Close ad

وسط مخاوف من قطع الإمدادات الروسية.. الغاز مفتاح الصراع

8-3-2022 | 22:55
وسط مخاوف من قطع الإمدادات الروسية الغاز مفتاح الصراعصورة أرشيفية
ميرفت فهد
الأهرام العربي نقلاً عن

نورد ستريم 2 خط أنابيب بطول 1200 كيلومتر تحت بحر البلطيق  ينقل الغاز من الساحل الروسى إلى ألمانيا

موضوعات مقترحة

الغاز الطبيعى هو مفتاح الصراع بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذى أدى إلى صدمة فى الأسواق المالية، وعمق المخاوف بشأن توقف إمدادات الغاز.
لماذا يعتبر الغاز الطبيعى مهما لهذه الأزمة؟ باختصار، تعتمد العديد من الدول فى أوروبا على روسيا فى استيراد الغاز الطبيعى، وبدرجة أقل، النفط على رأسها ألمانيا، أكبر اقتصاد فى أوروبا، والحليف الرئيسى للولايات المتحدة الأمريكية، والشريك المهم فى المفاوضات حول أوكرانيا.

لا يوجد بلد يشترى غازا طبيعيا من روسيا، أكثر من ألمانيا، التى تعتمد على الوقود للمساعدة فى تدفئة المنازل فى الشتاء، وتشغيل المصانع.
وفى خطوة مهمة، قال المستشار الألمانى أولاف شولتز، إن الحكومة أرجأت التصديق على خط أنابيب الغاز، نورد ستريم 2 من روسيا مضيفاً: إنه يريد  إرسال إشارة واضحة إلى موسكو، بأن مثل هذه الإجراءات لن تستمر دون عواقب، وقد تبع ذلك فرض الرئيس بايدن، عقوبات على الشركة التى تبنى خط الأنابيب، بين روسيا وألمانيا.
ونورد ستريم 2، هو خط أنابيب بطول 1200، كيلومتر تحت بحر البلطيق، وسينقل الغاز من الساحل الروسى، بالقرب من سانت بطرسبرج، إلى لوبمين فى ألمانيا، وتكلف 10 مليارات يورو (8.4 مليار جنيه إسترلينى)، واكتمل فى سبتمبر الماضى.
دفعت شركة الطاقة الروسية العملاقة، المملوكة للدولة غازبروم، نصف التكلفة، وتدفع شركات الطاقة الغربية، مثل شل وإنجى الفرنسية الباقى. ويعمل نورد ستريم 2 بالتوازى مع خط أنابيب الغاز الحالى، نورد ستريم، الذى يعمل منذ عام 2011، ويمكن أن ينقل هذان الخطان معا 110 مليارات متر مكعب، من الغاز إلى أوروبا كل عام.
وهذا يمثل أكثر من ربع إجمالى الغاز، الذى تستخدمه دول الاتحاد الأوروبى سنويا، ولا يحتوى خط الأنابيب على ترخيص تشغيل، حتى الآن، وقد علقت ألمانيا ذلك الآن، وقد اتخذت هذه الخطوة بعد أن اعترفت روسيا رسميا بمنطقتين انفصاليتين، فى شرق أوكرانيا، وأرسلت قوات إلى هناك.
وتعارض كل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، إلى جانب جيران روسيا، بولندا وأوكرانيا، بشدة نورد ستريم 2، إنهم يخشون أنه إذا بدأوا العمل، فسوف يمنح ذلك روسيا سيطرة أكبر، على إمدادات الغاز إلى أوروبا.
وقد وصف الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، نورد ستريم 2، بأنه "سلاح سياسى خطير"، وقال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، إن أوروبا بحاجة إلى "قطع التغذية بالتنقيط فى مجرى الدم من نورد ستريم".
ومن الجدير بالذكر، أنه فى عام 2006، أوقفت روسيا إمدادات الغاز التى تمر عبر أوكرانيا، بسبب خلاف مالى بين البلدين، تسبب فى نقص حاد فى الطاقة، خلال فصل الشتاء فى وسط وشرق أوروبا، وقد حاولت الولايات المتحدة منع نورد ستريم 2 من قبل، من خلال فرض عقوبات على الشركات المشاركة فى المشروع، ومع ذلك، فقد استهدفت الشركات الروسية فقط، وليس الشركات الألمانية خوفا من الإضرار بالعلاقات الدبلوماسية مع برلين.
وتحرص روسيا على زيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا، من حقولها الشاسعة فى غرب البلاد، إنها تريد خط أنابيب تحت البحر إلى أوروبا، بدلا من الاعتماد على خطوط الأنابيب الأرضية، التى تمر عبر بولندا وأوكرانيا. شبكات خطوط الأنابيب هذه متقادمة وغير فاعلة، إلى جانب ذلك، تفرض بولندا وأوكرانيا رسوم عبور عالية.
قبل أزمة أوكرانيا، بذلت أنجيلا ميركل، الكثير لمحاولة المضى قدما فى نورد ستريم 2، وتستورد ألمانيا بالفعل 35٪، من الغاز الذى تحتاجه من روسيا، وتعتقد أن نورد ستريم 2، سيكون وسيلة لتوصيل المزيد من الغاز الروسى مباشرة إلى ألمانيا.
وحتى قبل الإجراء الأخير لألمانيا، كان المشروع لا يزال يواجه عقبة قانونية كبيرة، ومن غير المرجح ألا يسلم أى غاز قبل صيف عام 2022.
كانت الجهة التنظيمية الألمانية، قد رفضت بالفعل منحها رخصة تشغيل، لأن شركة غازبروم الروسية، تمتلك حصة 50٪، فى خط أنابيب نورد ستريم 2، وكل الغاز الذى يمر عبره، وتقول ألمانيا إن هذا يمنح روسيا سيطرة كبيرة على الإمدادات، وتريد نقل ملكية خط الأنابيب إلى شركة أخرى.

أوروبا والغاز
أكثر من 38٪ من الغاز الطبيعى، الذى استخدمه أعضاء الاتحاد الأوروبى فى عام 2020، تم استيراده من روسيا، وذلك وفقا لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبى يوروستات.
وفى جميع أنحاء أوروبا، يختلف الاعتماد على الغاز الروسى بشكل كبير من دولة إلى أخرى، يشترى البعض القليل جدا من الغاز الروسى مثل المملكة المتحدة، أو يستخدمون كميات منخفضة من الغاز الطبيعى تماما مثل السويد، لكن دولا أخرى  - خصوصا فى وسط وشرق أوروبا، بما فى ذلك الدول التى كانت جزءا من الكتلة السوفيتية - تعتمد بنسبة 100٪، أو قريبة منها على روسيا، للحصول على احتياجات كبيرة من الغاز الطبيعى.
وخلال أزمة الطاقة فى أوروبا الخريف الماضى، أعادت روسيا صادراتها إلى أوروبا، مما ساعد على تفاقم انخفاض المخزونات، وارتفاع الطلب الذى أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة.
وتاريخيا، فإن الكثير من دول أوروبا، يعتمد بشكل كبير على الفحم لتوليد الطاقة والتدفئة، أصبحت تضاعف توليد الطاقة المتجددة، أكثر من الضعف منذ عام 2004، بما وصل إلى 22٪، من الإنتاج النهائى للطاقة فى عام 2020، مما جعل هذه الدول تعتمد على روسيا فى نحو 40٪ من إمداداتها من الغاز الطبيعى، وعلى الرغم من توسع الطاقة المتجددة على مدى العقدين الماضيين، فإن هذا الاعتماد يتزايد مع تحول الدول إلى الغاز، بعيدا عن الفحم الملوث.
بالإضافة إلى ذلك، انخفضت الحصة المولدة من الطاقة النووية، من نحو ثلث كهرباء الاتحاد الأوروبى، فى عام 1995، إلى نحو الربع اليوم، وألمانيا معرضة للخطر بشكل خاص، حيث أغلقت جميع محطات الطاقة النووية تقريبا، وتهدف إلى القضاء على الفحم بحلول عام 2030.
وبعد الحادث الذى وقع، فى محطة فوكوشيما للطاقة النووية اليابانية، فى عام 2011، أعلنت المستشارة الألمانية، آنذاك أنجيلا ميركل، عن تحول فى الطاقة من شأنه أن يؤدى، إلى إغلاق جميع المفاعلات فى البلاد.
كل ذلك أدى هذا إلى زيادة حاجة ألمانيا إلى الغاز، وهناك تحركات مماثلة للابتعاد عن الفحم ونحو انبعاثات أقل فى بلدان أخرى، بما فى ذلك المملكة المتحدة، التى على الرغم من إنتاج غاز بحر الشمال، أصبحت مستوردا كاملا للغاز، زادت من التبعية.

قطع مفاجئ
من غير المرجح، حدوث قطع مفاجئ وكامل للغاز الروسى عن أوروبا، لكن إذا حدث ذلك، يحذر الخبراء من أنه سيكون مؤلما، هناك خيار آخر متاح لروسيا، يتمثل فى قطع صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب فى أوكرانيا، وهى خطوة من شأنها أن تؤثر بشكل ملحوظ على ألمانيا. (اعتماد ألمانيا على خطوط الأنابيب، التى تتخذ من أوكرانيا مقرا لها، هو جزء من سبب اهتمامها بشبكة نورد ستريم 2).
ومع تأثر العرض بشكل كبير، من المرجح أن ترتفع أسعار الطاقة المرتفعة بالفعل فى أوروبا، ويقول المحللون انه قد يكون الآن وقت مناسب لبوتين  لقطع الإمدادات: حيث تحتفظ روسيا باحتياطيات من العملات تبلغ 630 مليار دولار، مما يعنى أنه من المحتمل أن تتحمل عائدات على المدى القصير، وفى الوقت نفسه، فإن أسعار الغاز والنفط مرتفعة للغاية، لذا فإن القطع سيضر بشكل خطير، بخزائن الدول الأوروبية التى تتدافع لتغطية النقص.

لكن مثلما تعتمد أوروبا على روسيا فى الحصول على الغاز، تعتمد روسيا أيضا على أوروبا فى تحقيق الإيرادات، إذ تشترى أوروبا ما يقرب من ثلاثة أرباع الغاز الروسى.
ومع ارتفاع أسعار الغاز، ارتفعت مبيعات الغاز الطبيعى فى روسيا إلى أكثر من 60 مليار دولار، فى عام 2021، أكبر شركة للغاز فى البلاد، غازبروم، مملوكة بشكل كبير للدولة، وتشكل عائدات المبيعات جزءا كبيرا من الميزانية الفيدرالية لروسيا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة