الفيروس المدمر لا يزال داجنى ولم ينتقل من إنسان لآخر
تعاون أجهزة الدولة طوق النجاة الوحيد.. وجهود الدولة منعت انتقال الوباء للبشر
تمثل الهيئة العامة للخدمات البيطرية، رأس الحربة فى مكافحة الدولة للأمراض ذات الأصل الحيواني، خاصة مرض إنفلونزا الطيور الذى سبب خسائر بالمليارات على مدار الـ 15 سنة الأخيرة منذ ظهوره بضراوة فى 2006.
حول النجاحات التى تمت فى هذا المجال، وللإجابة عن كثير من الأسئلة الهامة، التقت «الأهرام التعاوني» بالدكتور جهاد صلاح محمد مدير عام الإدارة العامة لأوبئة وأمراض الدواجن بالهيئة، وكان هذا الحوار..
ما أخطر الأمراض والأوبئة التى تهاجم القطاع الداجنى فى مصر؟
بشكل سريع مشكلة الأمراض والأوبئة التى تهاجم القطاع الداجنى فى مصر أخطرها فى الأمراض الفيروسية، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك فهناك الفطريات وسمومها وهى خطر لا يفكر فيه الكثيرون.
وهل لها تأثيرات ضارية على قطعان الدواجن؟
بالطبع وتأثيرها خطير فى النافق ومعدلات النمو وصحة الطائر أو الحيوان.. وكذلك هناك خطر البكتيريا فلدينا أنواع منها كالسلمونيلا وغيرها وهى تسبب الكثير من المخاطر للطائر والإنسان أيضا. فهناك مثلا الميتوبلازما وهى بكتيريا خطيرة تؤثر على النمو وتسبب مشكلات نفسية وغيرها لكن الفيروسات هى من تأخذ الإهتمام الأكبر.
إذن ما أخطر الأمراض الفيروسية؟
إنفلونزا الطيور هى أخطر الأمراض الفيروسية وهناك أمراض أخرى تحظى بالخطورة كالنيوكاسيل والجامبور والـIB وهى أمراض ينتج عنها خسائر كبيرة.
وما واقع الإنفلونزا حالياً فى مصر؟
الواقع حالياً بالأرقام أفضل من السنوات الماضية ونحن نقوم كدولة ووزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية بجهود كثيرة للتصدى لها.
متى كانت الإصابة الأسوأ على مصر؟
أسوأ عام مر علينا فى خسائر إنفلونزا الطيور كان موسم 2014-2015 وكانت العترة السائدة آنذاك H5N1 وكان لها طور خطير على الإنسان ليس فى مصر فقط بل على مستوى العالم.
ما الذى حدث آنذاك؟
عانينا فى بلادنا منذ إنطلاق إنفلونزا الطيور عام 2006 وحتى ذاك العام 2014-2015 من ارتفاع الإصابات والوفيات بها حتى أن منظمة الصحة الحيوانية WHOوغيرها أرسلت وفوداً لبحث الأمر بعد الخسائر البشرية فزاروا محافظة المنيا ومحافظات أخرى فقد جعلت هذه الوفيات مصر على قمة الدول التى حدث بها إصابات بشرية حتى الآن.
لكن بحمد لله ونتيجة ما نُفِذ من مجهودات لم تحدث لدينا خلال الأربع سنوات الماضيه أيه وفيات لكن الخسائر السابقة التى تعدت 300 وفاه لازالت تضعنا فى القمه وأؤكد بفضل الله نجحنا فى السيطرة على هذا الخطر.
وما دور الهيئة العامة للخدمات البيطرية بهذه السيطرة؟
قامت الهيئة ومن خلال اللجان البيطرية بتطهير الأماكن التى شهدت إصابات وقدمنا الإرشادات المستمره وقمنا بتحصين الطيور والسيطره على بؤر الإصابة.
وما الحال عندما ظهرت عترات أخرى؟
مع ظهور عترات أخرى مثل H5N8 ورغم أنها خطيرة على الدواجن والطيور بشكل عام إلا أنها خطورتها على الإنسان كانت أقل وبحمد لله لم تشهد الفترة الأخيرة إصابات بشرية نتيجة جهود الهيئة والمديريات والجهات المتعاونة الأخرى كمعمل الرقابة والبيئة ووزارة الصحة.
هل يمكن التخوف من أن تصبح إنفلونزا الطيور مرضا بشريا؟
ما زالت إنفلونزا الطيور مرضا غير بشرى فى المقام الأول فلم ينتقل من إنسان لإنسان ولذا يظل الطب البيطرى هو المسئول الأول عن المقاومة ضد هذا الخطر بوصفه مرضا داجنيا.
وما العترات الموجودة بمصر؟
العترات الموجوده فى مصر أربعه منها 3 شديدة الضراوة وهي H5N1 التى ظهرت سنة 2006 ثم بعد ذلك ظهرت العترة H5N8 وهذه ظهرت فى 2016 وهناك H9N2 وهى ضعيفة الضراوة وظهرت فى 2011 ثم أخيرًا اكتشاف العترة H5N2 فى مزرعة واحدة وبحمد لله لم تظهر سوى مره أخرى أو مرتين متباعدتين.
ما أهم المعوقات التى تواجه الطب البيطرى فى هذا الجانب؟
من أهم المعوقات التى تواجهنا فى مواجهة إنفلونزا الطيور هو أولا عدم تنفيذ القانون 70 لسنة 2006.
فهذا القانون كان المقصود به تنظيم وليس منع تداول الطيور الحيَّه ومنتجاتها وضبط نقل الطيور وخروجها من المزرعة بعد الفحص والتأكد من خلوها من الإنفلونزا وخلافه وللأسف لم يُفَعَل القانون لأسباب كثيره منها الفتره بعد 2010 وماحدث من أحداث على مستوى البلد فحدث تراجع عما تم تنفيذه بل وعدنا أكثر من الأول.
وماذا عن باقى التحديات؟
البند الثانى أن التنفيذ يحتاج لتضافر جهود عدة جهات للتنفيذ فلسنا فى الطب البيطرى أو حتى أطباء الكليات من سيخرج للرقابة ومنع السيارات المحملة فى بالدواجن الحيَّه ومساءلة سائقيها هل لديه تصريح أو لا أو نستجوبه هل تمت عمليات الفحص للدواجن من عدمه فنحن دورنا المتابعة قدر الإمكان للمزارع عبر الوحدات البيطرية.
وما الحل؟
تأتى المشكلة الأكبر فى سوء الوعى عند المواطنين والذى يمثل مشكلة فللأسف المربى لديه عقيدة «أنا ومن بعدى الطوفان» فما دامت دواجن حية لا يتجه للطب البيطري. وعندما تحدث المشكلة أول ما يفكر به هو التوجه لجهة يُحَمِلها المسؤوليةوتم الكشف أن البعض يبيع دواجنه المريضة فى المحلات بل وصلت لأنه ثبت أن بعض المربين يبيعون النافق للشوايات.
هل لسير الدواجن المريضة على الطرقات خطر على المزارع حولها؟
المشكلة الأكبر عند نقل الدواجن والسير بها فى الطرقات أو السبله التى تتطاير فى الهواء هى بهذا تنشر المرض وتلك عقلية المربى.
حتى التربية المنزلية خطر حقيقى ويجب تغيير تفكير المواطنين بشأنها وبهذا الصدد أؤكد نقطه هامة وهى أنه خلال الفترة الأخيرة حدث تعاون كبير بين كل الجهات المعنية التى كانت فى السابق تعمل منفردا ومؤخراً عقدنا إجتماعا بمركز مكافحة الأمراض الوافدة والمتوطنة بجامعة القاهرة الذى يرأسه الدكتور محمد شكل وحضرته نخبة من العلماء ممثلين لمنظمة الفاو والمعمل والكلية والعديد من الجهات المعنية حيث يسعى الجميع للوصول بصناعات الدواجن لبر الأمان وتنتهى تلك الجهود بالخير ان شاء الله الفتره القادمة.
كيف ترى كثرة الشكاوى من التحصينات وأنه تحدث إصابات؟
التحصينات ليس هى كل الحلو هذا ما يقوله أى طبيب بيطرى أو أستاذنا جامعى وهذا ما قرروه أيضاً فى أوروبا مثلا التى لاتقدم تحصينات إلا نادراً فعترات الإنفلونزا كثيرة ويحدث لها تحورات وحرصهم الأكبر على الأمان الحيوى.
وهل يمكن أن تحمل التحورات خطراً أكبر من العترة الرئيسية؟
أذكر أنه فى إيطاليا مثلاً ظهرت العترة H3N2 وكانت فى البداية ضعيفة ثم فجأه تحولت شديدة الضراوة وقضت على ملايين الطيور ولم يكن لها خطورة على الإنسان مثل H7أو H5 لكنها سببت مشاكل أى أن الفيروس يمكن أن يتحول إلى شديد الخطورة؛ فالفيروس مثلما نحاربه هو أيضا يحاربنا ويدافع عن نفسه وبقاؤه.
وفى وقت من الأوقات أخذنا بالتحصين المكثف وفوجئنا أن H1N5 حدث بها نوع من التحول الفيروسى لأن الفيروس عندما تهاجمه يحاول حماية نفسه بالتحور ويغير شكله بأى صوره.
ما مراحل التحصينات النموذجية؟
التحصين لدينا ثلاث نقاط أولها تحصين الحضانات التى توزع الكتاكيت على المربيين خاصة التربية المنزلية كالبط ثم يأتى التحصين الثانى وهو تحصين المكان الذى به البؤر المصابة بالإنفلونزا وثالثهم حول تلك البؤر بشكل دائرى.
هل كل التحصينات يتم الرقابة عليها؟
بالطبع خاصة الذى يكون تحت إشراف الهيئة أما المتوافر لدى شركات الإنتاج الداجنى القادم من شركات مصرية أو مستوردين فهى أيضا تخضع للتحليل بمعمل الرقابة وعليها موافقات من خلال اللجنة البيولوجية فى الهيئة ويتم إختبارها ضد الفيروسات المستهدفة والعترات الموجودة لدينا للتأكد من مدى قدرتها على التصدى لها من عدمه.
وهذه اللقاحات يشتريها القطاع الخاص فالتحصين بالمزارع أمر شخصى وكل مربى مسئول عن تحصين قطيعة ومن يلجأ لنا من أجل النصيحة لا نتأخر.
وكمسئول عن القطاع أقول أن التحصينات الموجودة فى مصر قوية وقادرة على التصدى للفيروسات ونقوم عليها بكل الاختبارات لكنى أرجع لأقول أن العترة لأى مرض فيروسى وبكتيرى يكون التصدى الأمثل لها عندما تأتى بلقاح مصنع من العترة المحلية لأنه تم تصنيعه من صفاتها وتركيبتها الجينية وهناك فى مصر أماكن مميزة ينتجون بها لقاحات من العترة المحلية منها معهد المصل واللقاح وشركة ميفاك وشركة فاكس فالي.
وهناك شرط أن أى لقاح يدخل مصر هو أن يكون مطابق للعترة التى تم عزلها مؤخرا فى مصر وهو ما يسمى التحديث ويجرى على اللقاح إختبارات التحدى والنقاوة وغيرها بمعمل إنتاج اللقاحات فى معهد بحوث صحة الحيوان ومعمل الرقابة على الإنتاج الداجنى وهما من يحددان أى العترات السائده لدينا.
من وجهة نظركم كيف نتصدى لهذا المرض الذى فتك بآلاف المربين وقطعانهم؟
للتصدى لإنفلونزا الطيور أرى تحقيق المزيد من التعاون بين الجهات المعنية سواء الحكومية والخاصة بأشكالها من اتحاد ومعامل وأطباء بيطريين خاصة أصحاب المعامل الخاصة فعليهم إبلاغ الهيئة حول بؤر الإصابات التى يتم اكتشافها حيث للأسف تم رصد عدد من المعامل يخشون الإبلاغ عن مناطق الإصابة التى يتم تحليل عينات منها خشيَّه خسارة زبائنهم وكذلك تعاون المحليات والشرطة إضافة للصحة والزراعة الذين يعملون معنا لكن الشرطة نريد منها دور أكبر معنا فى السيطرة على المزارع والسيارات التى تجوب الطرق والقرى دون فحص وتحليل وألا لن نستطيع تحقيق السيطرة على حركه الطيور فى الشرطة وحدها القادرة على تنفيذ القانون 70.
فأنا كطبيب بيطرى أو هيئه دورنا فقط أن نقف معهم فى الكمائن لتحديد مدى إصابة الطيور التى يوقفوها على السيارات بالطرق وهل هى سليمة من عدمه لكن الطبيب البيطرى لن يوقف وحده سيارة طيور بل ضابط الشرطة الذى سيسأل السائق على التصريح وهم يعرفونه تماماً.
وماذا عن أساليب التوعية؟
وإن كنا نشيد بجريدتكم الأهرام التعاونى التى تعمل منذ سنوات لإلقاء الضوء على مشكلات القطاع لكننا فى ذات الوقت ندين بشدة الإعلام بشكل عام لتقصيره ونطالبه للقيام بدور أكبر فى هذا الصدد وأن يكون لوسائله دور توعوى فيما يقدمون.
فقد شاهدت أحد البرامج التلفزيونية فى رمضان يقدم برنامج فوازير وتقدم المذيعة الجائزة عبارة عن دجاجة حية فى قفص وهذا خطأ كبير فكيف تطالبون وقف تداول الطيور الحية ونرى هذا المشهد على الفضائيات!!! كما شاهدت إعلان لشركة محمول يقدم فيه عمال يرقصون فى مزرعة بط !!. فالبط كارثة الكوارث فى إنفلونزا الطيور لأنه لا تظهر عليه الأعراض رغم أنه يمكن أن يكون حاملا للفيروس ولذا نسميه بخزان إنفلونزا الطيور.
فالإعلام يجب أن يكون له دور وقد سبق لنا إعداد فيلم رائع مع الفاو حول إنفلونزا الطيور لكن لا نستطيع تقديمه إلا عبر قناة مصر الزراعية التابعة للوزارة فأين باقى القنوات فبدون وعى لن تستطيع تقديم شيء.