على مدى سنوات كثيرة اعتاد الناسُ مشاهدة كم كبير ومتنوع؛ لإعلانات غريبة؛ بقصد شفاء الناس من أمراض مستعصية؛ تحدثنا عنها سابقًا؛ وقد طالبنا مرارًا وتكرارًا؛ بمراجعة المعلنين عنها؛ حفاظًا على صحة الناس؛ التي تعتقد أن إذاعتها تعني صلاحيتها.
وفي هذا الصدد يمكن التحدث بأريحية شديدة؛ فعدد الإعلانات التي تُبث يوميًا على عشرات الفضائيات كبير جدًا؛ وتومئ للمشاهد بل وتجزم أنها تشفيه من أمراض عضال؛ وأن منتجاتها متوافرة فقط من خلال الاتصال بالأرقام التالية؛ وهي الموجودة داخل الإعلان.
أما عدد الأمراض التي يمكن شفاؤها فهي كثيرة؛ مثل آلام العظام والمعدة و... إلخ؛ وكلها أمراض مزمنة ومنهكة للمريض؛ ولأن نسبة الأمية ليست بالقليلة؛ وأيضًا لقلة الوعي؛ نجد أن هناك كثيرين للغاية؛ يقعون ضحايا تلك الإعلانات المضللة.
أما لماذا الجزم بأنها مضللة؛ رغم إرفاق أنها حاصلةٌ على تصريح من وزارة الصحة؛ فلأنها متاحة فقط من خلال مندوبي شركات الإعلان؛ رغم أن المنطق يقول بتوفيرها في الصيدليات المنتشرة في كل أرجاء المعمورة.
ولكن لأنها غير سليمة؛ فكان من الطبيعي أن تُباع بهذا الشكل؛ وكأنها أشياء ممنوعة؛ وهذا ما كان يحدث بالفعل.
مناسبة ذلك المقال؛ هو القبض على صاحب إعلان الكركمين؛ والذي أعلنت نقابة الأطباء أنه ليس من أعضائها؛ كما ثبت بعد ورود بلاغات متعددة بشأنه؛ أنه يعمل دون ترخيص؛ وأفادت كل هذه البلاغات بأن وصفاته غير صحية، وأصابت مستخدميها إصابات بالغة وأضرت بصحتهم ضررًا شديدًا.
نثمن تمامًا قرار القبض عليه؛ ولكن للأسف أرى أن القرار لم يؤت ثماره؛ لأن إعلاناته ما زالت مستمرة حتى الآن؛ وذلك يعني استمرار النصب على الناس؛ فما قيمة القبض عليه؛ مع استمرار الإعلانات؛ حتى لو توقف البيع!
لأنه من المؤكد؛ أن هناك قطاعًا كبيرًا من المواطنين؛ خاصة البسطاء؛ ما زالوا يتعاطون أعشابه ظنًا منهم بجدوى شفائها؛ وهنا مكمن الخطورة؛ لا سيما مع انتشار الأمية كما ذكرت سابقا؛ سيستمر من اشتراها في تناولها؛ لأنه مازال يشاهد إعلاناتها مستمرة.
فحرصًا على صحة الناس؛ لا بد للبحث عن آلية فعالة لإيقاف تلك المهزلة على الفور؛ وحديث أن تلك القنوات ليست تحت الولاية القانونية؛ حديث مؤسف؛ لأنه يعرض حياة مواطنينا للخطر.
وما دون ذلك يقلل فعالية القبض عليه؛ الذي تم بغرض حماية الناس؛ وهذا ينقلنا بالتبعية لموضوع آخر في ذات السياق؛ وهو ماذا عن بقية المعلنين عن شفاء أمراض كثيرة؛ بنفس الطريقة؟
هل ننتظر ورود بلاغات مماثلة توضح تعرض حياة الناس للخطر حتى يتم التحرك؟
الأمر جد خطير للغاية؛ ويحتاج لتحرك عاجل وفعال؛ قبل استفحال الأمر؛ وخروجه عن السيطرة؛ لاسيما أن الوصول لهؤلاء المعلنين أمرٌ في غاية اليسر والسهولة؛ وإن لم يكن التحرك الآن؛ فمتى؟
والله من وراء القصد،،،
[email protected]