التجربة التي شهدها حزب الوفد قبل أيام، تستحق الإشادة والتقدير. فقد تحققت إرادة الوفديين في التغيير المطلوب واستطاعوا تغيير أعلى منصب قيادي في الحزب احتكاما للصندوق، دون أن تكون هناك أي تصرفات خارجة عن هذه الإرادة، أو أن تعكر صفو سير العملية الانتخابية.
إشادة أخري تستحق التقدير، تتلخص في موقف الدولة المصرية من تلك الانتخابات، التي اعتبرتها انتخابات داخلية بحتة تخص أعضاء الحزب وحدهم، وأن تقدم أي مرشح على المرشح الآخر، هو إرادة خالصة لجموع الوفديين، وهي صورة من صور دولة 30 يونيو التي تقف دوما على الحياد، وتدعم الممارسة الصحيحة، وصالح الحياة السياسية المصرية.
الانتخابات جرت في جو ديمقراطي حقيقي تحت إشراف قضائي كامل، ربما تكون قد شهدت بعض الانفعالات كسمة أي حراك سياسي، إلا أنها تميزت بالحيدة الشديدة والشفافية، وهو انعكس على الفارق البسيط في عدد الأصوات بين المرشحين. فقد حصل المستشار بهاء أبو شقة على 1548 صوتا، والدكتور عبد السند يمامة 1668 صوتا، وهو ما يعني أن الرئيس الجديد لحزب الوفد فاز بأصوات تتجاوز المائة صوت بقليل.
عرفت الدكتور عبد السند يمامة الرئيس الجديد لحزب الوفد عن قرب أثناء توليه منصب رئيس معهد الدراسات السياسية بالوفد، ولمست فيه الغيرة الوطنية على مصر، وتطلعه دوماً إلى تقديم رؤى جديدة تخدم الوطن. هو أستاذ أكاديمي تخصصه القانون، ويرى أن أي تصرف، لابد وأن يكون نابعًا من روح القانون. هو بطبيعته هادئ يقيم الأمور ويدرسها جيداً قبل اتخاذ أي قرار، وهي سمة مهمة في العمل السياسي، وربما ذلك ما أنعكس على تصريحاته الأولى، عقب الفوز حينما أكد أنه قد طوى صفحة في الوفد وبدأ صفحة جديدة أول سطر فيها عودة حزب الوفد إلى مجده وقدرته على التفاعل بإيجابية.
رئيس الوفد الجديد قدم وعداً بالعمل والإخلاص مع الوفديين لتحقيق الأهداف والبرامج بعودة الوفد وحضوره الجماهيري.
عقب عودة الحياة السياسية مرة أخرى في نهاية عصر الرئيس السادات، عاد الوفد مرة أخرى إلى المشهد السياسي، وما لبث أن قام بتجميد نشاطه حتى عام 1984.
وخلال العقود الأربعة الماضية، كان الوفد حاضراً في العملية السياسية وفق ما أتيح له خلال عصر مبارك، وكان له دور كبير في ثورة 25 يناير، ثم ثورة 30 يونيو المجيدة حينما أعلن صراحة رفضه لفاشية الجماعة واستمرارها في حكم مصر.
في ظل الجمهورية الجديدة، مطلوب من حزب الوفد أن يكون حزبا عصرياً قوياً، لا يستند إلى تاريخ فقط، حزباً قادراً على الوجود في الشارع وفق خطاب سياسي متزن، والحضور بين قضايا الناس، يناقش ويحلل ويقدم رؤية شاملة لما يحدث على أرض الوطن، تكون عوناً للدولة المصرية على اتخاذ القرارات.
مطلوب من حزب الوفد أن يكون لديه مؤسسات قوية ولجان نوعية، قادرة على أن تقدم رؤية كاملة، تتماشى مع رؤية مصر 2030 بكل ما فيها.
الوفد هو جزء أصيل من الحركة الوطنية المصرية، واستمراره هو استمرار لتاريخ ونضال المصريين.
[email protected]