لا أستطيع أن أصف بالتحديد الشعور الذي انتابني عندما شاهدت واقعة عريس الإسماعيلية الذي ضرب عروسه في الشارع أمام الجميع.
بعض من الإهانة، بعض من التعاطف، لكن الأكثر سيطرة كان الشعور بالغضب من المجتمع الذي يرضى بذلك، بل ويشجع عليه، فتلك ليست حادثة فردية، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، زوجة يضربها زوجها ويعذبها بالكهرباء، وحين كانت تلجأ لوالدها كان يضربها ويعيدها إلى الزوج قائلًا إن هذا أمر "عادي".
غضب من الإعلام، الذي تغافل عن تلك الكارثة، مقارنة بآخر اهتم بماكياج العروس الذي لم يتأثر، أو يدعو إلى ترك الزوجين يحلان مشاكلهما معًا.
غضب من نواب مجلس الشعب، الذي يمكنهم أن يتقدموا باستجوابات، ويطرحوا قوانين، تلك القوانين التي تحفظ للإنسان حقه مهما كان جنسه أو سنه في كل بلاد العالم، حتى تصل أحيانًا إلى محاسبة الأهل على تسرب أطفالهم من التعليم، أو الحرمان من الأبناء في حالات العنف الأسري، وذلك طبعًا في مجتمعات أخرى يحفظ فيها القانون كرامة الإنسان.
غضب من المحامين الذين يهتمون بمشهد في فيلم أو فستان غير لائق من وجهة نظرهم ليرفعوا قضايا ويثيروا المجتمع ضده، لكن طبعًا لأنهم ينتمون لنفس الفكر المتخلف والمريض سيتجاهلون الموقف، مع أن الدفاع عن صورة المجتمع والدولة في زمن تهتم فيه الدولة بالمرأة سيحقق لهم شهرة ومكاسب أيضًا.
أما المهتمون بحقوق الإنسان، وعلى رأسهم المجلس القومي لحقوق الإنسان، وبرغم علمي إنه لا يمتلك قوة التنفيذ، فإني أنتظر منه أن يتحرك ولا يكل أو يمل حتى تتم خطوة واضحة تحفظ للمرأة كرامتها وحقها في أن تكون إنسانًا له نفس الحقوق في عدم التعدي عليه بدنيًا، وألا يمارس ضدها أي شكل من أشكال التعذيب؛ سواء من أب أو زوج أو أخ.
أما أملي الكبير ففي القوى الناعمة المتمثلة في الأعمال الدرامية؛ سواء كانت مسلسلًا تليفزيونيًا أو فيلمُا سينمائيًا، كما فعل من قبل الفنان الكبير فريد شوقي؛ حيث قدم عن قصة حقيقية فيلم "جعلوني مجرمًا" عام 1954 عن أطفال الإصلاحيات، وقد صدر عقب عرض الفيلم قانون ينص على عدم تسجيل السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية؛ حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة، كذلك فيلم "كلمة شرف" الذي عُرض عام 1973، وبعد عرضه تم تعديل القانون كي يسمح للسجين بالخروج بضوابط معينة.