Close ad

نجلاء محفوظ تكتب: ربة البيت والعنف النسائي

12-3-2022 | 08:52

سألت مذيعة لاعب كرة مشهور عن عمل زوجته؛ فرد بأنها متفرغة لرعاية الأبناء، فبالغت بالاستغراب، وأكدت بيقين "غريب" أن زوجته لن تكتفي بذلك مستقبلا وستقوم بمشروعات وأنشطة اجتماعية..
 
نرى أنها مارست -كغيرها- العنف النسائي الموجه ضد من "تختار" التفرغ للأمومة وللاهتمام ببيتها بعد الزواج؛ وتزايدت حدته بصورة غير مسبوقة وكريهة..
 
فنجد عشرات المذيعات على الفضائيات اللاتي "يصرخن" بضرورة ألا تضيع حواء حياتها برعاية أولاد زوجها!! وكأنهم ليسوا أولادها أيضا ويطالبنها ببناء عالمها "الخاص" بعيدا عن أسرتها وتحقيق مكانتها بعملها.
 
الأسوأ تبرير ذلك الادعاء الكذاب بأن من تتفرغ لأولادها لن تلقى التقدير المناسب منهم ولن يردوا الجميل لها!! وستتراجع بكل أمور حياتها وستتدهور قدراتها تدريجيا ولن تتطور بعكس المرأة العاملة!!
 
المؤكد أن الأم ليست أجيرة عند أولادها ولا تنتظر منهم رد الجميل؛ فهي لم ترد الجميل لوالديها والأمومة والأبوة دور هام بالحياة؛ لمن يختاره، ولا يحق له التنصل من مسئولياته.
 
نرفض "أكذوبة" أن حواء العاملة وحدها التي تهتم بعقلها وبمظهرها وبرشاقتها؛ فالواقع يكذبه؛ فمن تريد زيادة رصيدها من كل ذلك ستفعله والعكس صحيح.
 
زاد الطين بلة قيام بعض المسلسلات التليفزيونية "بشراسة" الإساءة لربات البيوت وممارسة العنف النفسي عليهن وتصويرهن وكأنهن منكسرات لا يملكن من أمورهن شيئًا ومن "تتمرد" على وظيفتها كأم وتطلب الطلاق وتعمل؛ تعيش سعيدة وكأنها "تحررت" من سجن بغيض.
تضاعفت على وسائل التواصل المنشورات من سيدات "تزعمن" أنهن تريدن المطالبة بحقوق المرأة؛ وإذا بهن يتعمدن التسفيه من دور ربة البيت ويتجاهلن أن ألف باء احترام أي إنسان بالكون يبدأ باحترام "حقه" بالاختيار وبترتيب أولوياته، وأنهن بهذا العنف السخيف والمرفوض يضعن أنفسهن بموضع الوصاية على "كل" حواء ليقررن بالنيابة عنها ما يجب عليها فعله بحياتها.
 
ما كنا لنهتم بهذه الأصوات الحادة والعنيفة إلا أننا لاحظنا -مع الأسف- أن بعض ربات البيوت تأثرن سلبيا ويدافعن "بألم" عن عدم خروجهن للعمل؛ فقد قابلت أكثر من سيدة بذلن جهدا كبيرا وغير مبرر "للدفاع" عن أنفسهن لأنهن لا يعملن!!
 
إحداهن قالت "بمرارة" أوجعتني: كنت ذكية جدا ومتفوقة طيلة عمري "ولكنني" تفرغت للبيت بعد الزواج!!
 
قلت لها: "واصلي" ذكاءك واعتزي بقرارك؛ فابتسمت وأنارت الابتسامة وجهها.
 
أخري قالت: بعد تركي للعمل تعرضت لكلام جارح من الكثيرات ولم أستطع الرد وانعزلت بعيدا..
 
قلت: الخطأ في "سماحك" لهن بالتطفل على حياتك، ألست سعيدة بقرارك؟
 
ردت: جدا وعلاقتي بأولادي تحسنت وأصبحت أفضل صحيًا ونفسيًا؛ حاولت إفهامهن ذلك "ولم يقبلن" واتهمنني بالسلبية.
 
اعترضت: ولماذا تحاولين تبرير قرارك؟ من لا يحترم اختياراتك لا يستحق الرد عليه.
 
أخرى قالت بانكسار أنها لم تستطع التوازن بين عملها وبيتها فتركت العمل.
 
تألمت وقلت لها: لكل حواء الحرية التامة لتعمل أو لا؛ وليس من حق أي أحد سؤالها عن ذلك، ومن حقها الاعتزاز بنفسها ومن واجبها على نفسها ألا تقارن نفسها بالأخريات؛ فتهتم فقط بتحسين حياتها لتسعد وترضى، وليس لتنال إعجاب الآخرين أو رضاهم.
 
تضاعف التحريض على الأبناء والزوج أيضا؛ فنجد من تقول إن المرأة التي لا تعمل وليس لديها مصدر للدخل كالدولة "المُحتلة" بلا سيادة تابعة دائمًا وقراراتها ليست لها وتابعة وكيانها مرهون بوجود المحتل على أرضيها!!
 
والمثير للسخرية أن هؤلاء "الصارخات" المحرضات على الأسرة يطالبن حواء بتحمل كل الصعوبات للنجاح بالعمل والتمتع بالكياسة للتعامل مع المضايقات والنحت بالصخر..
 
وفي الأسرة يطالبن حواء بعدم تحمل المشاكل وبتحدي الرجل وفرض سيطرتها عليه وإلقاء كل المسئوليات عليه!!
 
الثابت أن من يختار السير للخلف سيتعثر حتمًا وسيجهد نفسه بلا مقابل يستحق ذلك؛ ونقصد بذلك كل من يسير خلف الفطرة؛ خلق الرحمن حواء لتكون سكنًا وليس لتكون "عاصفة" تؤذي نفسها قبل أن تؤذي أولادها وزوجها.
 
"العيار اللي ما يصيبش يدوش" مثل عامي رائع؛ لذا ننبه بكل الود والاحترام والتقدير كل ربة بيت بضرورة وضع فلاتر نفسية تمنع امتصاصها لكل غبارات العنف النسائي نحوها وتذكر المثل الرائع: "الزن على الودان اقوى من السحر" ونضيف إليه؛ فقط لمن يرغب بالاستماع لمواصلة الزن.
 
فلتنزهي عقلك وقلبك قبل عينيك وأذنيك عن رؤية أو الاستماع لمن يحاولن التقليل من مهمتك الرائعة لتربية أبنائك وارفعي رأسك بفرح وبرضا وتنفسي الثقة بالنفس؛ ولا تسمحي لهن أبدًا "باستدراجك" للدفاع عن نفسك؛ فلست متهمة بأي حال من الأحوال..
 
فمن حقك -وحدك- اختيار ما يلائمك وبامكانك شغل أوقات فراغك بما يسعدك ويفيدك وممارسة هواياتك وتطوير مهاراتك وممارسة الرياضة البدنية للتخلص من التوتر الذي يحاصرنا جميعا ولتحسين المزاج ولزيادة الحركة والاهتمام بجمالك ورشاقتك وجعل كل يوم أفضل مما يسبقه لك ولأولادك؛ ليس لتثبتي لأحد أنك أفضل من حواء العاملة، ولكن لأنك تستحقين ولا تهدري ثانية بالتوقف أو التفكير بهؤلاء "القاسيات" المتنمرات فهن كالدخان نسارع بإغلاق النوافذ لمنع تسربه للداخل واسعدي نفسك وضاعفي عطورك الخاصة..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة