Close ad

ثابت أمين عواد يكتب: طريق الاستدامة..«1-3»

19-3-2022 | 17:00

على مدى العامين الماضيين استطاعت "وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية"، أن تترجم النظريات والبيانات والأرقام والأفكار المجردة إلى واقع عملي تطبيقي، يحفز العديد من القطاعات والهيئات والمؤسسات والأفراد على محاكاة الواقع واستنباط حلول لتحديات المستقبل، يحدث ذلك بعد تراكم خبرات ومسارات التخطيط، منذ الستينيات، بدء من الخطط الخمسية إلى الإستراتيجية، ثم إلى خطط التنمية وتحديات استدامتها اليوم وغدًا.
 
فقد اعتمدت على مفهوم شامل وناجز لجوهر التنمية الحقيقي، سواء كانت تنمية اقتصادية، أو بيئية أو اجتماعية أو بشرية، هذا المفهوم يتبلور حول محرك التنمية وهدفها الحقيقي ومحورها وهو "الإنسان"، باعتباره الثروة الحقيقية للتقدم والرقي، فهو المؤشر لمدى امتلاكها الطاقات الماهرة والمدربة والقادرة على التكيف مع كافة المتغيرات.
 
ما فعلته اضطلعت به الوزارة، وما أطلقته من مشروعات ومبادرات، حققه كيان ينتمي لها هو «المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة»، بوضع 10 محاور تغطي التنمية المستدامة في محاورها الثلاث، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
 
في الماضي، كان المفهوم التقليدي للتخطيط يهتم بوضع الإستراتيجيات والخطوط العريضة لترجمة الرؤى والأهداف إلى أرقام وإحصائيات، وكانت المشاركات تتركز في القطاع الحكومي الرسمي ومؤسساته، أما اليوم فإن "التخطيط" يتصدر لعمليات ومبادرات حفز جهود الدولة نحو التنمية المستدامة للوصول إلى جودة الحياة للوطن والمواطن، وبات القطاع الخاص والمجتمع المدني مشاركين رئيسيين في جهود الوزارة وصولا إلى تحقيق التناسق والتكامل بين الخطط المركزية والإقليمية والمحلية.
 
الانطلاقة بدأت العام قبل الماضي، 2020، فقد شرعت في إعداد خطط التنمية المستدامة طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل، سعيًا للتكامل بين التنمية والمجتمع والبيئة وأصحابها المصريين في الداخل والخارج.
 
من بين المبادرات لنشر الوعي التنموي المستدام أطلقت مبادرة "كن سفيرًا" لإعداد سفراء للتنمية المستدامة، عبر 5 ركائز، تمثلت في الأقران، النوع الاجتماعي، دمج ذوي الهمم، استدامة المبادرة، التشبيك، بكل المحافظات، و24 جامعة حكومية وخاصة، وأعدت دليل تدريبي، وآخر لمصطلحات الحوكمة والتنمية المستدامة عبر موقع معهد الحوكمة الإلكتروني، وهي مستمرة في ظل الاستعداد ل “COP –27” لتمهيد طريق الاستدامة للتكامل والتنسيق والتعاون، وإعداد سفراء عبر دورات تأهيلية تطبيقية، وتأهيلهم لنشر فكر التنمية المستدامة في مجتماعاتهم، من خلال التدريب التطبيقي لأهداف التنمية المستدامة، في كافة المجالات، بهدف رفع مستوى الوعي بقضايا التنمية محليًا وعالميًا.
 
من أهم أسباب الإنجاز العمل بروح الفريق، وهو ما تطبقه "التخطيط"، فقد استعانت بخبرات وجهود وزارات "البيئة" و"الهجرة والمصريين في الخارج" و"التربية والتعليم"، وجهات وطنية أخرى، لإعداد وتأهيل "سفراء التنمية" الجدد، وتكاملت جهود هذه الوزارات لإنشاء طريق لاستدامة التنمية، بتدريب وتأهيل نخبة من الشباب عبر سلسلة من الدورات المتخصصة المكثفة على مدى عام ونصف العام، طبقت خلالها أساليب التدريب الراقي، وكانت الدفعة الاولى، مؤخرًا، تخريج 500 سفير للتنمية من بين نخبة الشباب الواعد.
 
عند البداية تقدم للمبادرة أكثر من 7 آلاف مرشح، وتم اختيار 500 شاب من بينهم، لتنتهز "وزارة البيئة" الفرصة لتطلب موافاتها بمشروعات السفراء وباقي المتقدمين للمباردة، باعتبارهم جادون ويسعون للتميز، لكي تختار منهم المناسب في مجالات بيئية متخصصة، إضافة دمج المفاهيم البيئية في المناهج التعليمية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، والاهتمام بالتحديات البيئية العالمية، كالتنوع البيولوجي وتغير المناخ والاستدامة البيئية، وتعاونت "البيئة" و"التخطيط" "والتعليم" في إدراج هذه المفاهيم داخل المناهج التعليمية، بتعريف الأطفال موضوعات تدوير المخلفات والتي تتناسب واهتماماتهم.
 
كما حملت "وزارة الهجرة والمصريين في الخارج"، مهمة اختيار وإعلان عضوين بمركز وزارة الهجرة للحوار لشباب الدارسين المصريين بالخارج "الولايات المتحدة وأستراليا"، باعتبارهم سفراء للمبادرة "الطريق إلى تغير المناخ cop 27-"، في ضوء الاستعداد لمؤتمر الأطراف لتغير المناخ نوفمبر القادم بشرم الشيخ، والاستعانة بالمزيد من الشباب بالخارج في الترويج لجهود الدولة خارجيًا.
 
ولأن الأطفال هم الفئة الأقل مسئولية عن تغير المناخ، في المقابل يتحملون العبء الأكبر لتأثيراته، وهم أيضًا الأكثر عرضة للأمراض التي تزداد انتشارًا نتيجةً لتغير المناخ، ويعانون من انعدام المساواة أمام الكبار، ونتيجة لتوقعات الأمم المتحدة، بنشوء جيل عالمي من الأطفال في عالم أكثر خطورة وتشوهًا نتيجة التدهور البيئي وتلوث الهواء، بادرت "التخطيط" بمبادرة "عقول خضراء..الطريق إلى مؤتمر المناخ “COP27" بهدف نشر ثقافة الاستدامة البيئية بين الأطفال تحت شعار "العقول الخضراء"، برعاية وزارتي التخطيط والبيئة، وتقوم المبادرة على تشجيع طلاب المدارس ليكونوا داعمين للبيئة في أوساطهم التعليمية والاجتماعية، وإنشاء أول منهج عربي شامل يتناول موضوعات الاستدامة وتغير المناخ، وتنفيذ أنشطة ومعسكرات للتعلم بالخبرة، بتدريب 1200 طالب من 5 مدارس بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية.
 
لاشك أن الحلقة المفقودة وسبب إخفاق الكثير من الجهود والمشروعات، يتمثل في غياب قيم المشاركة والتكامل والعمل بروح الفريق، وهو ما أدركته وشرعت فيه "التخطيط" مدركة أنه لا وقت لترف الذاتية والعمل في جزر منعزلة، فالجدية والتكامل والتشبيك هي أسس الطريق للوصول إلى الاستدامة، والاستدامة هنا ليست فقط إنجاح وحسن الإعداد وختام مؤتمر قمة الأطراف المقبل، بل هي أيضًا الإعداد لما بعد المؤتمر.. فهي ليست نهاية الجهود، بل هي البداية..
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة