحية خطوط التماس، وضحية النهاية الطرفية للحرب الباردة.

 فالمأساة على دمويتها الفادحة مفيدة كالداء، حين يهاجم الجسم فيقاومه بضراوة، مفيدة من ناحية فشل إستراتيجية الفوضى الخلاقة، ومن ناحية أخرى تصفية أى فكرة تنتمى لما يسمى بالثورات الملونة.

فالنهاية كما نراها، صدام خشن بلا نهاية، وما دام هذا الصدام واقعا على أراض أوروبية، فإنه سينتهى سريعا، فأوروبا ليست العراق أو أفغانستان أو أى دولة أخرى، شاء حظها العاثر أن تتعاطى دواء الفوضى الخلاقة القاتل.

الأوروبيون شاهدوا اللاجئين والمهجرين الأوكرانيين وهم يغادرون مساكنهم إلى بلدان اللجوء، ولا شك أن ذلك ترك أثرا عميقا، وخشية من أن يصبحوا فى مكان هؤلاء اللاجئين.

بعض عقلاء أوروبا وحتى أمريكا اكتشفوا أنهم لا يرغبون فى حرب عظمى، تحصد أرواح  150 مليونا، كما جرى فى الحربين الأولى والثانية، وهذا تقدير بسيط، فالحرب فى ظلال الأسلحة النووية والبيولوجية قد تحصد المليارات، وما دام هؤلاء توصلوا إلى هذه النتيجة المرعبة، فإن القرار الشعبى العالمى صدر بحتمية إعدام الثورات الملونة، وتجريم خيال صناعها المجانين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: