لقد استطاعت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية أن تحقق عدة نجاحات ملموسة ومؤثرة على مستوى المجالات التي تتماس بالمسار التنموي وبناء الدولة بناء قويمًا يشمل مناحي الحياة كافة، وشهدت مصر طفرة حقيقية في قطاعات مختلفة كالصحة والتعليم والصناعات والإنتاج الزراعي، وكان لابد من تخطيط منهجي يراعي هدف الاستمرار في طريق التنمية وصولا للمنافسة وتحقيق أرقام جدية وفارقة سواء في تجاوز مشكلات قديمة أو الارتقاء بالمؤشرات الاقتصادية، ومن ملامح هذا التخطيط الجاد والمتميز كان الاهتمام الكبير بمجال الطرق والكباري، حيث رُفعت كفاءة الطرق القديمة بأكملها فضلا عن بناء مجتمعات عمرانية وإنشاء طرق أخرى للربط بين المحافظات، مما انعكس على ترتيب مصر العالمي في مؤشر جودة الطرق.
وقد تم تنفيذ خطة شاملة لتطوير الطرق والسكة الحديد ووضع الموانئ المصرية على الخريطة العالمية، فبعد أن كان المشروع القومي للطرق حبيس الأدراج في السنوات والعقود السابقة الماضية، تحمل الرئيس السيسي مسئولية البلاد وفي عقله وضميره هذا الإصرار على تغيير خارطة العمل نحو البناء الجاد ووضع مصر على الطريق الصحيح ومكانتها المستحقة بين الأمم، فبدأ المشروع في منتصف 2014، لتقفز مصر للمركز الـ28 في مؤشر جودة الطرق، متقدمة 90 مركزًا مقارنة بالأعوام السابقة بعد أن كانت في المركز الـ 118 عام 2014، وفقًا لتقارير التنافسية العالمية.
وأسهم هذا التطور الكبير والإصلاح الهائل في مجال الطرق بمصر في أن تحقق مصر تقدمًا سريعًا في الاستثمار، حيث احتلت الدولة مركز الصدارة على صعيد القارة الإفريقية كأكبر دولة مستقلة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال 2019، وفق تقرير التنمية الدولي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، كما ذكر تقرير "آفاق سياسات الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" أن مصر من أهم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي قامت بتجديد الإطار المؤسسي لتشجيع وتيسير إجراءات الاستثمار، ولم يكن لتتحقق هذه الطفرة لولا التأسيس الجيد والمدروس والعمل المتواصل وتوجيهات القيادة السياسية الحازمة بوضع مدى زمني محدد يتم خلاله الانتهاء من كل مشروع في الطرق وبالمواصفات العالمية، ليرتفع المؤشر الخاص بجودة الطرق وقد جرى تطوير وصيانة ورفع كفاءة شبكة الطرق الحالية بإجمالي 5000 كيلو متر، في المشروع الذي يتضمن إنشاء 7000 كيلومتر طرق جديدة، بينها 2600 كيلو في الصعيد، ليبلغ إجمالي شبكة الطرق في مصر 30 ألف كيلومتر، بينها 12 ألفًا و600 كيلومتر في الصعيد، وساهمت مشروعات الطرق في انخفاض عدد الحوادث وبالتالي انخفاض عدد الوفيات فضلا عن انخفاض عدد الإصابات.
وفي سياق الاهتمام البارز الذي لمسه المصريون والمستثمرون في قطاع الطرق تم تطوير عدد كبير من الطرق في طفرة أدهشت الجميع، فما من مصري أو أجنبي له عمل أو دراسة أو سياحة في مصر إلا وأشاد بهذا التغير الحضاري المتسق مع تطلعات الدولة، ومن تلك الطرق المطورة طريق الصعيد الصحراوي الغربي في المسافة من القاهرة حتى المنيا بطول 230 كم بتكلفة إجمالية 7 مليارات جنيه، وتطوير طريق الصعيد – البحر الأحمر "سوهاج – سفاجا" بطول 180 كيلومترًا وتكلفة مليار جنيه، وتطوير طريق وادي النطرون – العلمين بطول 135 كم وتكلفة 192 مليون جنيه، وإنشاء طريق الخدمة بطريق القاهرة – السويس في المسافة من الطريق الدائري الإقليمي حتى الطريق الدائري بطول 37 كم وتكلفة 930 مليون جنيه، وإنشاء طريق شبرا – بنها الحر بطول 40 كم وتكلفة 3,5 مليار جنيه، وإنشاء القوس الشمالي من الطريق الدائري الإقليمي بطول 90 كم وتكلفة 8 مليارات جنيه، وإنشاء طريق الجلالة بطول 82 كم وتكلفة 4,5 مليار جنيه، وإنشاء الطريق الدائري الأوسطي بطول 156 كم وتكلفة 5 مليارات جنيه، وتطوير طريق السويس/ الإسماعيلية "المعاهدة" بطول 80 كم وتكلفة 1,5 مليار جنيه، وتطوير طريق الصعيد الصحراوي الغربي في المسافة من المنيا حتى ديروط بطول 52 كم والمسافة من السباعية – إدفو – أسوان – توشكى بطول 344 كم بتكلفة إجمالية 8 مليارات جنيه، وفي محاور النيل تم تنفيذ 11 محورًا "طلخا – بنها – الخطاطبة – تحيا مصر (محور روض الفرج) – بني مزار – طما – جرجا – عدلي منصور – سمالوط – قوص – كلابشة" بتكلفة 14 مليار جنيه، ورصف طريق دهب / نويبع «المرحلتين 2،1» بطول 50 كم بتكلفة 100 مليون جنيه، وتطوير الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى بطول 106 كم بتكلفة 10,4 مليار جنيه.
وهذه فقط مجرد أمثلة من نماذج للطرق تم تطويرها فضلا عن الطرق المنشأة، والتي أسهمت بشكل كبير في تغيير الحياة الاقتصادية على المستوى الداخلي فيما يتعلق بإيجاد امتدادات جديدة وتوصيلات تصل إلى مئات وآلاف الكيلو مترات يسرت حركة نقل المنتجات والبضائع المختلفة ومواد البناء وغيرها عبر المدن والمحافظات ومن مكان المنشأ إلى التوزيع، وكذلك على المستوى الخارجي بالتأسيس المنظم لاستقبال الاستثمارات الخارجية في مصر، وأيضًا على المستوى الاجتماعي وتقليل الكثافات المرورية وتنظيم شوارع وطرق مصر التي كانت مكدسة في عهود سابقة ليجد المواطن مساحة وبراحًا في تحركه إلى العمل أو عبر تحركاته المختلفة..
ليثبت قطاع الطرق ضمن عدد من مجالات عدة شهدت هذه النقلة النوعية أن الدولة عازمة على الاستمرار في سعيها الجاد لسباق الزمن وتبوأ المكانة اللائقة بتاريخها وحضارتها وسط عالم متسارع لا تتوقف فيها ماكينات العمل والإنتاج والتنافس لارتياد آفاق مستقبلية أفضل وأرقى.