نعلم جيدًا أن الاقتصاد الجزئي يهتم باقتصاد الفرد والشركة والعلاقة بين العرض والطلب وتحديد الأسعار والإنتاج، بينما يهتم الاقتصاد الكلي بالاقتصاد الشامل للدولة ودراسة المتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر على الأداء الاقتصادي على مستوى الدولة، ولكن يتداخل الجزئي والكلي في بعض الأحيان وذلك ما أؤمن به تمامًا..
نعم أنا أؤمن بأن اقتصاد الدول هو قائم على نجاح الكيانات الاقتصادية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر مع قيادة مايسترو من مسئولي الدولة وخلق بيئة استثمارية مميزة وذلك جزء من مسئولية الدولة حتى تصل الدول لمصاف الكبار اقتصاديًا.
في عام 2017 م كنت قد اخترت ألمانيا (الاقتصاد الأول في أوروبا والرابع عالميًا) أن تكون محطة بدايتي في البيزنس في أوروبا؛ حيث اخترت الدخول من الباب الكبير؛ حيث الشروط الأصعب والدقة المتناهية في الإجراءات.
عند تأسيس الشركة ذكرت لي المحامية أنه سيكون هناك مقابلة مع هيئة تسمى الهيئة الاقتصادية العليا لمناقشة وتقييم خطة العمل للبيزنس وتقييم قدراتي العملية وخبرتي وهل أنا قادر على إدارة ذلك البيزنس أم لا؟
نعم هناك هيئة اقتصادية عٌليا تسأل أسئلة واضحة لكل مشروع جديد وتناقش خطة العمل وتقيم خبرة من يقوم بإدارة المشروع يهتمون جيدًا بأي كيان جديد سيتم إنشاؤه على الأرض الألمانية ويعلمون جيدًا أن كيانًا جديدًا ناجحًا يضاف على الكيانات الأخرى أفضل من 10 كيانات جديدة تفشل؛ لذلك لابد من مناقشة خطة العمل وتقييم كل شيء بدقة.
تعلمت منهم سرًا خطيرًا من أسرار نجاح ألمانيا اقتصاديًا.. أنهم يسألون سؤالًا محددًا قبل إنشاء أي مشروع أو الدخول في أي استثمار وهو (ليه ؟؟؟) أو لماذا باللغة العربية الفصحى؛ حيث معرفتي الجيدة بأهداف وأسباب أي مشروع جديد تساعدني على إنجاحه.
ربطت تلك التجربة بهدف الصادرات المصرية الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات وهو ما يعتمد أساسًا على قوة الصناعة وقوة تسويقها عالميًا وتخيلت وجود هيئة اقتصادية عليا مسئولة عن تطوير الصناعة المصرية وتطوير قطاعات بعينها لتصبح قائد سوق حتى نتمكن من عمل سمعة عالمية لمنتجاتنا المصرية.
تلك الهيئة من وجهة نظري ستضع نقطة وتبدأ من أول السطر؛ حيث إن كل مصنع جديد وكل رخصة صناعية جديدة يجب أن تقدم خطة عمل مع توضيح أسباب إنشاء المصنع وهو مبدأ ليه؟ بتاع الألمان.. وسيتم مناقشة الخطة وتعديلها وتطويرها ليكون المصنع إضافة قوية لصناعة هذا البلد أما أن تقدم منتجًا عالميًا بمواصفات منافسة دوليًا وسعر منافس أو ستقدم منتجًا محليًا يحل محل منتج مستورد، ويقلل عجز ميزان المدفوعات التجاري أو سيصنع مدخلات الإنتاج لصناعة نتميز بها عالميًا.. وستتابع تلك الهيئة مدى التزام المٌصنع بتلك الخطة ونجاحها وبذلك رفعنا نسبة نجاح المشاريع الصناعية الجديدة.
وتقوم أيضًا تلك الهيئة على مراحل بتقييم كل المشاريع الصناعية القديمة ودعمها وتطويرها وتوجيهها للوصول لكيانات ناجحه مختلفة في قطاع الصناعة وتلعب أيضًا لعبة المايسترو في تخطيط الإحلال المحلي للمنتج المستورد و السيطرة بمنتجات أخرى على أسواق قريبة منا تستفيد بالسعر المنافس وأسواق أخرى تخطط لغزوها بمنتج عالي الجودة وبسعر منافس وبأذواق مناسبة.. إلخ
أعتقد أن مصر في خلال خمس سنوات تستطيع أن تكون (ألمانيا) صناعيًا فالدولة تدعم وتساند ذلك، وتقوم بإنشاء مجمعات صناعية وتقدم كل ما في وسعها، ولكني أعتقد أننا نحتاج وبشدة إلى هيئة اقتصادية عليا لتضع النقطة وتبدأ من أول السطر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* خبير اقتصاد دولي