Close ad

بعد مقتل زعيمه إبراهيم القرشى.. السيناريوهات المتوقعة لمستقبل تنظيم «داعش» الإرهابى

22-2-2022 | 16:59
بعد مقتل زعيمه إبراهيم القرشى السيناريوهات المتوقعة لمستقبل تنظيم ;داعش; الإرهابىعناصر من تنظيم داعش الإرهابي
أحمد إسماعيل
الأهرام العربي نقلاً عن

تعامل تنظيم "داعش"، مع مقتل زعيمه أبو إبراهيم الهاشمى القرشى، وفق نهج أقرب إلى التجاهل، على عكس ما حدث مع مقتل زعيمه السابق أبى بكر البغدادى، الذى فرض تداعيات عديدة على التنظيم، سواء على مستوى بنيته الداخلية، وموقع بعض الأفرع داخلها، أم على مستوى الإستراتيجية التى يتبعها التنظيم، وتكتيكاته القتالية، ونشاطه الإعلامى، حيث لم يصدر بشكل رسمى عن التنظيم، أى تأكيد أو نفى لعملية تصفية القرشى.

موضوعات مقترحة

وفق دراسة حديثة صادرة، عن مركز «الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية»، أكد أحمد كامل البحيرى، الباحث المتخصص فى شئون الإرهاب، أنه ومنذ أن تم الإعلان عن مقتل القرشى، تمكن تنظيم "داعش" من تنفيذ 12 عملية إرهابية، شملت بعض أفرع التنظيم داخل عدد من دول الإقليم، حيث أعلن التنظيم عن تنفيذ 5 عمليات إرهابية، عبر فرعه فى غرب إفريقيا، شملت دولتى نيجيريا والنيجر، بالإضافة إلى ثلاث عمليات إرهابية نفذها التنظيم، عبر فرعه فى وسط إفريقيا، شملت دولتى الكونغو وموزمبيق، وعمليتين إرهابيتين نفذهما التنظيم فى أفغانستان - عبر فرعه "تنظيم خراسان" - إلى جانب عملية إرهابية فى العراق، وأخرى فى سوريا، ضد ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" - قسد - حيث أسفر مجمل تلك العمليات الإرهابية، التى وقعت بالدول السبع، عن مقتل وإصابة ما يقرب من 57 شخصا، الأمر الذى يطرح عدة تساؤلات مهمة: منها ماذا يعنى مقتل أبو إبراهيم الهاشمى القرشى؟ وما مدى تأثيره على قوة التنظيم ونشاطه؟ وما مصير تنظيم داعش الإرهابى خلال الأيام المقبلة؟ ومن قائد التنظيم المنتظر؟

بداية تحدث آدم أمازيغى، الخبير الأمنى والعسكرى، قائلا: لقد تقابلت مع أمير محمد سعيد عبد الرحمن عبد المولى، والملقب بأبو إبراهيم الهاشمى القرشى، عام 2005، ولم يكن له كنية وقتها، فهو كان ضمن المحبوسين فى سجن أبوغريب، عندما قبض عليه الأمريكان أثناء اجتياحهم للعراق ضمن عناصر تنظيم القاعدة، وكان من ضمن الأشخاص الذين تم تسليمهم لشركة البلاك ووتر، للتحقيق معه، وكنت أنا وقتها من ضمن المتعاقدين الأمنيين مع الشركة، وحضرت التحقيق معه كمترجم، وهو كان يعد وقتها من قيادات الصف الثالث، ولم تكن له أهمية كبرى وقتها، وظل بالحبس لمدة سنة ونصف السنة، ثم أطلق سراحه، وظهر من التحقيقات أنه تم استقطابه، فهو لم يكن لديه أى قناعات فكرية وأيديولوجية بنسبة 100%، فهو كان مجرد محب للفكرة، وأراد أن يخوض التجربة، فهو لم ينضم لتنظيم القاعدة وقتها حبا فى الجهاد، إنما كان يعمل لصالح جهات معينة، فمعلوماته كانت سطحية وبسيطة، حتى إن إجاباته عن أسئلة المحققين كان أبلغها بلهاء، ولم تكن له أى قدرة على التأثير، على أى من الأشخاص المحتجزين معه، وهذا تأكد طوال فترة مراقبته فى علاقاته مع أقرانه فى السجن، حتى آراؤه كانت تختلف عن فكر تنظيم القاعدة.

وأضاف أمازيغى: يجب العلم أن عناصر أى تنظيم جهادى، سواء القاعدة، أم داعش، هم مجرد أوراق لعب فى يد دول إقليمية، تسيطر على أماكن عديدة فى سوريا والعراق، وتستغلهم فى تحقيق أهدافها، وفى النهاية تسلم قيادات هذه الجماعات إلى أمريكا، حسب الطلب، فهى من ترشد عنهم، وحسب مقولة "لكل رئيس أمريكى حربه"، فنجد أن أوباما قتل أسامة بن لادن، وترامب قام بتصفية أبوبكر البغدادى، والآن بايدن قام بتصفية القرشى»، وذلك لأنه مقبل على انتخابات فى مسرحية رديئة الإخراج، فهو لم يتحدث سوى دقيقتين وأربعين ثانية، ثم ترك مستشاريه للإجابة عن أسئلة الصحفيين.

وقال: لا أعتقد أن تصفية زعيم داعش، ستؤثر كثيرا على التنظيم، خصوصا أنه يعمل فى شكل خلايا عنقودية، تقوم بعملياتها دون الرجوع للقيادة العليا فى التنظيم، وهناك خلاف دائر الآن لاختيار القائد الجديد، فهناك من يطالب ألا تخرج جنسية الزعيم الجديد عن الشام والعراق، والبعض يقول إن الجنسية عالمية، باعتبار عالمية الجهاد والفكرة، لكن فى الأغلب سيكون تونسيا، لذا يتم حاليا الإعداد لظهور تنظيم جديد بديلا لداعش، لكنها مسألة وقت، وهو سيختلف فى الشكل التنظيمى والهيكلى، وسيكون فى نفس مناطق العمليات فى سوريا والعراق بالدرجة الأولى، وشمال إفريقيا بالدرجة الثانية، وجنوب أوروبا بالدرجة الثالثة، والآن يدور جدل كبير بين الأمراء التوانسة والليبيين، وما تبقى منهم فى سوريا والعراق، حول مسألة القيادة وطريقتها، وشكل النهج الجديد.

أما يحيى حرب، المحلل السياسى اللبنانى، فيرى أن السؤال عن مصير التنظيم الإرهابى الشهير، بات أكثر دلالة بمعانيه السياسية والتنظيمية بعد الإعلان عن مقتل خليفته أبو بكر البغدادى، "إبراهيم عواد البدرى"، فى 27 أكتوبر 2019، فى قرية باريشا بمحافظة إدلب السورية، ولم يكن إبراهيم القرشى بمكانة البغدادى، لا من حيث الكاريزما الشخصية ولا الدور، حتى على المستوى التنظيمى الداخلى، إذ لم يكن القرشى معروفا بقدراته القيادية أو التخطيط الإستراتيجى، بل كان رجلا أمنيا فى الأساس، وهذه الصفة زادته تهميشا بعد مقتله، إذ بدا عاجزا عن الحفاظ على أمنه الشخصى، وطالته اليد الأمريكية بسهولة فى بلدة أطمة، غير البعيدة عن باريشا التى قتل فيها البغدادى، فى ريف إدلب السورية، ولن يكون من السهل على أى خليفة جديد، إذا ما أعلن نفسه بهذه الصفة، أن يحظى بالولاية الكاملة على عناصره، خصوصا أن التنظيم تحول منذ مقتل البغدادى، وخسارة جغرافيا الإمارة، إلى تنظيم عنقودى، وخلايا غير مترابطة مركزية فى أغلب الأحيان، أى عبارة عن مجموعات تخضع لإمرة قادة أصغر قيمة وأقل نفوذا، منتشرة فى أماكن غير متواصلة حتى على مستوى التمويل والتخطيط العسكرى.

وكان القرشى قد أنشأ، بمجرد توليه القيادة، لجنة قيادية إلى جانب مجلس الشورى، بالإضافة إلى جهاز أمن سماه قوات النخبة، وضمن الغطاء الهرمى للتنظيم، انقسمت القيادة إلى 4 مجالس: المجلس العسكرى، والمجلس الشرعى، والمجلس الأمنى، بالإضافة إلى المجلس الإعلامى.

وأضاف حرب: أما الدائرة الضيقة التى كانت تحيط بالقرشى، وتمسك بزمام القرار داخل التنظيم، فضمت كلا من جمعة عواد البدرى "شقيق البغدادى"، وأبى حمزة القرشى، "الناطق الرسمى باسم التنظيم"، وأبى محمد المصرى، وأبى هاشم الجزراوى، ونايف حمد شياع، وأبى سعد الليبى.

ولا شك أن الأنظار تتجه الآن إلى من سيتولى قيادة داعش بعد القرشى، إذ ليس من السهل توقع ما سيقدم عليه التنظيم، الذى كان لغزا محيرا سواء فى نشأته، أم انتشاره أم القوى التى وقفت خلفه، كما لا يزال محط أسئلة وقراءات مختلفة، فى قدرته على الاحتفاظ بقدراته المالية والتنظيمية، والاتصال الخارجى واستقطاب عناصر جديدة.

وتابع: إذا كان لا بد من القياس، على ما هو معروف عند العصابات والتنظيمات السرية الأخرى، التى تحاكى أنشطة المافيا العالمية فى إدارة شئونها، فإننا نخلص إلى السيناريوهات التالية:

الاحتمال الأول، أن يكون هذا التنظيم قد استعد لمثل هذه الساعة، وعين بديلا لخليفته، فى حالات الطوارئ، وهذا ما حصل بعد مقتل البغدادى، الذى كان قد استخلف أبو إبراهيم القرشى من بعده، فإن التنظيم تأخر فى إعلان البديل، وهو ما يجب أن يقوم به على الفور، للحفاظ على تماسك أطرافه، وإظهار قدر من القوة والسيطرة على الموقف، واستيعاب الضربة مها بلغت قسوتها، فإن عدم الإعلان عن خليفة للقرشى، يمكن أن يعزى إلى تقصير التنظيم فى تسميته، وهو مؤشر على حالة الارتباك وضعف القدرة التنظيمية، أو إلى وجود خلافات عميقة داخل النخبة القيادية، حالت دون الاتفاق على وريث يحظى بالثقة والإجماع!! وفى أحسن الحالات يمكن أن نرجع ذلك إلى ضرورات لوجستية، لأخذ البيعة للخليفة الجديد، وصعوبات التواصل الإعلامى.

أما الاحتمال الثانى، فأن يتوسع التنظيم فى اعتماد اللامركزية التنظيمية، بحيث يخلص إلى استنتاجات حاسمة بعدم قدرته على حماية مؤسساته وقيادته، وبالتالى قد لا يعود الى الشكل الهرمى المعروف فى التنظيم، ويستبدل ذلك بإعطاء المزيد من الحرية لأذرعه التنظيمية، بحيث نكون أمام أسماء جديدة لخلفاء أو نواب خليفة فى ولايات لا يربط بينها رابط تنظيمى، بل عقيدة إرهابية متطرفة وأهداف غامضة، وقد سبق أن سمعنا بمثل ذلك فى المناطق الساخنة: كـ"ولاية خراسان" فى أفغانستان، و"ولاية غرب إفريقيا" فى الساحل الإفريقى.

والاحتمال أو السيناريو الثالث، أن يختفى التنظيم ويضمحل تدريجيا، بسبب الصعوبات التى يواجهها، أو الخلافات التى تعصف بالنخبة القيادية، وغياب الشخصية الكاريزمية القادرة على توحيد هذه العناصر وأغلبها من الصف الثاني، ذات الطموحات الفردية العالية، بعد مقتل جميع أو الأغلبية الساحقة من عناصر الصف الأول، أو التأسيسى فى التنظيم.

وأوضح أنه من بين الأسماء الأكثر تداولا لتسلم القيادة، يبرز اسم شقيق أبو بكر البغدادى جمعة البدرى رئيس مجلس شورى التنظيم، ووالى الأنبار أبو سليمان المراوى، الذى يشرف على العمليات فى سوريا والعراق، وهى أكثر الولايات أهمية فى التنظيم، فيما يبقى والى كركوك "أبو الإثراء" أقل القادة حظا. ويعتقد بعض المتابعين بأهمية مسئول الإدارة العامة للتنظيم أبو الحارث العراقى الذى يرجح أن القرشى أرسله إلى أفغانستان، لثقته به مع بدء الحديث عن الانسحاب الأمريكى منها، وهو ما يفسر النشاط الملحوظ للتنظيم هناك.

وأضاف: لا شك أن التنظيم كثف عملياته فى الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر، دون أن يغير ذلك الصورة التى باتت فى أذهان المراقبين، وخبراء الجماعات الإرهابية، فقد تراجع أنصار التنظيم إلى ما بين 4 و6 آلاف مقاتل، لا يمكنه تجميعهم فى نقطة واحدة، كما كان يفعل فى السابق، بل هم مشتتون فى مناطق نائية فى سوريا والعراق، مما يضعف من تأثيرهم، أو إمكانية تغيير واسع فى قواعد الاشتباك الراهنة، فإن العقدة الأكبر التى يعانيها التنظيم هو اختراق المستوى القيادى فيه على الصعيد الأمنى، بحيث لا تجد المخابرات الأمريكية صعوبة فى الوصول إلى قادته، بل إن العملية الأخيرة نسبت إلى جهاز الأمن العراقى، الذى زود الأمريكيين بالمعلومات التفصيلية عن مكان إقامة القرشى، الذى لم يكن يتنقل أو يخرج من مخبئه.

ورأى حرب، أن المنطقة ستبقى عرضة للهزات الأمنية، ونشاطات الجماعات الإرهابية، مهما تضاءلت قدرتها، لسببين أساسيين: الأول وجود عدد كبير من الإرهابيين الأجانب، الذين لا يريد أحد أن يستقبلهم فى أراضيه، والثانى أن تنظيم داعش قابل للاختراق والاستغلال من قبل جهات عدة من اللاعبين الأساسيين، على مسرح بلاد الشام، والشرق الأوسط، يضاف ذلك إلى الوضع السياسى غير المستقر لمعظم دول المنطقة، وضعف أجهزة الدولة أمام الصراعات السياسية والمذهبية والعرقية، وهو ما يساعد على ظهور هذه الجماعات واحتمائها بالانقسامات القائمة.

ويؤكد د. محمد خالد الشاكر، رئيس التيار العربى المستقل، أن نشاط التنظيم مرتبط ارتباطا عضويا بحالة عدم الاستقرار فى سوريا والمنطقة ككل، فمن المعروف أن جميع التنظيمات الجهادية تولد فى الفراغ، وهى تاريخيا تستغل الأوضاع الاقتصادية المتردية وعدم الاستقرار السياسى وانتشار الجهل والفساد، لذا تعد سوريا الآن أرضا خصبة لولادات جديدة من أجيال داعش، فالتجاذبات الحادة بين القوى الدولية والقوى الإقليمية والقوى المحلية السورية، ما زالت تعيش فى حالة الاستعصاء الحاد، الذى يؤهل داعش لأن يكون شركة مساهمة لكل هذه الأطراف.

وبالرغم من أن داعش اليوم يمتلك جغرافيا هشة، إلا إنه تمكنه من لعب دوره من خلال الجيل الرابع للحركات الجهادية، وهو جيل الذئاب المنفردة، أو الخلايا المتشكلة والمنحلة فى ذات الوقت، والحل يكمن فى تجفيف منابع هذا التنظيم، والعمل على إيجاد حل سياسى للمشكلات العالقة ليس فى سوريا فقط، وإنما فى المنطقة كلها، وتكريس الجهود لمواجهة التطرف الفكري، وكما قيل "إذا أردت أن تقضى على البعوض فعليك بتجفيف المستنقعات".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة