بنظرة موضوعية لما شهده العالم ويشهده الآن من أعاصير سياسية وهزات اقتصادية عنيفة، وزلازل وبراكين شيطانية تم تفريخها وإخراجها وتنفيذها بأيد خفية لزعزعة استقرار وأمن الدول ونهب ثرواتها وخيراتها، نجد أن مصر بجمهوريتها الجديدة استعدت بإستراتيجية مصرية خالصة، أساسها التخطيط والتسلح بالعلم والعمل، وكأنها كانت تقرأ المستقبل السياسي والاقتصادي للعالم فتعرفت على طالعه المر وتأقلمت مع تقدمه السريع في مختلف المجريات وعلى كافة الأصعدة، لذلك نجحت الجمهورية الجديدة في مواجهة كل هذه العواصف والأعاصير بثبات وثقة، فهناك يد لم تتوقف يومًا عن البناء بعد أن استطاعت الأخرى مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار لننعم جميعًا بالأمان على شاطئ وطني آمن.
منذ أكثر من سبع سنوات.. وهنا أتحدث عن السبب الرئيسي من وجهة نظري الشخصية في نجاح الجمهورية الجديدة التي دشنها الرئيس السيسي، أن القيادة السياسية كانت لديها رؤية استباقية وخطة مستقبلية، وأجندة عمل محددة بتوقيتات زمنية في مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سخرت كل إمكانيات الدولة المصرية لتحقيقها وتحويلها إلى واقع نلمسه ونعيشه الآن على أرض الواقع في قناة سويس جديدة، عاصمة إدارية، طرق ومحاور مرورية جديدة، عشرات المدن الذكية، تأمين صحي شامل، مستشفيات مطورة مزودة بأجهزة حديثة، مزارع سمكية، استصلاح أراضٍ، تبطين ترع، طاقات جديدة ومتجددة، تحول رقمي، كل ذلك تحت جناح قوي يتمثل في جيش متسلحًا بكل ما هو جديد ومتطور لا يعتمد على دولة واحدة في التسليح حتى بدأت ترساناته العسكرية في الإنتاج والابتكار.
وعلي الصعيد الدولي حققت الجمهورية الجديدة مكانة دولية متميزة، وعلاقات متوازنة ومصالح مشتركة مع مختلف دول العالم، وأضحت دولة قوية وفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، ولم تعد تدور في فلك أي قوة عظمى، بل باتت محل أنظار العالم وبوابة إفريقيا والشرق الأوسط.. وصارت تمتلك قرارها ومصيرها بسياسات متوازنة وخطى محسوبة.
وكان من ثمار هذه الرؤية الاستباقية والقراءة الدقيقة والمستقبلية لما جرى وما يحدث في المستقبل من صراع عالمي حول الطاقة أن بادرت مصر بترسيم الحدود في البحر المتوسط وشرعت في إنتاج الغاز، وفي غضون سنوات قليلة تتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط، ناهيك عن التوسع في إقامة المحطات الكهربائية العملاقة، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وكانت النتيجة كما نراها الآن فائضًا في الطاقة يكفي لتشغيل آلاف المصانع، ويكفي أيضًا للتصدير.
وبفضل هذه الرؤية الاستباقية نجحت الجمهورية الجديدة في تخطي كافة الصعوبات التي واجهتها من إرهاب ومخططات خبيثة، ونجحت وباقتدار في مواجهة جائحة كورونا العالمية، وكلنا شاهدنا ما عانته الدول الكبرى من أزمات بسبب الجائحة، في الوقت الذي تمكنت فيه مصر من التصدي للجائحة ورصد 100 مليار جنيه لتوفير اللقاحات لمواطنيها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل حققت معدل نمو متقدمًا في ظل الجائحة.
ومن هنا يمكنني القول أن الجمهورية الجديدة كما نجحت في مواجهة الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا ستنجح في مواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، وستنجح في مواجهة أي أزمات مستقبلية لمختلف التحديات بسيناريوهات عديدة ومرنة للتعامل مع أي أزمة، أو بمعنى آخر ليس هناك مجال للخطأ، أو التعامل بالصدفة أو انتظار الأزمة ثم التعامل معها، كما كان يحدث في عقود سابقة.
وعلي الجانب الآخر، نجد أن الدول التي لم تكن لديها رؤية أو خطة وطنية مستقلة، تم وضعها ضمن خطط الآخرين وتقسيمها وتشريد شعوبها، وما حدث ويحدث في دول عربية شقيقة ليس ببعيد، يكفي أن أهل مصر ينعمون بقدر كبير من الخيرات التي أخرجتها أيديهم من أرض طيبة تزداد رقعتها الزراعية في صحراء امتدت لها يد التعمير، إلى جانب حفاظها على الرقعة الزراعية وتغليظ عقوبات التعدي عليها، في ظل وجود قيادة سياسية تؤمن بقدرة المصريين على صنع المعجزات.
ما يدور في العالم من غلاء الأسعار ليس بعيدًا عنا، كما أننا لا نغفل التأثيرات العالمية على أسواقنا المحلية، فكلها حلقات متصلة، ولكن القوي هو من يستطيع فك رموز هذه الألغاز العالمية بما يتوافق مع قدراته وإمكاناته على كل المستويات.. وهو ما دفعني أكثر من مرة للتأكيد على قدرة مصر في تجاوز مثل هذه العثرات العالمية.
[email protected]