لماذا نجادل اليوم في رجل يريد تربية زوجته وإجبارها على طاعته واحترامه والخوف منه؟ ومن الذي يمنع الزوج عن ضرب زوجته؟
- هل ننسى أنه لابد من كسر ضلوع البنت في بيت أبيها، ثم إعادة كسر نفس الضلوع وربما الرقبة في بيت زوجها، وكذلك تستقيم الحياة وتستقر الأسر ولا تخرب البيوت على رأس قاطنيها؟!
الرجولة هي الشدة على الزوجة وكسر رأسها إذا لم تكن مطيعة للزوج أو لأمه أو شذت أو حتى لم تشذ عن السياق الأسري والاجتماعي، فهذه هي الوظيفة الأسمى للرجل الذي قد يكون منحرفًا أو فاسدًا أو عاطلًا يعيش عالة عليها، أو هو نفسه عديم الأدب، لكنه بالشرع والقانون مخولًا بتربية غيره وإلا فكيف يثبت رجولته المهدرة؟
- في العقود الأخيرة بمصر تحديدًا بعد السبعينيات والثمانينيات وبرجوع العمالة التي تم تصديرها لبلاد مختلفة الحضارة والهوية (أو معدومتها) ثم استيراد أفكار هذه المجتمعات عن الحياة والدين والمجتمع والنساء فتبدل الحال، وتغير الرجال والنساء والأخلاق، وللأسف الهوية! ووجدنا الكثير من العمالة بسيطة التعليم عميقة الشعور بالقهر تتحدث في الدين الذي تعلموه في رحلة عملهم وعودتهم بوضع اقتصادي واجتماعي أفضل بين ذويهم الأبسط منهم، فأصبح الحلال هو مظهرهم والحرام هو كل ما يخيفهم!!
الحلال ما تعلموه في بلدان البدو، والحرام ما يصعب عليهم، العلم لا يعنيهم والعلماء يتم تقييمهم دينيًا، الفن حرام والفنانين حطب جهنم بالطبع، النساء فتنة وقهر النساء تدين، الرجولة والتدين مظاهر تعالج الوجع الدفين بالقهر والدونية، والدين ومشايخه الجدد وأدواتهم من خُطب في مساجد وزوايا ودروس في المنازل والجامعات وحتى في المقاهي، وأشرطة كاسيت، وكتب ومحاضرات وندوات ومؤخرًا من تليفزيون وجمعيات وجماعات، والهدف الوحيد هو الخراب، خراب المجتمع وخراب الدين ثم خراب الدول.
أصبحت مؤسسة الزواج التي كانت للسكن والسكينة وراحة البال كما نرى الآن، للإهانة وللضرب وأحيانًا للأسف للقتل! هذا إذا استمرت المؤسسة ولم تنهدم علي رأس ساكنيها بالطلاق الذي تصدرت مصر فيه كل دول العالم، ولا زلنا نجد من يؤول للناس أن استخدام أي عنف ضد النساء هو فعل شرعي (لا يعاقب عليه دينيًا بل يحث عليه الدين، كما يفسره أصحاب المصالح في تفريغ العقد النفسية ضد النساء؛ لأن كثيرين من العلماء الأجلاء يفسرون معنى الضرب في اللغة العربية وفي القرآن الكريم بتفسير مختلف عن المعنى العامي المتداول بدليل الآية الكريمة لسيدنا موسى أن اضرب بعصاك البحر - أي اقسم أو افصل).
وإذا كان الدين يحرض على العنف ضد النساء بالفعل، فالتطور الإنساني والإجتماعي ضد ذلك؛ بدليل معاقبة الزوج إذا ضرب زوجته وتطليقها منه للضرر، مع حفظ كافة حقوقها، وهذه أحد أقوى أسباب الطلاق للضرر.
وهناك أحكام عديدة تم تجريمها وردت في النصوص الدينية منها تجارة الرقيق وقطع يد السارق والجزية، وغير ذلك من الأحكام التي سقطت لعدم مناسبتها للتطور الإنساني والاجتماعي.
ألا يعلم المؤيدون لهذا السلوك الهمجي أن الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» لم يعتدِ على أي زوجة من زوجاته، فكيف يسمح الدين الذي ينهي المسلمين عن ضرب الحيوان أو إيذائه بضرب وإيذاء وإهانة النساء؟
- المعنى الحقيقي لكلام فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كان تجريم الضرب بشكل عام، وقال نصًا: "أتمنى أن أعيش حتى يصبح ضرب الإنسان العربي جريمة يعاقب فاعلها" ليس فقط المرأة أو الفتاة العربية.
فلماذا لا يخرج الآن بيان واضح من الأزهر الشريف بتحريم التعدي على الزوجات لفظًا أو ضربًا ويؤكد الكلام الذي صدر عن شيخ الأزهر والذي تم اجتزاؤه للأسف، ويتحدث كل رجال الدين في نفس القضية في كل المساجد والزوايا؟
ولماذا لا يغلظ القانون العقوبة على جريمة ضرب الزوجات أو حتى البنات، ويكفل لكل امرأة تعرضت للعنف المنزلي سُبل معيشة لائقة اجتماعيًا ونفسيًا واقتصاديًا، واقتصاديًا هنا هو الأهم، هو نقطة الضعف التي قد تجبر السيدات على البقاء مع زوج يهينهن ويضربهن وتتحمل من أجل أنها لن تستطع - إذا أبلغت عنه الشرطة أو تمكنت من الطلاق منه للضرر أو حتى خلعته - أن تنفق هي على الأسرة بشكل لائق، لذلك يضربها ويدعي تأديبها شخص عديم الأدب يمارس البلطجة على أهل بيته.
- اخترعت الحضارة القانون ليكون ميثاقًا للعلاقات بين الناس، وكما يعمل الرجل ألف حساب لعدم تعديه على زميله أو جاره أو مديره بالضرب مهما صدر منهم، يجب أن يتعامل مع المرأة بنفس المنطق، خاصة أن القانون قد كفل لها نفس الحق والحصانة ضد تعدي أي شخص عليها، حتى لو كان أبيها أو أخيها أو زوجها، واليوم لابد من تجريم الضرب في المنازل والشوارع والمدارس وتغليظ العقوبة على من يأتي بهذا الفعل، خاصة إذا استخدم قوته على من هو أضعف منه.
- اليوم كفاكم فضائح، كفاكم خراب، كفاكم همجية خربت على الناس حياتهم، وسهلت طريق الجريمة على نساء لم يحتملن الإساءة والتطاول والضرب.