أمور بديهية يجب أن تكون حاضرة في أذهان الجميع أثناء الحديث عن العلاقات الدولية ما بين الدول بعضها البعض! بداية لا توجد صداقات أو عداوات دائمة بين الدول بعضها البعض، فالبعض قد يعتقد أن هناك صداقات دائمة بين دولة وأخرى أو على العكس عداوات دائمة وغاب عن ذهنهم أن ما يربط دولة بأخرى مصالح وليس مشاعر! فالدولة الصديقة اليوم قد تصبح ما بين عشية وضحاها عدوًا غدًا والعكس! فالردود الدبلوماسية والمواقف الدولية لا تؤخذ بظاهرها بل ببواطنها! ليس الأمر كذلك ما بين الدولة العربية والأجنبية بل ما بين الدول عامة عربية وأجنبية وبعضهما البعض، فالبعض قد ينتابه شعور بالأسى ويشعر أنه لم يفهم شيئا ويحكم على رؤساء الدول بالخيانة في مقابل رد فعل اتخذته دولة تجاه أخرى، فالعلاقات الدولية لا يوجد ما يسمى بعلاقات صديقة دائمة ولا عدائية دائمة إنما مصالح وإن حدثت خيانة لن تكون علنية بل تتم دائمًا في الخفاء يشعر البعض بنتائجها فقط ،كما يتذكر الجميع المشهد الذي جمع ما بين أغلب رؤساء الدول فيما بينهم رئيس دولة إسرائيل عقب حادث شارلي ديغول وموت بعض من المواطنين الفرنسيين برغم أن هذا لم يحدث عقب وفاة الآلاف من المواطنين ببورما يبلُغ عددهم 400 ألف مواطن!
فردود الأفعال القوية تجاه دولة ما سواء بالإيجاب أو بالسلب تُقاس بالمصالح وليس كما يظُن البعض بتعاطفهم مع الأرواح التي ذهبت بدون ذنب! فقد نجد تعاطف دولة مع أخرى تجاه حادث إرهابي يبدو بسيطًا ! وتجاهلها في نفس الوقت لحادث إرهابي جسيم لمجرد أنه لا يربطها مع تلك الدولة مصالح! أو إذا أبدت تعاطفها مع دولة قد يؤثر على دولة أخرى تتخذ موقفًا تجاه تلك الدولة! فالواقع يظهر لنا كم التجاهل من الدول الكبرى من جراء الانتهاكات التي تُرتكب في دولة يربطها معها مصالح سياسية في المقابل تُندد بارتكاب انتهاكات في بعض الدول التي لا ترتبط معها بمصالح اي لا توجد بينها وبين تلك الدول اي نوع من أنواع المصالح، وذلك يؤكد للعالم أن حقوق الإنسان ما هي إلا أداة ووسيلة للتدخل في شئون الدول والدليل على ذلك من أرض الواقع: إنكار إسرائيل وصف المناطق المحتلة على الضفة الغربية ومعاملة الفلسطنيين بما لا يتفق وأصول وقواعد القانون الدولي، ناهيك عن تجاهل الولايات المتحدة الأمريكية الانتهاكات التي لا حصر لها في كل من العراق وأفغانستان وسجن أبو غريب ومعتقل غوانتانامو وغيره، فمن يتمعن يجد أن الدول التي تزعم أنها تحترم حقوق الإنسان هي في الأصل دول استعمارية! فكما نعلم أن شعارات حقوق الإنسان تُستخدم بمثابة ذريعة للتدخل في شئون الدول الآخرى! فقد تجد دولة تنتفض بسبب حادث موت كلب! ولا تنتفض جراء تعذيب وقتل مواطنين أبرياء!
إذا تمعنا في الأمور الدولية ومواقف دول تجاه دول نعلم كيف تتم الأمور دوليًا! نعلم ألا تحكُمنا العواطف والمشاعر ولا نأخذ بظاهر الأمور ! ومن يتمعن في التاريخ ويقرأه جيدًا يعلم أن العلاقات الدولية ليست على وتيرة واحدة، فحُكم الشعوب على رؤسائها يكون بظاهر الأمور مع أن حقيقة الأمور تبدو في بواطنها وليست في ظاهرها!، فقد يبدو الأمر في الظاهر خيانة وفي حقيقة الأمر أقصى درجات الوطنية والعكس! لا شيء اسمه علاقة حب ومشاعر بين دولة مع دولة أخرى وإنما مصالح دولة مع أخرى حتى ولو كانت دولة عربية شقيقة! فالدولة الصديقة اليوم قد تصبح مُعادية غدًا والعكس!